منذ اللحظة الأولى التي يبصر فيها الأطفال النور، يبدؤون رحلة حياة مليئة بالاكتشاف والتعلم، وهنا يأتي دور الآباء والأمهات ليكونوا المرشدين والمعلمين والمثل الحي الذي يستلهمه الأبناء، وإنَّ التربية الصحيحة للأبناء هي إحدى أهم المهام التي يتعين على الآباء والأمهات تحمُّلها، وهي مسؤولية لا تقل أهمية عن أيَّة مهمة أخرى في حياتهم، مع العلم أنَّ تكوين شخصية الطفل الصغير وتوجيهه نحو التطور والازدهار الشخصي هو مهمة ليست سهلة على الإطلاق.
إنَّها مسؤولية كبيرة تتطلب كثيراً من الحب والاهتمام والمعرفة والفهم العميق للأطفال واحتياجاتهم خلال مراحل نموهم المختلفة، بدءاً من مرحلة الرضاعة واحتياجاتها الحساسة، مروراً بالسنوات التي يبدأ بها الطفل سلوك العناد، وحتى يبلغ سن الرشد ويصبح إنساناً مستقلاً عن الوالدين، ففي هذا المقال، سنناقش مفهوم التربية الصحيحة للأبناء، وسنسلط الضوء على تحديات التربية الخاصة بالرضع والأطفال العنيدين.
الطريقة الصحيحة لتربية الأبناء:
تربية الأبناء هي مهمة تحتاج إلى اهتمام وتفكير دقيق، فلا يمكن تحديد طريقة واحدة “الطريقة الصحيحة لتربية الأبناء”؛ إنَّما تعتمد على بعض العوامل مثل طبيعة الأسرة، والثقافة، والقيم، واحتياجات الأطفال الفردية، كما توجد بعض الأسس والمبادئ التي قد تساعد على تربية الأبناء بشكل صحيح:
1. الحب والاهتمام:
الطريقة الصحيحة لتربية الأطفال تبدأ بإظهار الحب والاهتمام، فيجب على الوالدين التعبير عن حبهما لأبنائهما بشكل مفتوح وصريح، ويتضمن ذلك قول “أنا أحبك” بانتظام ودون حدود زمنية، وعندما يشعر الأطفال بحب والديهم، يكون لديهم ثقة أكبر بأنفسهم وبالآخرين.
2. التواصل الجيد:
يساعد التواصل الجيد على بناء علاقات قوية بين الوالدين والأطفال، ويسهم في تطوير فهم أفضل لاحتياجات الأطفال ومشكلاتهم، فعندما يشعر الأطفال بأنَّ والديهما يستمعان إليهم ويحترمان آراءهم ومشاعرهم، يبنون ثقة أعمق في الوالدين، ويتعزز لديهم الشعور بالأمان العاطفي، لا سيما عند معرفتهم أنَّهم يستطيعون التحدث بحرية مع الوالدين، إضافة إلى ذلك، يمكنهما معرفة ما يمر به الطفل في المدرسة أو في العلاقات مع أصدقائه، ومن ثمَّ يمكنهما تقديم الدعم والإرشاد بشكل مناسب.
3. تحديد القواعد والحدود:
تتضمن الطريقة الصحيحة لتربية الأطفال وضع قواعد وحدود واضحة في الأسرة، ويجب على الأطفال معرفة ما هو مقبول وما هو غير مقبول من السلوكات.
4. التحفيز:
يشمل التحفيز توجيه ودعم الأطفال لتطوير مهاراتهم وتحقيق أهدافهم الشخصية، فالإيجابية والتحفيز يسهمان في نموهم الصحي وبناء الثقة بالنفس وزيادة مستوى الدافع والتفاؤل لدى الأبناء.
5. التعليم الإيجابي:
التعليم الإيجابي هو نهج تربوي وطريقة صحيحة لتربية الأطفال، يستند إلى تعزيز السلوكات الإيجابية والتخلص من السلوكات السلبية لدى الأطفال، وتوجيههم نحو التصرفات والخيارات الصحيحة، ويعتمد هذا النهج على التحفيز والتقدير بدلاً من العقوبة والانتقاد.
6. النموذج الإيجابي:
يمثل الوالدان نموذجاً يحتذى به لأطفالهما، فعندما يُظهِر الوالدان سلوكاً إيجابياً ومثالاً جيداً للأطفال، يتعلم الأطفال منهما كيفية التصرف بشكل صحيح وكيفية تطوير قيم وأخلاق إيجابية.
