آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » تساؤلات حول مصير اليورانيوم: طهران تدخل «الغموض النووي»

تساؤلات حول مصير اليورانيوم: طهران تدخل «الغموض النووي»

 

محمد خواجوئي

على الرغم من أن الحرب الإسرائيلية – الأميركية ضد إيران، شُنّت بزعم تدمير البرنامج النووي للأخيرة، فإن ما حصل على أرض الواقع هو أن الهجمات أدّت إلى إقحام البرنامج في وضع «مُستتر» و «تحت الأرض» و»غامض»، وهو ما يمكن أن يُطلق عليه بدء مرحلة «الغموض النووي»، الذي سيكون مقلقاً للغرب أكثر من الفترة التي كانت فيها المنشآت الإيرانية تعمل بصورة «علنية»، وتحت إشراف «الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

 

ولا يملك الغرب حالياً، تقييماً للأضرار التي لحقت بتلك المنشآت، ولا يعرف على وجه الدقّة، أين يوجد اليورانيوم الإيراني المخصّب؛ ولا سيما أن العلاقات بين طهران والوكالة عُلّقت بموجب القانون الأخير الذي تبنّاه البرلمان الإيراني، ولم يعد بمقدور مفتشيها، الذين تعتبر إيران بعضهم «جواسيس» يعملون لحساب إسرائيل والدول الغربية، تفتيش المنشآت.

 

وخلال الأيام الأخيرة، أكّد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مراراً أن الهجمات التي شنّتها قاذفات «B2» الأميركية، في 22 حزيران الماضي، على 3 منشآت نووية إيرانية، هي «نطنز» و»أصفهان» و»فوردو»، أدّت إلى «تدمير» البرنامج النووي بالكامل؛ كما أُعلن أن من المقرّر إقامة «احتفال تدمير» البرنامج خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن الإثنين المقبل.

 

لكنّ تقارير عديدة نُشرت في وسائل الإعلام الأميركية تلقي بظلال من الشك على سردية ترامب، وتُحاجّ بأن هذه الضربات أخّرت البرنامج النووي لبضعة أشهر فحسب، وهو ما أثار حفيظة الرئيس الأميركي.

 

وفي الوقت ذاته، تؤكّد التصريحات الجديدة للمدير العام لـ»الوكالة الدولية»، رافاييل غروسي، صحة تلك التقارير، إذ قال إن «البرنامج النووي الإيراني لم يُدمّر بالكامل، وإن إيران قد تتمكّن من تخصيب اليورانيوم مجدّداً خلال أشهر».

 

تعتبر طهران المواد النووية التي تحتفظ بها رمزاً لاندحار العدو وأداة لممارسة الضغط الدبلوماسي

 

 

أمّا على الجانب الإيراني، فتسود حالة «غموض»، يبدو أنها نابعة من وعي وإرادة. ويتحدّث مسؤولون إيرانيون، بمن فيهم المتحدّثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، عن «أضرار حادّة» لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية من دون إعطاء تفاصيل إضافية، ويؤكّدون أن البرنامج سيواصل نشاطه بقوة.

 

كما أن وزير الخارجية، عباس عراقجي، قال، في مقابلة مع شبكة «سي بي إس نيوز» الأميركية إن «القصف الأميركي لموقع فوردو ألحق أضراراً جسيمة وفادحة فيه»، مستدركاً بأنه «لا يمكن تدمير تكنولوجيا التخصيب بالقصف.

 

وسنتمكّن من إصلاح الضرر بسرعة». کذلك، أكّد رئيس «منظمة الطاقة الذرية الإيرانية»، محمد إسلامي، أمس، أن «الصناعة النووية ليست شيئاً يمكن تدميره بالقصف، بل إن صناعتنا النووية تكنولوجيتها محلية ومتجذّرة في هذه الأرض والمياه».

 

وعليه، وعلى الرغم من أن الكثير من المؤشرات تدل على أن تقدّم البرنامج النووي قد توقّف إثر الهجمات الأخيرة، فإن إمكانية استعادته متوافرة، وهو ما سيشكّل مصدر قلق بالنسبة إلى الغرب، خاصة إن تقرّر أن تقوم إيران، هذه المرة، بالتخصيب في منشآت سرية.

 

ويسهم القرار الذي أقرّه البرلمان بتعليق التعاون مع «الوكالة الدولية»، الأسبوع الماضي، وأعلن عنه الرئيس، مسعود بزشکیان، أمس، ليصبح نافذاً، في تكبيل يدي هذه الأخيرة في مجال مراقبة البرنامج؛ علماً أن إيران تقول إن عضويتها في الوكالة و»معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية»، لم تجلب لها فائدة، ولم تمكّنها عملياً من الحفاظ على حقّها في امتلاك برنامج نووي سلمي، وبالتالي قُصفت منشآتها على يد دولة تمتلك سلاحاً نووياً.

 

ويشكّل عدم تحديد أماكن الاحتفاظ باليورانيوم المخصّب، هو الآخر، أحد أبعاد سياسة «الغموض النووي». وتمتلك إيران 3 مستويات من اليورانيوم المخصّب بنسب 3.67 و20 و60%، فيما وصولها إلى آخر مستوى مخصّص للأغراض العسكرية (90%) لا يتطلب سوى عدّة خطوات تقنية وتغيير ترتيب أجهزة الطرد المركزي وتموضعها.

 

ومع مضي 10 أيام على الهجوم الأميركي، لم تنشر طهران أيّ معطيات عن المواد النووية، وخاصة اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%، وتقول فقط إنها على علم بالمصير القطعي لهذه المواد، التي لا تتوافر مؤشرات إلى ما إذا كان تمّ نقلها إلى موقع آخر أم أنها دُفنت في «فوردو».

 

ويبدو أن مخزون إيران المتبقّي من اليورانيوم المخصّب تحوّل في الوقت الحاضر إلى ورقة رئيسية لديها؛ إذ تعتبر طهران هذه المواد رمزاً لاندحار العدو، وأداة لممارسة الضغط الدبلوماسي أيضاً. كذلك، يشكّل التهديد بالانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية (NPT) والإشارات غير المباشرة إلى القدرة على تصنيع قنبلة، جزءاً من تكتيكات الضغط للحصول على تنازلات في الظروف الحرجة.

 

وما يمكن أن يزيد من غموض توجهات البرنامج النووي، هو التهديدات السابقة للسلطات الإيرانية بشأن احتمال «تغيير العقيدة النووية» في حال تعرّض المنشآت النووية للهجوم. وإذا طبّقت السلطات تهديداتها فعلياً، فيعني ذلك أنها ستتحرّك في اتجاه إنتاج السلاح النووي، الأمر الذي – وإن كان من الصعوبة بمكان تحقيقه – من شأنه أن يؤدّي إلى تغييرات كبرى في المعادلات الاستراتيجية في المنطقة.

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ضغوط على الحكومة والجيش لكشف خسائر إسرائيل في الحرب على إيران

نظير مجلي   في ظل تكتم الحكومة وقيادة الجيش على حقيقة الخسائر الإسرائيلية في الحرب مع إيران، أفادت مصادر مطلعة بأن أكثر من 480 مبنى ...