آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » تركيا تتموضع «أطلسياً»… لملء «الفراغ» الفرنسي

تركيا تتموضع «أطلسياً»… لملء «الفراغ» الفرنسي

يتحيّن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الوقت المناسب للاستثمار في الخلاف الأميركي – الفرنسي، ظناً منه أن من شأن هذا التطوّر أن يفتح الباب أمام تحسين علاقات بلاده المتراجعة مع الولايات المتحدة، وأن يرجّح «الثقل» التركي على الفرنسي. وفي ضوء التطوّرات المتسارعة، ستحثّ تركيا الخطى في اتجاه إعادة التموضع «أطلسياً» بعد انضمام إيران رسمياً إلى «منظمة شنغهاي للتعاون» التي لوّح أردوغان مراراً باحتمال اللجوء إليها، فيما تشهد العلاقات التركية – الروسية توتُّراً ضمنياً يُحتمل أن يتصاعد في ما لو قرّرت موسكو إطلاق عملية عسكرية في إدلب


احتدمت التطوّرات التي تثير اهتمام تركيا في الآونة الأخيرة، وتلك التي تنتظرها في الأيام المقبلة، إذ تأتي مشاركة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت مناسب لعقْد اجتماع بينه وبين الرئيس الأميركي، جو بايدن، لمحاولة وضْع أسس منقّحة للعلاقات الثنائية في ضوء المتغيّرات الحاصلة. فقد شهد العالم، في اليومين الأخيرين، تطوّرين مهمّين: تَمثَّل الأوّل في انضمام إيران إلى «منظمة شنغهاي للتعاون»، في تطوّر تعتبر تركيا معنيّة به نظراً إلى أن أردوغان نفسه لوّح – في أوقات التوتّر مع واشنطن – بإمكانية طلب الانضمام إلى هذا الحلف. ولا شكّ في أن منظمةً نواتها الصلبة الصين وروسيا – والآن إيران – ومعروفة بعدائها للولايات المتحدة، ليست من النوع الذي تسلّم له الأخيرة، بل ستسعى على الدوام إلى إضعافها. لذا، تعرف أميركا أن طلب تركيا الانضمام إلى المنظمة لا يعدو كونه تهديداً في إطار الكباش الثنائي من وقت إلى آخر، فكيف إذا أصبحت إيران الآن عضواً كاملاً فيها؟ يمكن هذا التطوّر أن يدفع تركيا إلى حثّ خطاها للعودة إلى قواعدها «الأطلسية» التي لن تنفكّ عنها تحت أيّ ظرف من الظروف. أمّا التطوّر الثاني، فهو ما اعتبرته فرنسا تحقيراً وخيانةً لها من جانب الولايات المتحدة التي ضغطت على كانبيرا لتفسخ عقد بيع غواصات نووية لباريس. وأنقرة التي تنظر إلى هذه الحادثة بقلق، وما يمكن واشنطن أن تفعله تجاه «حلفائها»، ستسعى إلى إعادة النظر في بعض سلوكياتها «الأطلسية»، خصوصاً في اتجاه التقارب مع أميركا وعدم استثارة جو بايدن. ولعلّ تركيا ستحاول الإيحاء للولايات المتحدة بأن خسارتها لفرنسا – وهذا بات وارداً – لن تؤثّر كثيراً في «حلف شمال الأطلسي» في ظلّ استعدادها الدائم للتعويض في أكثر من مجال، ما من شأنه أن يريح الأميركيين وأردوغان الباحث منذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض عن أفضل السبل لاسترضائه. كذلك، فإن تركيا التي دخلت في صدامات سياسية وكادت أن تكون أمنية مع فرنسا في ليبيا وشرق المتوسط، ستكون مهلّلة لهذا الشرخ بين واشنطن وبين خصم مباشر هو باريس، فيرجَّح الثقل التركي على الفرنسي في أكثر من مكان، وبدعم أميركي.
وما قد يحثّ أردوغان على توسيع انفتاحه على واشنطن، هو التوتّر الضمني الذي تمرّ به العلاقات التركية – الروسية، لا سيما في الملفّ السوري. فتركيا تنظر بريبة إلى محاولات العمل العسكري ضدّ إدلب من جانب الجيش السوري مدعوماً من روسيا، باعتباره تهديداً لأمنها القومي، لا سيما أنه سيجرّ إلى أزمة لجوء جديدة، فضلاً عن أن أيّ عمل عسكري متمادٍ ضدّ إدلب سيرغم تركيا على التدخّل ومحاولة منع تحقيق الجيش السوري – ومن ورائه روسيا – أيّ انتصار ملموس. ولهذا، ستتركّز زيارة أردوغان، المرتقبة، في نهاية الشهر الجاري، إلى موسكو على معالجة هذه التحديات. ويأتي ذلك للمفارقة، في ظلّ إعلان روسيا قرب تسليم تركيا الدفعة الثانية من صواريخ «أس-400»، وهو ما نفته أنقرة، معتبرة أنه من السابق لأوانه الانتقال إلى الخطوة الثانية. ويمكن التطور الآنف أن يدفع أردوغان إلى تكثيف جهود جعل العلاقات مع واشنطن أكثر انتظاماً ووضوحاً.

