فاتن حسن عادله:
وسط أزمات تتعمق، وتعصف بمستقبل الأميركيين المنقسمين أكثر من ذي قبل بفعل سياسات الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب، تشهد أميركا غداً الأربعاء دخول الرئيس المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض وسط إجراءات أمنية مشددة وغير مسبوقة، مع تعاظم حدة المخاوف من وجود تهديدات فعلية.
ومع الساعات القليلة القادمة، فإن التحليلات لولاية بايدن الرئاسية والتحديات التي ستواجهها إدارته مع هذا الكم الهائل من الفوضى في جميع الملفات، رأى البعض أن الحمل ثقيل يحمل الكثير من التبعات وأهمها العنصرية المتجذرة التي طفت مؤخراً على أرض الواقع بكثير من الفوضى والعنف.. وهنا قالت الخبيرة في الشؤون السياسية ماري ستوكي من جامعة ولاية بنسلفانيا: “ما يميّز عهد بايدن ليس أن البلد يمر بأزمة بل عدد الأزمات المتزامنة” التي سيضطر لمواجهتها منذ الأيام الأولى لولايته.. وبعض هذه الأزمات مثل وباء كوفيد-19 والانكماش الاقتصادي، هي ظرفية ومترابطة.. وبعضها الآخر كالانقسامات السياسية والعنصرية، تعود إلى عقود.. لكن يتعين على بايدن مواجهتها كلها مباشرة، في وقت سيكون مجلس الشيوخ منشغلا جزئيا بمحاكمة ترامب بتهمة “التحريض على التمرد”، ووفقاً لستوكي، أيضاً فإن بايدن الذي وعد بتحقيق “مصالحة في أميركا” أيضا يخاطر بمواجهة حقيقة وجود “نظامين إعلاميين مختلفين يقدمان للناس رؤيتين مختلفتين للعالم”.
وعندما كان نائبا للرئيس باراك أوباما، أشرف بايدن على حزمة إنعاش اقتصادي ضخمة بعد الأزمة المالية عام 2009م التي ألقت بظلها على بداية ولايتهما، لكنّ التحدي مختلف تماما هذه المرة، وقالت شيرلي آن وارشو أستاذة العلوم السياسية في كلية غيتيسبرغ “يجب أن يدير الأزمة الاقتصادية فيما يحاول تلقيح 300 مليون شخص بينما يقود دولة منقسمة بشكل خطر”.
يأتي ذلك بعد أربع سنوات من ولاية رئاسية عمد ترامب خلالها إلى إثارة الانقسامات بين الأميركيين، وأدت الحملة التي شنها ترامب على نتيجة الانتخابات الرئاسية إلى تعميق الهوة أكثر، بعد أن رفض الاعتراف بالهزيمة منددا بعمليات “تزوير” لم يقدم أي دليل عليها، وإذ فشل في إقناع المحاكم، نجح في زرع الشكوك في أذهان الملايين من أنصاره الذين شن عدد كبير منهم هجوما على مبنى الكونغرس في 6 كانون الثاني الجاري.
وحول ذلك لفت ديفيد فاربر أستاذ التاريخ في جامعة كنساس إلى أن “الولايات المتحدة لم تعرف أزمة شرعية سياسية كهذه منذ تنصيب إبراهام لنكولن” عام 1861م والذي أطلق شرارة الحرب الأهلية الأميركية، مبيناً أنه إن كان بعض الجمهوريين نأوا بأنفسهم أخيرا عنه، “فسيبقى قوة صاخبة، قد تستمر طوال فترة إدارة بايدن التي لن يسعها الكثير حيال ذلك”.
أما شيرلي آن وارشو فأوضحت أن “التفاوتات العرقية موجودة في كل مكان.. في الاقتصاد والسكن والتصويت وعنف الشرطة.. وهي تتفاقم منذ سنوات”، متوقعة “تعبئة قوية” للإدارة الجديدة على هذه الجبهة.
ومع كل هذه التحديات، يعتقد جو بايدن أن عزمه على تجاوز خطوط الترسيم السياسي هي الحل الوحيد قائلا: “الوحدة ليست مجرد وهم.. إنها خطوة عملية للقيام بما يجب علينا فعله معا، من أجل البلاد”.
بالتزامن مع هذه الرؤى التي تكشف حقيقة الواقع المرير الذي يعصف بأميركا، فإن الواقع الأمني في حالة من عدم الاستقرار وهو ما يظهره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي “إف بي آي”، بعد أن أطلق تحذيره لوكالات إنفاذ القانون، من أن المتطرفين اليمينيين ناقشوا التظاهر، على أنهم عناصر بالحرس الوطني في العاصمة واشنطن، مبيناً أن آخرين راجعوا خرائط المواقع المعرضة للخطر في المدينة، معتبرا أن هذه علامات على جهود محتملة لتعطيل حفل تنصيب بايدن، وفقا لتقرير استخباراتي حصلت عليه “واشنطن بوست”.
فيما أفادت وكالة “أسوشيتد برس” في وقت سابق، بأن المكتب سيفحص جميع قوات الحرس الوطني، التي يبلغ عددها 25 ألفا والقادمة إلى واشنطن، تخوفاً من “هجوم من الداخل”، أو “تهديد آخر”، من أفراد الحرس المنوطين بتأمين عملية التنصيب
(سيرياهوم نيوز-الثورة)