آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » ترامب والصين.. قطيعة مع إرث الولاية الأولى؟

ترامب والصين.. قطيعة مع إرث الولاية الأولى؟

في استراتيجية الأمن القومي، التي أصدرها ترامب، نجد تحولاً كبيراً في النظرة الأميركية تجاه الصين. لقد أكدت تلك الاستراتيجيا أن الصين تشكّل تحدياً جيوسياسياً، وشددت على الحاجة إلى مواجهة توسعها.

 

في وقت انتظر العالم الخطاب الرئاسي الأميركي، كانت للصين حصة كبيرة من أحاديث الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، بحيث تفاخر في أنه فرض رسوماً جمركية كبيرة على الصين، خلال ولايته الأولى، وقال إن إدارته تناقش فرض رسوم جمركية 10% على السلع المستوردة من الصين، متهماً بأن “مادة الفنتانيل المخدّرة تُرسَل من هناك إلى المكسيك وكندا”.

وخلال حملة الانتخابات الأميركية، مدح دونالد ترامب الرئيس الصيني شي جين بينغ، ووصفه بأنه “ذكي، لامع، وكل شيء مثالي”. وقال إنه “لا يوجد أحد في هوليوود مثل هذا الرجل”.

وفي مناسبة أخرى، قال ترامب لمذيع البودكاست، جو روجان، في تشرين الأول/أكتوبر، من عام 2024: “إنه رجل لامع، سواء أعجبك ذلك أم لا. إنه يسيطر على 1.4 مليار شخص بقبضة من حديد”. وعندما قال روجان إن هذا لا يعني أن الرئيس الصيني ليس شريراً، ردّ ترامب بأن “لدينا أشخاصاً أشراراً في بلدنا”.

من دون شكّ، تطغى الدوافع الشخصية والأميركية القومية على تفسيرات ترامب للتهديد الصيني، الذي يجده الأميركيون التهديد الداهم والأكثر خطورة على نفوذ الولايات المتحدة الأميركية ومصالحها.

الدوافع الشخصية

إن وصف ترامب للمنافس الصيني بأنه “ذكي” و”لامع” هو جزء من محاولة تعزيز صورته رجلاً “خارقاً” وقادراً على الحصول على مكاسب و”هزيمة” أشخاص أذكياء وعباقرة، وليس مجرد أشخاص “شريرين”، كما كان التسويق الأميركي الدائم لمنافسي الولايات المتحدة.

 

عمد الرؤساء الأميركيون إلى تصوير المنافسين على أنهم “محور الشر”، كما وصف جورج بوش الابن العراق وإيران وكوريا الشمالية، أو أن هناك “محور الديكتاتورية والاستبداد” في مقابل “محور الديمقراطية”، كما حاول جو بايدن أن يصوّر الانقسام العالمي خلال فترة ولايته الرئاسية.

وفي إطار آخر، يسعى ترامب لتعزيز شعبيته الداخلية من خلال تلك الأوصاف، انطلاقاً من نظرية المفكّر الألماني النازي، كارل شميت، الذي قال إنه يجب على الزعيم، كي يحظى بالصدقية، أن يضع نفسه في إطار نقيض للتهديد المتشكّل في الوعي الاجتماعي والوعي السياسي للمجتمع. وبناءً عليه، يسوّق ترامب نفسه الشخص المثالي للأميركيين، والذي يوازي “الذكاء والعبقرية” للأعداء. وبالتالي، في موازاة هؤلاء “الأذكياء” لا يمكن لجو بايدن “النائم” وكامالا “المزيفة” – كما يصفهما ترامب – بأن ينافسا أو يتغلبا على شخصيات في مستوى ذكاء بوتين أو شي جين بينغ.

الدوافع المرتبطة بالمصلحة الأميركية

في استراتيجية الأمن القومي، التي أصدرها ترامب في ولايته الأولى، نجد تحولاً كبيراً في النظرة الأميركية تجاه الصين. لقد أكدت تلك الاستراتيجيا أن الصين تشكّل تحدياً جيوسياسياً أساسياً، وشددت على الحاجة إلى مواجهة توسعها، عسكرياً واقتصادياً. ورفضت الاستراتيجيا النهج السابق، متمثلاً بالتعامل مع الصين، كونها شريكاً محتملاً، وحددتها بدلاً من ذلك على أنها خصم عنيد.

وسلطت الاستراتيجيا الضوء على جهود الصين لإزاحة الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وتوسيع نموذجها الاقتصادي، الذي تقوده الدولة، وإعادة ترتيب المنطقة لمصلحتها. كما أشارت إلى استخدام الصين التحديث العسكري وعمليات النفوذ والاقتصاد الإكراهي، الذي تمارسه على الدول المجاورة.

لا يبدو، من خلال كلام ترامب الإجمالي – سواء خلال حملته الانتخابية أو خطاب القسَم – بشأن التهديدات العالمية، والنظرة إلى كيفية تعامل الولايات المتحدة معها، أنه سيستخدم الآليات نفسها والنظرة ذاتها بشأن التهديدات، كما حدث في فترته الأولى. لقد اكتسب ترامب خبرة خلال ثمانية أعوام، وأعلن رغبته في أن يكون رجل السلام بدلاً من رجل الحروب. وبالتالي، من المتوقع ألا يندفع ترامب تلقائياً إلى السياسات الحربية نفسها، التي اندفعت إليها إدارة جو بايدن.

من منظار آخر، حوّل الرؤساء الأميركيون – في وقت سابق – الصراع الاستراتيجي في العالم إلى صراع أيديولوجي خلال الحرب الباردة (الرأسمالية ضد الاشتراكية)، ووصفوا الاتحاد السوفياتي بأنه “إمبراطورية الشر”، وتمّ تحويل الصراعات، بعد انتهاء الثنائية القطبية، إلى صراعات “قيمية” مرتبطة بالواجب الأخلاقي الأميركي في مكافحة “محور الشر”، أو “محور الاستبداد”.

اليوم، لا يريد ترامب – الآتي من عالم الأعمال والتجارة – أن يضع إطاراً قيمياً للصراع، على نحو يفرض عليه وعلى إداراته الانجرار إلى تقسيم العالم عمودياً، بين “مَن معنا” و”مَن ضدنا”، وبالتالي تصبح المواجهة حتمية وضرورية، بينما يصبح التعاون أو التوصل إلى صفقة كأنه “خضوع للشرير”.

يريد ترامب أن يترك المجال مفتوحاً للولايات المتحدة للحصول على ما تريده من الصين من مكاسب، عبر فرض تعرفات جمركية، وعبر تعاون اقتصادي أو ضغوط تؤدي إلى أن تقدّم الصين منافع إلى الأميركيين يستفيدون منها، من دون أن يكون مضطراً إلى خلق نزاع الضرورة، بحسب التصورات القيمية والأخلاقية لمن سبقه من رؤساء.

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_الميادين

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تسليم الأسرى الصهاينة وسط غزة واستعراض قوة القسام يؤكدان الفشل «الإسرائيلي»

حسن حردان   مشاهد البهجة خيّمت على أجواء قطاع غزة وعمّت الفرحة في الشارع الفلسطيني، في وقت شهد فيه كيان الاحتلال ما يشبه الحداد والخيبة ...