آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » تصريف الأعمال والمركزية الإدارية .. عوائق تخنق التنمية!

تصريف الأعمال والمركزية الإدارية .. عوائق تخنق التنمية!

 

م.حسان نديم حسن

الإدارة ليست مجرد منظومة إجرائية أو أداة بيروقراطية لتسيير المؤسسات بل هي جوهر القيادة الذي يختزل قدرة المؤسسة على تحويل الأفكار إلى أفعال والطموحات إلى إنجازات . الإدارة الحقيقية هي البوصلة التي تحدد الاتجاه والرافعة التي تترجم الموارد إلى قيمة و هي العقل الذي يصوغ مستقبل المؤسسة. وحين تغيب هذه الوظيفة القيادية لا تفقد المؤسسة فاعليتها فقط بل تتحول إلى جسد ثقيل بلا روح يكرر حركته الرتيبة في دائرة من الجمود والمماطلة.

قد تفرض الظروف أحيانًا اللجوء إلى سياسة تصريف الأعمال لضمان استمرارية الخدمات في الفترات الانتقالية أو عند حدوث فراغ إداري غير أن الخطورة تكمن حين يتحول هذا الحل المؤقت إلى قاعدة دائمة للعمل فتدار المؤسسات بمنطق الحد الأدنى ويتكرر الروتين اليومي دون أي قرارات إصلاحية أو توجهات استراتيجية فتضيع الفرص ويهدر الزمن الإداري في إدارة الوقت بدل صناعة المستقبل.
إلى جانب ذلك تتفاقم المشكلة حين تدار المؤسسات بعقلية المركزية الصارمة. فحصر القرار في المستويات العليا وتجريد الوحدات التنفيذية من صلاحياتها يؤدي إلى بيروقراطية خانقة وتأخير في إنجاز العمل واتساع الفجوة بين الإدارة و المجتمع.
صحيح أن المركزية قد توفر وحدة شكلية للقرار لكنها في الواقع تقتل المرونة وتعطل المبادرة وتحول الجهاز الإداري إلى هيكل ضخم بطيء لا يستجيب للمتغيرات بالسرعة والمرونة اللازمتين.

وحين تجتمع سياسة تصريف الأعمال مع المركزية المفرطة نجد أنفسنا أمام إدارة بلا رؤية استراتيجية مقيدة بهيكلية مثقلة تمنعها من التحرك. و النتيجة الحتمية هي حالة جمود إداري مزمن تهدر فيه الطاقات وتضيع الفرص ويتكرس شعور عام بالعجز وفقدان الثقة بقدرة الإدارة على قيادة المؤسسة نحو أهدافها.

إن كسر هذه الحلقة يتطلب إعادة تعريف الإدارة بوصفها جهازاً قياديًاً لا مجرد أداة لتسيير الأعمال وهذا يقتضي تفويضات فعلية ومدروسة تمنح المستويات التنفيذية مرونة القرار مقروناً برقابة شفافة بالإضافة إلى خطط استراتيجية طويلة الأمد تضمن استمرارية العمل بعيداً عن منطق المؤقت. كما يفرض اعتماد حوكمة حديثة تقوم على التحول الرقمي الحقيقي وقياس الأداء بما يحول الجهاز الإداري إلى بيئة ديناميكية وفعالة.
إنها حاجة إلى ثقافة إدارية جديدة تكسر الجمود وتعزز المبادرة والمسؤولية وتربط الإنجاز بالمحاسبة.

إن جوهر المشكلة لا يكمن في ندرة الموارد بل في عقلية إدارية تستسلم لمنطق “الأقل الممكن” وتختبئ خلف جدار المركزية المفرطة.
التنمية تتحقق بإدارة تملك الجرأة على القرار والقدرة على التجديد والرؤية التي توازن بين ضرورات الحاضر واستحقاقات المستقبل. فالرهان اليوم هو على ممارسة الإدارة لدورها كعقل قيادي مرن ومسؤول يحول المؤسسات من كيانات مثقلة بالجمود إلى محركات فاعلة للتنمية والتغيير.

 

 

 

 

(موقع اخبار سوريا الوطن-2)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هكذا عرفت أنا المسيحي عن الإسلام

  بقلم المهندس باسل قس نصر الله عن الإسلام حفِظتُ الآية ١٠٧ في سورة الأنبياء “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ”. وتعلّمتُ عن رسول الإسلام “ص” ...