7. التوازن:
التوازن في التربية يعني أنَّ الوالدين يجب أن يجدا وسيلة لتوجيه أطفالهما وتوجيههم دون قمعهم، ويمكنهما منحهم حرية للاكتشاف واتخاذ القرارات بناءً على تفكيرهم الخاص، على سبيل المثال، اجلسا مع الطفل واستمعا لتطلعاته وأحلامه، فقد تكتشفان أنَّ لديه اهتمامات خاصة به تستحق النظر فيها.
8. التعامل مع التحديات بحكمة:
عندما يتعرض الأطفال لتحديات أو مشكلات في حياتهم، يجب على الوالدين توجيههم بحكمة وتقديم الدعم اللازم بدلاً من الانفعال العاطفي أو العقوبات الصارمة، ويجب على الوالدين الاستماع بعناية للمشكلة ومشاركة الأطفال في إيجاد حل مناسب.
9. تعزيز الاستقلالية:
يجب تعليم الأطفال كيفية تحمُّل المسؤولية واتخاذ القرارات الصغيرة، فهذا يساعدهم على تطوير مهارات الحياة الضرورية، مثل اختيار ملابسهم، وتنظيم حقيبتهم المدرسية، وترتيب الغرفة، والمساعدة في التنظيف، ورعاية الحيوانات الأليفة أو النباتات، واختيار الوجبات الصحية.
10. التوجيه دون إجبار:
يجب استخدام التوجيه بدلاً من القوة، فحاول أن تشجع الأطفال على اتخاذ القرارات الصحيحة بدلاً من فرضها عليهم.
قواعد هامة في تربية الطفل الوحيد
الطريقة الصحيحة لتربية الطفل العنيد:
1. من هو الطفل العنيد؟
الطفل العنيد هو الطفل الذي يُظهِر سلوكاً يقوم على عدم الانصياع للتوجيهات أو القواعد بشكل مستمر، فلا ينفذ فيها الطفل ما يؤمَر به، أو يصر على تصرف ربما يكون خطأ أو غير مرغوب فيه.
العناد سلوك انفعالي طارئ يلاحظه الآباء والمربون على أبنائهم حين يبدون معارضتهم في سن مبكرة، وهذا السلوك من جانب الطفل يُتَّخَذ بصفته تعبيراً منه لرفض رأي أراده الآخرون، مثل الأهل والمعلمين، ويتميز العناد بالإصرار وعدم التراجع، وحتى في حال الإكراه والقسر، يبقى الطفل محتفظاً بموقفه داخلياً.
من الهام ملاحظة أنَّ السلوك العنيد عادةً ما يكون جزءاً من مرحلة نمو طبيعية لدى الأطفال، وخاصةً في مرحلة الطفولة المبكرة والمراهقة، فقد يكون هذا السلوك استجابة لاكتشاف الطفل لذاته واستقلاليته، ورغبته في التحكم في محيطه.
2. ما هو سن ظهور سلوك العناد عند الأطفال؟
يظهر العناد لدى الأطفال منذ عمر السنتين والنصف تقريباً، وتكون الذروة بسن الثالثة والرابعة من العمر، ويتضح بشكل كبير في عمر الثامنة، وأشارت الدراسات التي أُجرِيت عن هذا الموضوع أنَّ سلوك العناد موجود لدى الأطفال الذكور أكثر من الإناث وهو منتشر بنسبة تتجاوز 22%.
3. الطريقة الصحيحة لتربية الطفل العنيد (كيف تتعامل مع طفلك العنيد؟)
1. فهم الأسباب والمشاعر:
فهم الأسباب والمشاعر وراء سلوك العناد للطفل هو أولى خطوات الطريقة الصحيحة في تربية الأطفال، ويعني أن تكتشف ما الذي يحدث في عالمه الداخلي وما قد يكون الدافع وراء تصرفاته، فهل هو بسبب تعبه، أم جوعه، أم احتياجاته الشخصية، أم رغبته في الحصول على الانتباه؟
هذا يساعدك على التعامل مع الوضع بشكل أفضل، فمثلاً إذا كان يبدو متجهماً بعد يوم طويل في المدرسة، فإنَّ توفير فرصة للراحة والتغذية قبل البدء بالتعامل مع سلوكه قد يكون مفيداً وأكثر فاعلية من مجرد محاسبته على سلوكه العنيد.
2. عدم إرغام الطفل على الطاعة:
من الممكن تقديم خيارين أو ثلاثة للطفل بدلاً من إجباره على فعل شيء محدد، وهذا يمنحه شعوراً بالتحكم والمشاركة في اتخاذ القرار.
