عبر إجراء «جردة» سريعة على الشخصيات التي ستؤدي دوراً بارزاً في إدارة الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، تجاه الشرق الأوسط تحديداً، يصبح من الممكن «استشراف» سياسة الإدارة الأميركية القادمة تجاه المنطقة، وفلسطين تحديداً، خلال السنوات الأربع القادمة، والتي تُنذر بمزيد من «التضييق» على الشعب الفلسطيني، لا سيما في الضفة الغربية المحتلة. إذ يُنظر إلى كل من مبعوث ترامب للشرق الأوسط، وسفير واشنطن لدى تل أبيب، على أنّهما «حليفان للمستوطنين الإسرائيليين»، ومقربان من الجالية اليهودية – الأميركية. وبعدما أعلن الرئيس المنتخب، مراراً، أنّ خطته تقضي بإنهاء الحرب في الشرق الأوسط، وإحلال «السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، جنباً إلى جنب إبرام اتفاقية تطبيع بين السعودية وإسرائيل، يصبح من غير الواضح، كيفية تحقيق الأهداف المشار إليها، عبر الشخصيات «المتطرفة» التي اختارها لأداء تلك المهمات، والتي قد تسهم في «تفجير» الوضع في الأراضي المحتلة، بدلاً من تهدئتها. وانتقى ترامب، حاكم ولاية أركنساس السابق مايك هوكابي، لمنصب سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، علماً أن الأخير تربطه علاقة وثيقة مع بنيامين نتنياهو، وأعرب مراراً عن دعمه للمستوطنين اليهود، وتأييده فكرة ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية المحتلة، فيما يأمل البعض في إسرائيل، أن تكون إدارة ترامب الثانية من بين أكثر الإدارات تأييداً للمشروع الاستيطاني، في تاريخ الولايات المتحدة. وكان هوكابي قد زعم، عام 2015، أنّ «علاقة تاريخية تربط إسرائيل بالضفة الغربية»، أقوى من «تلك التي تربط الولايات المتحدة بمانهاتن». وفي عام 2019، قال إنه يعتقد شخصياً أن لإسرائيل الحق في ضم أجزاء من الضفة. وخلال ترشحه للرئاسة عام 2008، زعم أنّه «لا يوجد فعلياً شيء فلسطيني»، مجادلاً بأن الأرض لدولة فلسطينية مستقبلية، يجب أن تؤخذ من دول عربية أخرى، وليس من إسرائيل. واللافت، أنّه منذ مدة قصيرة، أعلن نتنياهو أن يحيئيل ليتر سيكون السفير الإسرائيلي القادم في واشنطن، وسيتولى منصبه في يوم تنصيب ترامب نفسه. وليتر هو، بدوره، مستوطن وناشط منذ مدة طويلة لتوسيع المستوطنات، ما يعني أن كلا المسؤولَين عن العلاقة بين تل أبيب وواشنطن، يتبنيان آراء مؤيدة لضم المزيد من الأراضي الفلسطينية بشكل غير مسبوق.
يدعم المسؤولان الجديدان عن العلاقة بين تل أبيب وواشنطن الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية
إلى ذلك، وقع خيار ترامب على صديقه المقرب منذ مدة طويلة، ورجل الأعمال اليهودي، ستيفن وييتكوف، الذي وصفه بأنه «قائد يحظى باحترام كبير في الأعمال التجارية والعمل الخيري»، كمبعوثه الخاص للشرق الأوسط. وطبقاً لما نقله موقع «أكسيوس» عن مصدر مقرب من الرئيس المنتخب، فإنّ وييتكوف يتمتع بـ«رصيد كبير»، وهو «خط الاتصال المباشر مع ترامب»، في إشارة إلى العلاقة الوثيقة بينهما. ووييتكوف، هو يهودي وداعم قوي لإسرائيل، وكان المسؤول الرئيسي عن مخاطبة المجتمع اليهودي – الأميركي خلال حملة ترامب. وفي حين أنّه لا يمتلك أي خلفية ديبلوماسية أو خبرة سابقة في شؤون الشرق الأوسط، ومن المتوقع أن يتحدث مباشرة إلى «القادة الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب»، فإن فرصه في إحراز تقدم «ستتحسن»، عندما يعلم قادة الشرق الأوسط أنّ وييتكوف يتحدث «باسم ترامب»، بحسب الموقع الأميركي نفسه. كما إنّ المبعوث القادم هو رجل أعمال «من عالم العقارات»، ولديه خبرة في التفاوض على الصفقات، ما قد يساعد الرئيس المنتخب في المضي قدماً بـ«اتفاقيات التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل». ويضاف إلى ذلك، أنّ بعض وسائل الإعلام عرّفت وييتكوف على أنّه «رجل حاد كالسكين، يحتفظ بنسخة من كتاب (اليهود الأقوياء) على مكتبه، وكان يحمل مسدساً أثناء جمع الإيجارات في المدينة». وعليه، وإذ يشكّل المشروع الاستيطاني، وخاصة سيناريو «ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية»، قضية حساسة جداً بالنسبة إلى الفلسطينيين وعدد من البلدان العربية، بما فيها السعودية، فإنّ هذا يجعل، طبقاً لمراقبين، من غير الواضح كيف ستوازن الإدارة الجديدة بين الوقائع وأهدافها.
لقاءات واتصالات
على أنّ ترامب لم ينتظر حتى تتخذ تعييناته طابعاً رسمياً، حتى يطلق عنانه لـ«حراك» ديبلوماسي في الشرق الأوسط؛ إذ التقى رون ديرمر، وزير «الشؤون الإستراتيجية» المقرب من نتنياهو، أخيراً، بترامب في منتجع «مار إيه لاغو» في فلوريدا، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين وأميركيين تحدثوا إلى موقع «أكسيوس». ويهدف الاجتماع، طبقاً لمسؤول إسرائيلي، إلى نقل رسائل من نتنياهو إلى ترامب وإطلاع الرئيس المنتخب على خطط إسرائيل في غزة ولبنان وإيران خلال الشهرين المقبلين قبل توليه منصبه. وقال مسؤول أميركي: «أحد الأشياء التي أراد الإسرائيليون حلها مع ترامب هو القضايا التي يفضل حلها قبل 20 كانون الثاني، وتلك التي يمكن أن تنتظر». والتقى ديرمر أيضاً بجاريد كوشنر، علماً أنّ نتنياهو كان قد أبلغ بايدن بالاجتماع مسبقاً. وبعد اجتماعاته في فلوريدا، وصل ديرمر إلى واشنطن للقاء كبار مسؤولي إدارة جو بايدن، وبحث معهم وضع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة. وفي وقت سابق، أعلن نتنياهو أنّه تحدث ثلاث مرات مع الرئيس الأميركي المنتخب في الأيام التي تلت فوزه، ليصبح أكثر مسؤول أجنبي يتحدث معه.
سيرياهوم نيوز 2_الأخبار