عبدالحليم حفينة
خلافاً للهتاف الذي عاش أنصار الرئيس المصري الراحل يرددونه “فلسطين عربية من النهر إلى البحر”، خرجت تسجيلات صوتية منسوبة لجمال عبد الناصر تدحض فكرة الحل الجذري للصراع العربي – الإسرائيلي بالقضاء على إسرائيل، وبدا الرجل أكثر واقعية من خطابه الثوري الذي سبق هزيمة حزيران/يونيو 1967.
كشفت التسجيلات عن انتقادات لاذعة وجهها عبد الناصر للحكومات السورية والعراقية والجزائرية، بالإضافة إلى بعض المنظمات الفلسطينية، بسبب ما اعتبره مزايدات ومطالبات متكررة له بشن حرب على إسرائيل، من دون أن تبادر هذه الأطراف بفعل أي شيء، مطالباً بحلول واقعية تراعي موازين القوى.
نُشرت التسجيلات عبر قناة Nasser TV على موقع “يوتيوب”، ويملكها عبد الحكيم، نجل الرئيس المصري الراحل. وفي تصريحات إعلامية، أوضح عبد الحكيم أن “المستفيد الأول والأخير من نشر هذه الفيديوهات هو الحقيقة ذاتها، وذلك قطعاً للطريق على أي محاولات للتحريف، ومن أجل توفير فرصة للأجيال الجديدة للتعرف على التاريخ بصوت أصحابه الأصليين، بعيداً عن أي ادعاءات”.
وأوضح نجل الرئيس المصري الراحل أن محضر اللقاء بين عبد الناصر والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي متاح في مكتبة الإسكندرية منذ قامت أسرة عبد الناصر بإهداء المكتبة العديد من أوراقه الخاصة والعامة.
من جانبها، نفت مكتبة الإسكندرية في بيان رسمي مسؤوليتها عن أي محتوى نُشر عبر قنوات التواصل الاجتماعي، يتعلق بتسجيلات عبد الناصر. وبالبحث في موقع الأرشيف الرقمي للرئيس الراحل، والذي تتيحه المكتبة للجمهور، عثرنا على خمسة محاضر اجتماعات نصية لعبد الناصر مع القذافي أيام 2، و3، و4 آب/أغسطس 1970 توثق ما جاء في المقاطع المنشورة بالفعل. ما يؤكد وجود هذه المحاضر في شكل نصي قبل أن ينشرها نجل عبد الناصر.
أرشيف مكتبة الإسكندرية يوثق محاضر الاجتماعات
الدافع والتوقيت
من جانبه، يعلق الكاتب والمحلل السياسي أشرف راضي، في حديث لـ”النهار”، قائلاً إن “الغرض من نشر هذه التسريبات لا ينفصل عمن نشرها. ولما كان مصدر هذه التسريبات هو نجل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فإن نشرها الآن مرتبط بالجدل بشأن حقيقة موقف الزعيم الراحل في ما يخص قضية الصراع مع إسرائيل وعلاقة هذا الموقف بالسردية السائدة”.
ويشير إلى أنه “خلافاً للسردية السائدة، التي تصور التزام الرئيس الراحل تجاه القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل، تطرح التسريبات سردية مغايرة، تظهر حدود هذا الالتزام من منظور المصلحة الوطنية المصرية، وأن هذا الالتزام مستمر وثابت في السياسة المصرية، ولا يختلف في الخطوط العامة عن الموقف المصري الراهن”.
ويوضح راضي أن “ثمّة دراسات وشهادات سابقة تدعم سعي مصر من أجل السلام وتجنب الحرب بسبب المشكلة الفلسطينية. هذا التصور يختلف جذرياً عن التصور السائد الذي يرى أن قضية فلسطين هي قضية مركزية بالنسبة للسياسات العربية والسياسات الوطنية لمصر”.
وعن توقيت النشر، يلمح المحلل السياسي إلى أنه ربما تكون هناك صلة بين نشر التسريبات والتقارير الراهنة عن توتر عسكري بين مصر وإسرائيل بسبب حرب غزة وتداعياتها، ويقول: “إذا كان الأمر كذلك، لماذا تصدر عن نجل الرئيس؟ وكيف يمكن تبرير نفي مكتبة الإسكندرية وأرشيفها؟”، ويتساءل راضي: “هل نحن أمام توظيف آخر لأرشيف الرئيس الراحل؟ ولمَ يتورط في هذا التوظيف أفراد من أسرته؟”.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار