بدا فوز الرئيس السابق، دونالد ترامب، في الانتخابات التمهيدية لـ«الحزب الجمهوري»، والتي بدأت «رسمياً»، أمس، في ولاية نيفادا، متوقعاً إلى حدّ كبير، وأنّ الديموقراطيين حسموا، منذ مدة طويلة، أنّ الأخير سينتزع، في نهاية المطاف، بطاقة الترشح عن حزبه بسهولة، ودأبوا على التعامل معه على أنّه الخصم المؤكد للرئيس الحالي، جو بايدن، في السباق القادم إلى البيت الأبيض. وبالفعل، انعكست هذه التوقعات بنيل ترامب أصوات عدد كبير من المندوبين حتى الآن، مقارنةً بمنافسِيه الذين سارعوا إلى الانسحاب واحداً تلو الآخر، فيما تبقى نيكي هايلي، التي تلقّت، الثلاثاء، «ضربة محرجة»، في نيفادا، مصرةً، في المدى المنظور أقلّه، على استئناف «السباق». وبالحديث عن نيفادا، يكادُ الأميركيون أنفسهم لا يفهمون «تعقيدات» النظام الانتخابي في تلك الولاية، والتي تعود بشكل كبير إلى خلافات بين «الحزب الجمهوري» والسلطات فيها. ففي عام 2021، أصدر حاكم الولاية السابق، الديموقراطي ستيف سيسولاك، قانوناً يقضي بتنظيم «تصويت تمهيدي»، يتيح، بشكل خاص، إمكانية إدلاء الناخبين بأصواتهم عبر البريد، بدلاً من الحضور شخصياً، وفي وقت محدد، إلى مراكز الاقتراع مع بطاقاتهم، كما يجري في انتخابات المجالس الحزبية التقليدية، والتي تشهدها الولاية منذ سنوات طويلة، أسوةً بسائر الولايات. على أنّ ترامب ومناصريه، المعروفين برفضهم التام لـ«التصويت عن بعد»، وربطه بـ«عمليات التزوير»، رفضوا المشاركة في الانتخابات بتلك الصورة، وظلّوا متمسكين بإجراء التصويت بشكله التقليدي. وعليه، شهدت الولاية، الثلاثاء، انتخابات لم يُدرج فيها اسم ترامب على لوائح الاقتراع، وخاضتها هايلي بالتالي «بلا أي منافسين»، فيما ظهر، في المقابل، اسم ترامب، أمس، خلال المجالس الانتخابية، من دون اسم منافسته.
بيد أنّه من المنظور القانوني، تعدّ انتخابات الثلاثاء التي خاضتها هايلي في نيفادا «شكلية»، إذ إنّ المجالس الانتخابية هي التي ستُحدّد، في النهاية، من سيحظى بدعم مندوبي الحزب الـ 26 في الولاية. أي بمعنى آخر، كان فوز ترامب في الولاية مضموناً، وسط اتهامات له من قبل غير المؤيدين له «بتحريف القوانين لمصلحته». وبالرغم من كونها «شكلية»، فقد أثارت الانتخابات التي شاركت فيها هايلي ضجة «وسخرية» واسعتَين، نظراً إلى أنّ المندوبة السابقة إلى الأمم المتحدة خسرت الانتخابات رغم عدم مشاركة ترامب فيها، بعدما صوّت الناخبون لخيار «لا أحد من هؤلاء المرشحين»، بنسبة 63.3%، مقابل 30.4% فقط لمن صوّتوا لهايلي. وبعدما مُنيت بخسارتَين في اقتراعَين سابقين أمام ترامب، في ولايتي أيوا ونيوهامبشر، وفيما تستعد لمواجهة خسارة أخرى محتملة، في وقت لاحق من هذا الشهر، في ولاية كارولاينا الجنوبية التي تنحدر منها، إلا أنّ هايلي أعلنت أنها لن تنسحب حالياً من الانتخابات التمهيدية.
محاكمة ترامب
على أنّ «زحمة» القضايا القانونية ضدّ ترامب تؤرّق، إلى حدّ ما، «الراحة» التي يخوض بها الأخير الانتخابات التمهيدية. ويتم بحث إحدى هذه القضايا أمام المحكمة العليا، الأسبوع الجاري، وهو الأسبوع نفسه الذي رفضت فيه محكمة الاستئناف التابعة لدائرة مقاطعة كولومبيا، والمؤلفة من ثلاثة قضاة، الثلاثاء، طلب ترامب الحصول على «حصانة جنائية»، باعتباره رئيساً سابقاً، مشيرة إلى أنه «يمكن ملاحقته قضائياً بتهم محاولة تغيير نتيجة انتخابات 2020». ومرة جديدة، ندد ترامب بقرار المحكمة، واصفاً إياه بـ«الكارثة على الأمة»، ولافتاً إلى أنّه «سيطعن فيه»، فيما علّقت محكمة الاستئناف، بدورها، الحكم حتى الاثنين، لإفساح المجال أمام الرئيس السابق للطعن أمام «المحكمة العليا الأميركية».
قانونياً، تعدّ الانتخابات التي خاضتها هايلي، الثلاثاء، في نيفادا «شكلية»
أمّا في ما يتعلق بمحاكمة يوم أمس، فقد أوردت صحيفة «بوليتيكو» تقريراً جاء فيه أنّ معرفة ما إذا كانت عودة ترامب إلى البيت الأبيض «قانونية» أو لا، مرتبطة بالآليّة التي يتم من خلالها تفسير جملتين كُتبتا «منذ أكثر من قرن ونصف قرن، عندما كانت الأمة الممزقة من الحرب الأهلية تسعى إلى التعافي». وتندرج «الجملتان» في الفقرة الثالثة من «التعديل الرابع عشر» في الدستور الأميركي، أو المعروف بـ«بند عدم الأهلية»، والذي يُستخدم، حالياً، لأول مرة ضد رئيس أميركي سابق. وتنص الفقرة المشار إليها على أنّه «لا يجوز لأيّ شخص أن يشغل منصباً حكومياً أو عسكرياً، وسبق له القسَم باحترام دستور الدولة، ثم اشترك بعد ذلك في أيّ تمرّد أو عصيان ضدّها، أو قدّم عوناً ومساعدة لأعدائها»، فيما يدور الجدل حول ما إذا كان ترامب قد ارتكب فعلاً مثل هذه الممارسات، وإذا ما كان بالإمكان محاكمته رغم أنه لم يكن يتولّى أي «منصب رسمي» عندما وقعت الأحداث المذكورة. وبعدما كانت محكمة ولاية كولورادو قد اتخذت قراراً بعدم أهلية ترامب للترشح في الانتخابات، على خلفية أحداث السادس من كانون الثاني 2021، يتوقع العديد من الخبراء القانونيين أنّ تلغي «المحكمة العليا»، المؤلفة من 6 قضاة، معظمهم من المحافظين (عيّن ترامب ثلاثة منهم)، قرار محكمة كولورادو، وتبقي اسم الرئيس السابق على ورقة الاقتراع.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية