في خطوة لافتة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الفنية والثقافية، أعلن المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية، أن موسم الرياض القادم سيعتمد بشكل شبه كامل على الكوادر الموسيقية والمسرحية السعودية والخليجية، مع مشاركة محدودة لأعمال سورية وعالمية، دون أي ذكر للمشاركة المصرية التي لطالما كانت حاضرة بقوة في المشهد الفني العربي.
هذا الإعلان، الذي تم تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي، دفع إلى طرح تساؤلات كبيرة حول مصير التمثيل المصري في موسم الرياض لهذا العام، خصوصاً أن القاهرة كانت تشكل جزءاً أساسياً من الفعاليات الفنية في المواسم السابقة.
وفقاً لتصريحات آل الشيخ، ستُقام الحفلات الغنائية بمشاركة موسيقيين وعازفين من السعودية ودول الخليج، بينما سيتم التركيز في المسرح على تجارب محلية مع انفتاح محدود على المسرح السوري والدولي، مما أخرج المسرح المصري من الخريطة الجديدة للموسم.
وقد جاءت ردود الفعل في مصر متباينة، حيث رأى بعض النقاد والجمهور أن هذا القرار يمثل نوعاً من الإقصاء غير المعلن للفن المصري، بينما اعتبر آخرون أن هذه الخطوة تفتح المجال لتطوير الإنتاج الفني المحلي في السعودية وتعزيز هويتها الثقافية المستقلة، في ظل سعي المملكة لبناء صناعة ترفيهية قائمة على الطاقات الوطنية.
تساؤلات عدة أثيرت حول قدرة موسم ترفيهي ضخم مثل “موسم الرياض” على الاستغناء عن الثقل الفني المصري، الذي لعب دوراً محورياً في تشكيل الثقافة الفنية العربية لسنوات طويلة، خاصة أن الموسيقى والدراما المصرية تحظى بشعبية واسعة على مستوى الوطن العربي.
في المقابل، هناك من يرى أن هذه الخطوة تمثل مساراً طبيعياً لدعم وتمكين المواهب المحلية السعودية والخليجية، وهو توجه يحظى بدعم من بعض الفنانين المصريين الذين اعتبروا أن تعزيز الطاقات الوطنية ضرورة لتطوير المشهد الفني، بعيداً عن الاعتماد على المشاركات الخارجية.
المخرج المصري أمير رمسيس عبر عن وجهة نظره قائلاً إن لكل دولة الحق في تطوير فنها والاعتماد على كوادرها، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في قلة المشاريع المصرية القادرة على المنافسة خارجياً، وليس في تقليص المشاركة في موسم الرياض.
ورغم التكهنات التي ربطت القرار بخلافات سياسية محتملة بين مصر والسعودية، نفى المحلل السعودي الدكتور محمد الحربي هذه الفرضيات، موضحاً أن الأمر يعود إلى “توسعة طبيعية في المشروع الفني”، مؤكداً استمرار التعاون المصري السعودي عبر عقود قائمة وأن استبعاد المسرح المصري من الموسم ليس قراراً رسمياً.
بين التأييد والتحفظ، يبقى المشهد الفني الخليجي في حالة تغير مستمر، حيث تسعى السعودية لإرساء قاعدة ثقافية وفنية تعكس صوتها وهويتها، مع الحفاظ على أبواب التعاون مع تجارب فنية إقليمية وعربية عريقة، وعلى رأسها التجربة المصرية التي أثرت الوجدان العربي لعقود.
في نهاية المطاف، يظل السؤال مطروحاً: هل ستنجح السعودية في تأسيس مشهد فني مستقل يحقق التوازن بين دعم المواهب المحلية والاستفادة من التجارب الفنية العربية العميقة؟ وهل ستعيد القاهرة ترتيب أوراقها لتواكب هذه التغيرات وتعيد حضورها بقوة في المشهد الترفيهي الإقليمي؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم