صعّدت أنقرة، في الأيّام الأخيرة، هجماتها على مناطق سيطرة «قسد» في مدينة عين عيسى وريف تل أبيض، شمال محافظة الرقة. يأتي ذلك في سياق محاولة تركيا استغلال الشهرين المتبقيين من عمر الإدارة الأميركية المغادِرة للسيطرة على مناطق جديدة في شرقي الفرات
تشهد المنطقة الممتدّة بين مدينة عين عيسى وأريافها وريف تل أبيض، بمحاذاة الطريق الدولي حلب – الرقة، هجمات تركية مستمرّة منذ أكثر من أسبوع، تَتّهم «قسد» موسكو بالتقاعس عن ردعها. وأدّت الهجمات التركية إلى حركة نزوح واسعة لأهالي مدينة عين عيسى وأريافها، باتجاه مدينة الرقة ومحيطها، مع انتشار معلومات عن قرب استئناف تركيا وفصائلها عملية «نبع السلام». ويوحي القصف التركي المتواصل، والمترافق مع اشتباكات متقطّعة واستقدام للتعزيزات العسكرية، بِنيّة أنقرة توسيع هجماتها في المنطقة، واحتلال مزيد من المساحات على الطريق الدولي حلب – الرقة. وهو ما يستهدف، في نهاية المطاف، السيطرة على المنطقة الممتدّة من عين عيسى مروراً بعين العرب، وصولاً إلى منبج، بهدف ربط مناطق «درع الفرات» بـمناطق «نبع السلام»، أي ربط الجغرافيا على امتداد يزيد على 300 كلم، وبعمق يتجاوز 30 كلم، على امتداد طريق «M4».ويُرجّح أن الأتراك وضعوا مدينة عين عيسى كأولوية عسكرية وهدف رئيس، لتكون قاعدة للانطلاق نحو عين العرب ومنبج. وتَرجمت أنقرة هذا التوجّه على الأرض، من خلال بناء قاعدة عسكرية جديدة على بعد أقلّ من 2 كلم شمالي مدينة عين عيسى، في قرية مردود، مع الدفع بالمزيد من الجنود والآليات إلى المنطقة. يضاف إلى ذلك كشْفُ مصادر إعلامية مقرّبة من «الجيش الوطني» المدعوم من تركيا عن «عقد اجتماع لقادة عسكريين أتراك مع عدد من قادة فصائل الجيش الوطني، تمّ الاتفاق خلاله على التمهيد لإطلاق معركة لتحرير مناطق جديدة في سوريا»، وتأكيدها «وجود استنفار كبير لقوات الجيش الوطني لاستئناف عملية نبع السلام، بهدف السيطرة على مدن عين عيسى وعين العرب ومنبج، كمرحلة أولى من العملية». ويبدو أن أنقرة تريد الاستفادة من الفترة الانتقالية الممتدّة حتى تسلّم الرئيس الأميركي المنتخَب، جو بايدن، الإدارة، للسيطرة على مناطق إضافية في منطقة «شرقي الفرات»، وفرض واقع عسكري جديد، مُستغلّة غياب أيّ حضور عسكري أميركي في تلك المناطق.
تتّهم «قسد» الجانب الروسي بالتقاعس أمام الأتراك
لكن تركيا تواجه صعوبة شديدة في الحصول على ضوء أخضر روسي، وسط استمرار موسكو في تعزيز وجودها العسكري في قاعدة عين عيسى – مع استمرار تعزيزات الجيش السوري أيضاً -، في مؤشّر إلى رفضها أيّ تحرّك تركي جديد هناك. ومع أن التحرّكات العسكرية التركية لا تزال محدودة، إلا أن «قسد» سارعت إلى اتهام روسيا بالتقاعس. وفي هذا السياق، تعتبر مصادر مقرّبة من «قسد»، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الهجمات التركية على عين عيسى وأريافها تأتي ردّاً على قصف روسيا لمعسكر تابع لفيلق الشام المدعوم من تركيا في إدلب»، مضيفة أن «التصعيد التركي ضدّ مناطق سيطرة قسد سببه تأخّر موسكو في تطبيق اتفاق غير معلَن بين الطرفين، يهدف إلى تسليم مدينتَي منبج وعين عيسى، مقابل إخلاء الأتراك لقواعدهم في حماة وحلب وريف إدلب».
وكانت «قسد» أصدرت بياناً أول من أمس، قالت فيه إن «الجيش التركي ومرتزقته على بعد 2 كلم من طريق M4 الدولي، يعملون على تجهيز قواعد والاستعداد لشنّ الهجمات»، مؤكّدة «تكثيف تركيا لهجماتها في الآونة الأخيرة، وقصفها المدفعي على خطّ عين عيسى وقرى تل أبيض». وأشار المتحدّث الرسمي باسم «قسد»، كينو كبرائيل، بدوره، في تصريحات إعلامية، إلى أن «القوات الروسية الموجودة في المنطقة لا تنفّذ التزاماتها تجاه الأهالي وفق الاتفاق الذي سمح لهذه القوات بالوجود في المنطقة». وكشف كبرائيل عن «تواصل مستمرّ مع موسكو وواشنطن بهدف إيقاف هذه الهجمات على المنطقة، وضمان حمايتها من أيّ هجمات جديدة».
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)