ستهلّل تركيا لشرخ محتمل بين الولايات المتحدة وبين خصم مباشر لها، هو فرنسا


ولا شكّ في أن مثل هذه الرغبة التركية في علاقات سوية مع أميركا ليست ممهّدة طريقها بما يشتهي الأتراك. فالعلاقات دونها العديد من المشكلات المعروفة للجميع. وقد عكس وزير الدفاع التركي، خلوصي آقار، في حوار مع صحيفة «حرييت»، بعض جوانبها؛ إذ يقول آقار إن العلاقات بين البلدين، منذ تسلّم بايدن السلطة «على الأقلّ لم تشهد تراجعاً». والموضوع الرئيس في الفترة الماضية بين الطرفين كان احتمال تشغيل تركيا لمطار كابول، وفق الناطق الذي أضاف أن المشهد الذي كانت ستكون عليه العلاقات الأميركية – التركية مرتبط بما ستؤول إليه مسألة تشغيل الأتراك للمطار. لكن حصل ما حصل من سيطرة حركة «طالبان» السريعة على كابول واستسلام الجيش الأفغاني، ما أدى إلى سقوط الرهان على مسألة تشغيل تركيا المطار من أن يكون محدِّداً لمستقبل العلاقات بين الطرفين. مع ذلك، يقول آقار إن «تركيا، تحت قيادة أردوغان، هي قوّة إقليمية توسّع مع كل يوم يمرّ مجالات نفوذها وتأثيرها. وتركيا بنظر الولايات المتحدة حليف قوي ومؤثّر وموثوق. وإذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تتواجد في جغرافيا الشرق الأوسط، فعليها التعاون مع تركيا». وإذ يقدّم آقار أوراق اعتماد تركيا كحليف موثوق في المنطقة، فإنه يقول إن «التعاون كان تامّاً في كل المجالات إلى أن غيّرت أميركا، في عام 2015، موقفها، وقرّرت التعاون مع قوات حماية الشعب الكردية. كما رفضت أميركا طلب تركيا التعاون لضرب داعش في الرقة. وآخر نموذج هو رفض أميركا التعاون مع تركيا في ليبيا، ورأينا ما الذي حصل». ويرى سادات إرغين، الكاتب في «حرييت»، أن الذي حصل هو تصاعد موجات الهجرة وارتفاع مستوى التوتّر وتمدُّد روسيا إلى سوريا والبحر المتوسط وإقامة قواعد بحرية وبرية وجوية لها في سوريا، وسط تمدّدها أيضاً في ليبيا. ويعدِّد آقار أولويات الخلاف مع أميركا بالقول إن الخلاف على صواريخ «أس-400» وطائرات «أف-35» يمكن أن يُحلُ. لكن الخلاف على قوات «حماية الشعب» عميق وجدّي، داعياً واشنطن إلى إدراج هذه المجموعة في لوائح الإرهاب، كونها جزءاً من «حزب العمال الكردستاني». أمّا «إذا قال الأميركيون لا، هذه القوات لا تتبع حزب العمّال، فهذا يعني احتقاراً لعقلنا. على أميركا أن تقطع صلتها بالقوات الكردية وتوقف إرسال شحنات الأسلحة إليهم». وتبدي تركيا انزعاجها من تأكيد وفد أميركي للأكراد في سوريا، أن الولايات المتحدة لن تتخلّى عنهم. ويقول آقار إن الخطوة الأفضل التي يمكن أميركا أن تبادر إليها هي «أن تتحرّك كأميركا»، وأن «تنظر إلى الموضوع من زاوية أوسع، ومن منطلق أن تركيا حليف تحتاج إليه في كل المنطقة ولم نقصّر في شيء ووفينا بكل التزاماتنا»، آملاً في أن ينعكس التعاون سابقاً حول مطار كابول إيجاباً على صورة تركيا في واشنطن. وجدّد آقار اقتراح تركيا بالنسبة إلى صواريخ «أس-400» بأن لا تستخدم إلّا في التدريبات تماماً مثل صواريخ «أس-300» الروسية في جزيرة كريت اليونانية.
وعلى صلّة بموضوعات تمسّ الأمن القومي السوري، ذكرت صحيفة «حرييت» أن الجدار الإسمنتي بين تركيا وسوريا بات يغطي 854 كيلومتراً من أصل 911 كيلومتراً (طول الحدود مع سوريا). وبالنسبة إلى إيران، فقد اكتمل إنجاز ثلثَي الجدار العازل على الحدود البالغ طولها 560 كيلومتراً، علماً أن وزير الدفاع التركي قام بزيارة إلى الحدود التركية – السورية قبل أيام. ويتطرّق برهان الدين دوران، الخبير المقرّب من أردوغان، إلى مسألة العلاقات مع سوريا، فيقول إن لتركيا هدفين في هذا البلد، وهما: عودة اللاجئين بشكل مشرّف إلى بلادهم، ومنع القوات الكردية من تشكيل «كيان إرهابي».