3. اللجوء إلى دفء المعاملة والمرونة في المواقف:
يمكن صرف النظر عن العناد البسيط وتحقيق رغبة الطفل ما دام تحقيق رغبته لن يأتي بضرر وما دامت هذه الرغبة في الحدود المقبولة، على سبيل المثال، إذا كان الطفل يرفض الذهاب إلى السرير في وقت معين، فقد تكون الاستجابة بالدفء والمرونة بأن تسمح له ببقائه قليلاً أكثر مع وعد بأن يذهب إلى السرير بعد فترة معينة، وهذا يمنح الطفل شعوراً بالاحترام والتعاون بدلاً من الإكراه.
4. تجنُّب وصف الطفل بالعنيد أمامه:
لأنَّ وصف الطفل بهذه الصفة قد يؤثر في تقديره لذاته، ويزيد من اندماجه في هذا الدور.
5. إعطاء قدر من الحرية للطفل في تنفيذ طلبات الوالدين:
يعني منح الفرصة للطفل لاتخاذ بعض القرارات الصغيرة والتحكم في جزء من حياته، على سبيل المثال، إذا كان الوالدان يرغبان في أن ينام الطفل في وقت معين، يمكنهم السماح له بأن يختار قصة للقراءة قبل النوم.
6. عدم تأجيل العقاب في حال وقوع العناد مباشرة بشرط معرفة نوع العقاب الذي يجدي مع هذا الطفل بالذات:
إحدى طرائق التربية الصحيحة للأطفال تتضمن عدم تأجيل العقاب حال وقوع العناد، مع الأخذ في الحسبان نوع العقاب الذي يناسب الطفل بشكل خاص، وهذا يساعد على تحقيق فاعلية أكبر في التعامل مع سلوكات الأطفال وتوجيهها بشكل أفضل.
على سبيل المثال، إذا كان لديك طفل يرفض الالتزام بوقت النوم ويبقى مستيقظاً حتى وقت متأخر من الليل، يمكنك تطبيق العقوبة بشكل فوري عن طريق إلغاء جزء من وقت اللعب الخاص به في اليوم التالي، وهذا يعطي للطفل رسالة واضحة بأنَّ سلوكه غير مقبول دون تأخير، ويساعده على فهم العواقب المباشرة لأفعاله.
7. عدم تحميل الطفل أكثر من طاقته أو أن يفعل ما هو ضد رغباته:
الطريقة الصحيحة لتربية الأطفال العنيدين هي عدم تحميل الطفل ما هو خارج إمكاناته وطلب منه أشياء مستحيلة أو تعارض رغباته، وبدلاً من ذلك، يجب على الوالدين تقديم توجيه ومهام تتناسب مع قدراتهم ومستوى تطورهم، فمثلاً إذا كان الطفل يُظهِر عناداً عندما يُطلَب منه تنظيف غرفته، يمكن للوالدين تقسيم المهمة إلى خطوات صغيرة ومناسبة لعمره.
على سبيل المثال، قد يُطلَب منه أن يقوم بترتيب الألعاب أولاً قبل ترتيب الأغراض الأخرى، وهذا يساعد الطفل على تحقيق النجاح والإنجازات الصغيرة دون شعوره بالإجهاد أو العجز، وهذا يزيد من تعاونه وانفتاحه على التعلم.
8. عدم المبالغة في نقد الأطفال وتضخيم ما ارتكبوه من أخطاء:
إذا قام الطفل بكسر أحد الأشياء عن طريق الخطأ، يمكن للوالدين تجنب الانفعال الزائد وعدم توبيخه بشدة، وبدلاً من ذلك، يمكنهم شرح أهمية التعامل الحذر مع الأشياء القيِّمة وكيفية تجنب مثل هذه الأخطاء في المستقبل.
9. إعطاء قدر من الحرية للطفل:
إعطاء القليل من الحرية للطفل في تنفيذ الأوامر والنواهي هو الطريقة الصحيحة لتربية الأطفال العنيدين، فهذا يساعد على تعزيز شعور الطفل بالمسؤولية والاستقلالية ويحسِّن تعاونه وتقديره للقواعد والتوجيهات.
15 نصيحة للآباء في تربية الأبناء
10. التحلي بالهدوء:
من الضروري أن تبقى هادئاً ومتحكماً في أعصابك عند التعامل مع الأطفال العنيدين، فالاستجابة بالغضب أو الانفعال قد تزيد من التوتر وتصعب الوصول إلى حلول.
