عادت مسألة التطبيع بين المملكة العربيّة السعوديّة وبين كيان الاحتلال إلى الواجهة وبقوّةٍ بعد دخول الرئيس الأمريكيّ الجديد، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض في العشرين من الشهر الفائت، بالإضافة إلى توقيع اتفاق تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة (حماس) واتفاق وقف النار في لبنان، وسقوط نظام الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد، علمًا أنّ ترامب كان قد صرّح عشية دخوله إلى منصبه أنّ إدارته ستعمل على وقف الحروب لا المبادرة إليها، على حدّ تعبيره، وأثارت زيارة رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن جملةً من التوقعات حول المواضيع التي ستُطرح خلال اجتماعه بترامب غدًا الثلاثاء، أهمها التطبيع مع السعوديّة.
ووفقًا للمحللين الإسرائيليين، الذي يُرافقون نتنياهو في زيارته الرسميّة إلى العاصمة الأمريكيّة، علمًا أنّه أوّل زعيمٍ تتّم دعوته لزيارة البيت الأبيض في عهد الرئيس الجديد، فإنّ القضية الأساسيّة التي سيتّم تداولها بين الزعيميْن ستكون التطبيع مع السعوديّة، إذْ أنّ هذا الأمر، بحسب المصادر الأمريكيّة والإسرائيليّة سيدعم الاقتصاد الأمريكيّ بقيمة تريليون دولار من المملكة السعوديّة، بالإضافة إلى أنّ الاتفاق سيُساهِم إلى حدٍّ كبيرٍ في حصول ترامب على جائزة نوبل للسلام في أوسلو.
علاوة على ما ذُكِر آنفًا، واعتمادًا على مصادر سياسيّةٍ رفيعةٍ في كلٍّ من واشنطن وتل أبيب، فإنّ المبعوث الشخصيّ لترامب في منطقة الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، اجتمع الأسبوع الماضي في الرياض مع كبار المسؤولين بالمملكة واتفق معهم على نصٍّ معيّنٍ للإعلان عن التطبيع، وبعد ذلك وصل تل أبيب، دون أنْ يزور قطر والإمارات العربيّة المُتحدّة، واجتمع إلى رئيس الوزراء وأطلعه على النص الذي يطمح الأمريكيون إلى الإعلان عنه خلال زيارة نتنياهو إلى واشنطن، والذي يؤكِّد موافقة الدولتيْن على التطبيع بينهما برعايةٍ أمريكيّةٍ، على نسق اتفاقات أبراهام التي تمّ التوقيع عليها في العام 2020.
إلى ذلك، كشف خبير إسرائيلي الأسباب التي يرى أنها وراء إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إنهاء الحرب في قطاع غزة، وعلاقة ذلك بحدوث الخطوة الأولى نحو التطبيع مع السعودية، والحصول على إجابات واضحة من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في ملفات أخرى.
وقال رئيس قسم السياسات الدولية والشرق الأوسط في معهد السياسات والاستراتيجيات في جامعة رايخمان، شي هار تسفي، إنّ “ترامب ملتزم شخصيًا بوعد إنهاء الحرب في غزة وإعادة جميع الأسيرات والأسرى، ويعتبر أنّ هناك أهمية كبيرة للاستمرار في المضي قدمًا إلى المراحل التالية من الصفقة حتى إتمامها وإعادة الجميع”.
وأضاف هار تسفي، بحسب تصريحات نقلتها صحيفة (معاريف) أنّه لم يكن من دون سبب أنْ ترامب أرسل إلى المنطقة مبعوثه للشرق الأوسط وصديقه المقرب، ستيف ويتكوف، لمتابعة تقدم تنفيذ الصفقة عن كثب.
وأوضح أنّه “إضافة إلى الأهمية الإنسانية والأخلاقية، فإنّ رؤية ترامب تعتبر هذه الخطوة هي المرحلة الأولى والمهمة في طريق تنفيذ الخطة الإقليمية الكبرى لإقامة تطبيع بين إسرائيل والسعودية، ما سيفتح الطريق لتعميق التحالف مع الدول العربية وإنهاء حكم حماس في قطاع غزة”.
وبيّن أنّه “من الواضح أنّ ترامب يفهم أنّ الدول العربية، وعلى رأسها السعودية والإمارات، لن تكون مستعدة للاستثمار في المبالغ الضخمة المطلوبة لإعادة إعمار غزة، التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، ما دامت الحرب مستمرة وما دام حكم حماس في غزة، ولن يتم تقديم بديل لحكمها، بما في ذلك السلطة الفلسطينية”، على حدّ تعبيره.
وذكر أنّ “الاجتماع المرتقب بين ترامب ونتنياهو يوم غدٍ الثلاثاء سيكون ذا أهمية كبيرة وذا تأثير حاسم على مستقبل إسرائيل، وسيكون الأول من نوعه الذي يعقده مع زعيمٍ أجنبيٍّ في البيت الأبيض منذ تنصيبه، ومن المحتمل أنْ يتم طرح المواضيع الأكثر إلحاحًا التي تتطلب قرارات فورية، وعلى رأسها التقدم إلى المرحلة الثانية من الصفقة، والتطبيع مع السعودية، وإمكانية فتح مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران حول اتفاق نووي ثانٍ، وبالطبع القضايا الثنائية في مجمل العلاقات الاستراتيجية بين الطرفين”.
وأكد في الختام أنّ “ترامب سيتوقع من نتنياهو تقديم إجابات واضحة تتماشى مع السياسة التي يأمل في دفعها في الشرق الأوسط، والتي يمكن تلخيصها في كلمتين – الاستقرار والترتيبات. الجوهرة في التاج بالنسبة لترامب هي، كما ذكر، دفع اتفاق التطبيع، الذي يرى فيه الرئيس إمكانيات لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية واسعة، بما في ذلك استثمارات ضخمة من السعودية في الاقتصاد الأمريكي”، طبقًا لأقوال الخبير الإسرائيليّ.
ويبقى السؤال الكبير مفتوحًا: هل تجرؤ الإدارة الأمريكيّة، مهما كان رئيسها قويًا، الخروج من بيت الطاعة الصهيونيّ-اليهوديّ-الإسرائيليّ؟
اخبار سورية الوطن 2_راي اليوم