بايدن يبادر
في ضوء الخلاف الناشب بين الولايات المتحدة وفرنسا على خلفية إلغاء كانبيرا، بدفعٍ من واشنطن، صفقة الغوّاصات النووية التي وقعتها مع باريس، بادر الرئيس الأميركي، جو بايدن، أمس، إلى طلب التحدّث إلى نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في الأيام المقبلة، سعياً إلى التخفيف من حدّة التوتّر.
في المقابل، رفض رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، أمس، الاتهامات الفرنسية لبلاده بـ«الكذب» في شأن خططها لإلغاء عقد شراء غواصات فرنسية، مشيراً إلى أنه طرح مخاوف كانبيرا حيال الصفقة قبل أشهر. وقال موريسون إنه يعتقد أن «الفرنسيين كان لديهم جميع الأسباب ليعرفوا أن مخاوف جدّية وعميقة راودتنا بأن الإمكانات التي تملكها غواصات من فئة أتاك، لن تتوافق مع مصالحنا الاستراتيجية وأوضحنا بشكل تام أننا سنتّخذ قراراً مبنياً على مصلحتنا الوطنية». وفيما أشار إلى أنه يتفهّم خيبة أمل فرنسا، أضاف: «لست نادماً على قرار تفضيل مصلحة أستراليا الوطنية ولن أندم إطلاقاً عليه».
(سيرياهوم نيوز-الأخبار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بوتين: واشنطن تدفع نحو صراع عالمي.. ونجحنا في اختبار صاروخ “أوريشنيك”

  الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يقول إن الولايات المتحدة تدفع العالم نحو صراع عالمي، ويؤكد أن تدمير مصنع الصواريخ الأوكراني تم بصاروخ باليستي روسي فرط ...