آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » تشاركية مطلوبة يفرضها الواقع وتخدم الطرفين والمجتمع والوطن بين المليئين مالياً و الخريجين طبياً  

تشاركية مطلوبة يفرضها الواقع وتخدم الطرفين والمجتمع والوطن بين المليئين مالياً و الخريجين طبياً  

 

عبد اللطيف شعبان

 

 

 

شهدت السنوات الأخيرة إقبالا كبيرا باتجاه الفرع العلمي في الدراسة الثانوية، وتم الانفاق الأسري بسخاء على تمكين الأبناء تعليميا من خلال الساعات الخصوصية، ما مكَّن آلاف الطلاب من تجميع علامات عالية، ودخول كليات الطب والصيدلة، وقسم كبير من هؤلاء هم من الشريحة الاجتماعيىة الفقيرة التي أنفق أسرها الملايين على تعليم أبنائهم في المرحلة الجامعية، وعلى الأخص طلاب السنوات الأخيرة الذين عايشوا الارتفاع الكبير المتتالي في الأسعار ، سواء الذين تخرجوا حديثا أو هم على أبواب التخرج الأولّي أو التخصص النهائي.

 

معظم هؤلاء أنفقوا خلال دراستهم الجامعية جميع مدخرات أهلهم، وهم يتململون غيظا على أبواب تخرجهم أو عقبه، لأن راتب التعيين الوظيفي – حال توفره – لا يغطي النفقات الشخصية، ولا تتوفر ملاءة مالية عند معظمهم تمكنهم من استئجار أو شراء مقر عمل، فالاستئجار يكلف مئات الآلاف شهريا والشراء يكلف مئات الملايين، عدا عن عشرات بل ومئات الملايين التي تلزم الطبيب لتأمين الأجهزة الطبية، والحال نفسه بالنسبة لتأسيس صيدلية، ما دفع بعض الآباء لبيع بعض ممتلكاتهم بما في ذلك الأرض الزراعية أو غير ذلك من الأملاك، لصالح تأمين متطلبات تأسيس العيادة الطبية أو صيدليه لابنه، حتى أن بعضهم لم يستكملوا الإعداد لتأمين مقر العمل لابنهم رغم ما باعوا من أملاكهم، خاصة من تأخر باستثمار حصيلة ما باع، والطامة الكبرى أن الكثير من أسر الخريجين لاتتوافر لديها ملكيات تسمح بذلك،

 

مادفع الكثير من الخريجين للإعداد للسفر إلى الخارج، ولكن المشكلة المستجدة أن السفر لم يعد متاحا كما كان في الماضي وحال تأمَّن فتكاليفه عالية جدا إعدادا وتنفيذا، والكثيرون لا يستطيعون ذلك والمؤسف أن بعض من بدأوا التنفيذ للسفر وقعوا في خداع المدَّعين بتنظيم السفر، ولاحقا تبين أن بعض من سافروا لم يوفَّقوا بتأمين عمل – كما يتوخون – في البلد المقصود، وبالتالي خسروا تكاليف السفر، والقلق يرافقهم .

 

بغية تخفيف المزيد من القلق أو التشاؤم المربك – وربما الأسوأ من ذلك – الذي قد يحل بهؤلاء الخريجين نتيجة معاناتهم المتعددة، أقترح قيام العديد من رجال الأعمال المليئين ماليا بطرح تشاركية على خرّيجين يختارونهم ويتفقون معهم، بحيث يقدّم رجل الأعمال العيادة / الصيدلية / وتجهيزاتها، ويكون العمل الطبي على عاتق الخريج، على أن يكون الدخل المتحقّق لصالح الطرفين وفق نسبة بينهما يتفق عليها مسبقا بموجب عقد قانوني معتمد من خلال مجلس وحدة الإدارة المحلية، وليكن ذلك في مراكز المدن والنواحي والقرى الكبيرة، علما أن مثل هذه التشاركية معمول بها في بعض البلدان التي يسافر لها الخريجون حسبما علمت من أحدهم.

 

واقع الحال يظهر أن بمقدور المليئين ماليا أن يغطُّوا أعداد الخريجين طبيا، ما يوجب توفر الرغبة لدى الطرفين لمصلحتهما معا في ذلك، ففرصة التشَاركيه هذه ستكون متاحة أمام مالك المال الراغب بتحريك أمواله، وستكون فرصة العمل متاحة أمام طالبها وراغبها ومحتاجها من الخريجين، عدا عن الجانب الانساني الذي يتكلل بهذه المبادرة ذات النفع الثلاثي الذي يشمل طرفي التشاركية والطرف الثالث الأكبر المتمثل بالمجتمع والوطن المستفيدين منها. حبذا أن يرى كلا الطرفين أن هذه التشاركية مرغوبة ومطلوبة وواجبة الاعداد لها والاعتماد في تطبيقها.

 

قد يكون هذا النوع من التشاركية قائم بشكل ما بين أصحاب المستشفيات الخاصة وقليل من الخريجين، ولكن تبقى الحاجة ماسة للتشاركية الأوسع على مستوى المراكز الطبية الأصغر التي يجب أن تنتشر في جميع المحافغظات ريفا ومدينة، والتي قد يعمل في كل واحد منها متخصص أو أكثر إلى ما يقارب الخمسة متخصصين حال كانت الجدوى الاقتصادية والاجتماعية متحققة في ضوء الواقع الجغرافي والسكاني.

 

إن الخريجين الفقراء ماديا الأغنياء علميا ثروة وطنية، ويستحقون المزيد من التقدير الرسمي والشعبي لقاء جهودهم التي أثمرت في تحصيلهم العلمي العالي التخصصي في أجواء أسرية صعبة، ومجتمعهم ووطنهم أولى بخدماتهم، والمصلحة الوطنية تقتضي إشعارهم بأنهم أقوياء كرماء مقدَّرين، بعيدا عما قد ينتابهم مما يناقض ذلك. أتمنى أن يلقى اقتراحي هذا قبولا نظريا يتبعه التنفيذ العملي والكرة في الملعب بين يدي الطرفين.

 

عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعبة العلوم الاقتصادية السورية

 

(موقع سيرياهوم نيوز-١)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها

يقيم مصرف سورية المركزي بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها بعنوان: “نحو إطار تمويلي ...