11. العلاج النفسي الفردي:
العلاج النفسي الفردي هو إحدى الطرائق التي يمكن استخدامها لمساعدة الأطفال العنيدين على تطوير مهارات التحكم في السلوك والتعامل مع التحديات النفسية والعاطفية، ويتم تقديم هذا العلاج عادةً من قِبل مختص نفسي مؤهل.
الطريقة الصحيحة لتربية الطفل الرضيع:
1. أيهما الأفضل إرضاع الرضيع من الثدي أم من الزجاجة؟
هذا السؤال الأول الذي يتم طرحه في مجال الطريقة الصحيحة لتربية الأطفال الرضع، ففي الواقع، دائماً ما ينصح الأطباء بأهمية الرضاعة من ثدي الأم، فحليب الأم يحتوي على العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الطفل في المراحل المبكرة من نموه، مثل البروتين والدهون والفيتامينات والمعادن، كما يتكيف تركيب حليب الأم تلقائياً مع احتياجات الطفل في مختلف مراحل نموه.
إضافة إلى ذلك، فإنَّ الرضاعة الطبيعية تسهم في بناء رابطة عاطفية قوية بين الأم والطفل؛ إذ يحصل الطفل على الحنان والأمان خلال هذه اللحظات، كما تسهم في تعزيز التواصل بين الأم والطفل، ومع ذلك، فإن قررت الأم إطعام الرضيع من الزجاجة فليس بالأمر الخاطئ؛ إذ يحتوي حليب الزجاجة على كافة العناصر الغذائية التي يحتاجها الرضيع.
2. العناية اليومية:
- تغيير الحفاضات: يجب تغيير حفاضات الطفل بانتظام واستخدم مناديل مبللة بماء دافئ أو مناسبة لتنظيف منطقة الحفاضات.
- الاستحمام: يجب أن يتم اغتسال الرضيع بلطف باستخدام منتجات خاصة بالأطفال وماء دافئ، وتجنب تعريضه للماء الساخن.
- النوم: يجب وضع الطفل في مكان آمن للنوم على ظهره ويجب أن يكون السرير مريحاً.
- تنظيف الأنف والأذن: احرص على تنظيف الأنف والأذن بلطف باستخدام أدوات مناسبة للرضع.
- تقديم الحب والرعاية: قدم للطفل الحنان والاهتمام واللعب معه لتعزيز تطوره الجسدي والعاطفي.
3. الاستجابة لبكاء الطفل:
- التحقق من احتياجات الطفل: قد يكون سبب بكاء الرضيع هو طريقة للتعبير عن احتياجاته.
- استخدام تقنيات التهدئة والملاطفة لمساعدة الرضيع على الهدوء.
- التحقق من الراحة الجسدية للرضيع.
- تغيير البيئة: في بعض الأحيان يحتاج الرضيع إلى تغيير البيئة لمساعدته على الاسترخاء والنوم بشكل جيد.
- الاحتضان: غالباً ما يستجيب الرضيع للاحتضان، كما يمكن استخدام أدوات للتهدئة مثل ألعاب العض.
4. مراقبة الصحة:
- احترس من أيَّة علامة على عدم الارتياح أو المشكلات الصحية، واستشر طبيب الأطفال إذا كنت تشعر بأي قلق.
- تقديم لقاحات: تأكد من تلقِّي الطفل لقاحاته وجرعاته المطلوبة حسب الجدول الزمني الموصى به من قِبل الطبيب.
- توفير التغذية الصحية للرضيع مع الاهتمام بالنظافة الشخصية.
- مراقبة التطور الجسدي والعقلي: يجب متابعة تطور الرضيع من حيث الحركة والنطق والقدرات العقلية، واستشارة الطبيب عند وجود تأخر في التطور.
- الوقاية من الحوادث: يجب جعل المنزل آمناً للرضع وإبعاد كل ما يمكن أن يسبب الأذى للرضيع.
في الختام:
تحتاج تربية الأطفال إلى توازن بين النضج والحنان والتوجيه، فنحن نتعامل مع صغار يحتاجون إلى الرعاية والاهتمام للنمو والتطور بشكل صحي، وتربية الأطفال عامة بحاجة إلى صبر وتفهُّم واستراتيجيات فعالة للتعامل معهم، لا سيما الأطفال الرضع والأطفال العنيدون.
يحتاج الرضع إلى رعاية ومراقبة مستمرة، بينما يمر الأطفال العنيدون بفترة تطور طبيعية، وتربيتهم بحاجة إلى نمط حوار مفيد للتعامل مع سلوكهم، فيجب بذل كل الجهود لكي يتمكن الأطفال من أن يكونوا سعداء وصحيين ومتوازنين في المستقبل.
سيرياهوم نيوز 2_النجاح نت