| عبد الله قمح
يواصل لبنان الرسمي درس المقترح الشفهي الذي حمله الوسيط الأميركي في ملف الترسيم البحري عاموس هوكشتين، وتستمر المداولات عقب اجتماع اللجنة السياسية – العسكرية – التقنية في قصر بعبدا الثلاثاء الماضي.
وكما بات معلوماً فإن «الخط المقترح» وفقاً لإحداثيات «الخط 1» الإسرائيلي يطلب من لبنان الموافقة على «منطقة أمنية عازلة» بين النقطة 31 التي تشكل بداية الخط 1 (خط الطفافات)، ونقطة «رأس الناقورة» بعمق يبلغ نحو 6 كلم، ووضعها تحت سيطرة «اليونيفيل»، مقابل منحه كامل «حقل قانا» المحتمل. علماً أن «الخط الجديد» قد يستدعي تعديلات على نقاط ذات تأثير في رسم الحدود البرية في ما بعد. وقد قدّم الوسيط الأميركي «لوائح إحداثيات خط الطفافات» مؤجلاً الاقتراح المكتوب إلى ما بعد الرد على «ورقة الإحداثيات».
وقد أحيلت «ورقة الإحداثيات» إلى «اللجنة التقنية» التي سبقَ أن شكلت لدرس الاقتراح، وأوكلت إليها مهمة إصدار توصيات. وقد التأمت «اللجنة» في قصر بعبدا الثلاثاء الماضي بحضور نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ومستشاري رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، ووفد تقني – عسكري مثل قيادة الجيش رأسه المقدم عفيف غيث. ما سُرب عن الاجتماع يشير إلى عدم مطابقة الإحداثيات المسلّمة لـ«خط الطفافات» مع وضعيته الحالية، إذ تبين وجود فوارق. وقد فُسر ذلك بالتأثيرات التي تشكلها حركة المد والجزر على موقع «العوامات»، وأنها ليست ذات تأثير بالغ ومن الممكن حلها مقارنة بأساس المشكلة المرتبطة في ما يطالب العدو الحصول عليه، وأبرزه إجراء تغيير على نقطة انطلاق الخط ما يسهل خلق «منطقة عازلة».
عملياً وضعت اللجنة في صورة المخاطر الناجمة عن تبديل نقطة انطلاق الخط بما فيها استبدال رأس الناقورة، ما يمثل سابقة قانونية تفقد لبنان عناصر قوة وتأثيراً بالغاً في الترسيم البري. وهو ما أثار نقاط استفهام جعلت لبنان يتردد في الموافقة السريعة على طلبات هوكشتين. وجرى اقتراح تسوية العقد الحالية من خلال تقديم اقتراح لربط «خط الطفافات» بنقطة رأس الناقورة بدلاً من اعتماد النقطة 31 التي تشكّل بداية للخط 1 الإسرائيلي.
وقالت مصادر متابعة لـ«الأخبار» إن «تعقيدات بالغة دخلت على خط التفاوض تقنياً وقد تؤدي إلى تجميده» ربطاً بالرفض اللبناني المتوقع للأسس المعتمدة لرسم «خط هوكشتين» الجديد وأسبابه، ولرفض نقل نقطة B1 شمالاً ما يفقد التأثير لرأس الناقورة في أي ترسيم برّي مستقبلي. في المقابل، سيرفض العدو طلب لبنان باعتماد «رأس الناقورة» منطلقاً للترسيم ورفض «المنطقة العازلة» وسيشدد على المطالبة في نيل «ثمن» يُبرّر ما يسميه «المنطقة الآمنة» لضمان حدوده.
لماذا يصر العدو على «المنطقة الآمنة»؟
المنطقة العازلة التي تطلبها إسرائيل تحجب الرؤية عن كامل خليج عكا حيث حقل «كاريش»
تمثل B1 التي تعد النقطة ما قبل النهائية في الترسيم البري المعينة بموجب اتفاقية بوليه – نيو كامب عام 1923 والمعاد تثبيتها في اتفاقية الهدنة الموقّع عام 1949 نقطة استراتيجية مهمة. فإلى جانب تأثيرها على مسار رسم الحدود البرية، تتمتع بميزة الارتفاع على شكل «تلّة» تشرف على ساحل «روش هنكرا» الإسرائيلي ومستعمرة «كفار روش هنكرا» (قرية البصة الفلسطينية) وسهولها وأراضيها الزراعية ومحيطها الدائري سهلاً، مع موضع رؤية مريحة، يخشى معه العدو من تأثيرات عسكرية وأمنية في ما لو تقرر نصب أبراج مراقبة تقنية فوقها.
ويشكل الشريط البحري المقابل لرأس الناقورة، عند حصول الانحناء في الخط 23، مساحة مائية تبلغ 2.5 كلم مربع، توفر رؤية سهلة ومتاحة للشاطئ الفلسطيني وصولاً حتى مستعمرة «نهاريا».