بدأت تركيا دفن ضحايا هجوم أنقرة الخميس، بعد ساعات على قصف الجيش مواقع حزب العمال الكردستاني الذي حمّلته السلطات مسؤولية هجوم استهدف شركة لصناعات الفضاء أودى بخمسة أشخاص.
وبعد الهجوم الدامي الأربعاء الذي استهدف مقر الشركة التركية لصناعات الفضاء التابعة للدولة والذي أسفر أيضا عن إصابة 22 شخصا بجروح الأربعاء، رجّحت تركيا “إلى حد كبير” أن يكون حزب العمال الكردستاني وراء العملية.
وحدد المحققون الأتراك هوية المهاجمين مشيرين إلى أنهما من “إرهابيي حزب العمال الكردستاني”. وأفادوا بأن أحدهما رجل يدعى علي أوريك ويلقّب “روجر”، فيما شريكته في العملية تدعى مينا سيفغين ألتشيك، وفق ما أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا على منصة “إكس”.
وظهر كلاهما في صور كاميرات المراقبة التي نشرت على “إكس” حيث ظهرا أثناء ترجلهما من سيارة أجرة حاملين بندقيات هجومية ليطلقا النار قبل الدخول إلى المبنى.
وسيتم دفن سائق سيارة الأجرة الذي قتله المهاجمون الخميس في جنازة سيحضرها رئيس مجلس النواب نعمان كورتولموش.
ومن بين الأشخاص الـ22 الذين أصيبوا بالهجوم، غادر ثمانية المستشفى بينما ما زال 14 يخضعون للعلاج، وفق وزارة الصحة التركية.
– تعزيز الإجراءات الأمنية –
عزز المطاران الرئيسيان في اسطنبول الإجراءات الأمنية غداة الهجوم، وفق ما ذكرت وكالة أنباء دوغان وقناة “إن تي في” الخاصة.
وأصدر مطار صبيحة كوكجن الواقع في الجزء الآسيوي من المدينة بيانا دعا فيه الركاب إلى الوصول قبل مواعيد رحلاتهم بـ”ثلاث ساعات على الأقل” لتجنّب أي تأخيرات نتيجة الإجراءات الأمنية المشددة.
وخلال الليل، أعلنت وزارة الدفاع التركية أن الجيش ضرب “47 هدفا إرهابيا” في سوريا وشمال العراق، مشيرة إلى أن الغارات ستتواصل.
وأفادت قوات سوريا الديموقراطية، الذراع العسكرية للإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سوريا، في بيان، بمقتل “12 مدنيا بينهم طفلان وإصابة 25 آخرين بجروح بينهم إصابات بالغة” جراء الغارات التركية.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أثناء خطاب ألقاه في قمة “بريكس” للاقتصادات الناشئة في روسيا، أن الهجوم “زاد من عزم وتصميم تركيا على القضاء على الإرهاب”.
وقع الهجوم في ظل مؤشرات متزايدة الى انفتاح سياسي بين أنقرة والعناصر الأكراد.
وقبل ساعات فقط على الهجوم، تلقى زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان المحتجز في الحبس الانفرادي في تركيا منذ عام 1999، أول زيارة عائلية منذ سنوات.
– استعداد للتخلي عن السلاح؟ –
وأكد اللقاء ابن أخيه عمر أوجلان، النائب في حزب الشعوب الديموقراطي الموالي للأكراد.
وكتب على منصة إكس “آخر لقاء مباشر لنا مع عبدالله أوجلان كان في الثالث من آذار/مارس 2020. وكعائلة، التقينا أوجلان بعد سنوات في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2024”.
وكان آخر تواصل لهم معه عبر اتصال هاتفي مقتضب جرى في آذار/مارس 2021.
وأكد عمر أوجلان على “إكس” أن عمّه “بصحة جيّدة” وأنه وجّه رسالة إلى العامة بشأن “التطورات السياسية” الجارية قال فيها “إذا سمحت الظروف بذلك، لدي السلطة النظرية والعملية اللازمة لنقل هذه العملية من مسرح النزاع والعنف إلى القانون والسياسة”.
وأفاد كاتب العمود المعروف لدى صحيفة “حرييت” المقرّبة من الحكومة عبد القادر سلفي بأن الاجتماع استمر ساعتين و”قال أوجلان إنه مستعد للتخلي عن السلاح”.
أحدث دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية التركية اليميني المتشدد المعادي بشدّة لحزب العمال الكردستاني والمنضوي في ائتلاف إردوغان الحاكم، صدمة واسعة عبر دعوته أوجلان إلى البرلمان لنبذ العنف وحل الحركة.
وبعد الهجوم، أصدر حزب الشعوب الديموقراطي، ثالث أكبر حزب في البرلمان، بيانا دان فيه العنف ولكنه قال إنه “من اللافت” أنه وقع “بينما كان المجتمع التركي يتحدّث عن حل وإمكانية الحوار”.
– سنوات في العزلة –
أوقف أوجلان في 15 شباط/فبراير 1999 في نيروبي اثر عملية لقوات الأمن التركية بعدما قضى سنوات هاربا. وتم نقله إلى تركبا حيث جرت محاكمته وصدر حكم بإعدامه.
لكنه تجنّب تنفيذ الحكم بحقه عندما ألغت تركيا عقوبة الإعدام عام 2004 إلا أنه قضى باقي حياته في عزلة داخل زنزانة في سجن جزيرة ايمرالي في بحر مرمرة جنوب اسطنبول. والآن، يرى العديد من الأكراد فيه بطلا.
أسس أوجلان (75 عاما) حزب العمال الكردستاني الذي قاد تمردا أودى بعشرات آلاف الأشخاص في ظل سعيه لنيل الاستقلال.
دعا أول مرة إلى الحوار ووقف إطلاق النار عام 2012 وكرر الدعوة في 2013، قبل أن يندلع النزاع الدامي مجددا في مدينة ديار بكر (جنوب شرق) التي يشكّل الأكراد معظم سكانها.
وبعد هذه المواجهات التي خلّفت مئات القتلى في صفوف الأكراد، فر عناصر الحركة إلى الجبال عند حدود سوريا والعراق.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم