آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » تصعيد مضبوط: هل يهدد الصراع الإسرائيلي – الإيراني أمن الطاقة العالمي؟

تصعيد مضبوط: هل يهدد الصراع الإسرائيلي – الإيراني أمن الطاقة العالمي؟

 

خالد جمال الخطيب

 

مع استمرار التصعيد بين إسرائيل وإيران، تتصاعد التساؤلات حيال مدى تأثير هذا التوتر على أمن الطاقة العالمي، خصوصاً مع التركيز على مضيق هرمز، وهو الممر البحري الذي يمر عبره حوالى 20% من صادرات النفط في العالم. رغم التوتر السياسي والعسكري الواضح، فإن التأثير المباشر على أسواق الطاقة حتى الآن يبدو محدودًا، في ظل مواجهات محسوبة ومدروسة، تركز أكثر على الرسائل السياسية منها على الأضرار العملية.

 

 

 

ضربات إسرائيلية موجهة للداخل الإيراني

العمليات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت منشآت في العمق الإيراني، ركزت على البنية التحتية المحلية مثل مصافي الوقود ومستودعات البنزين، ما يوحي أن الهدف هو الضغط على الاقتصاد الإيراني داخليًا وليس تعطيل التصدير الخارجي للطاقة. حتى الهجوم على جزء من حقل “بارس الجنوبي” – الذي يُعد أحد أكبر حقول الغاز في العالم – لم يؤثر فعليًا على تدفقات الغاز نحو الأسواق الخارجية، لأن أكثر من 90% من إنتاج الحقل يُستهلك داخل إيران، خصوصاً خلال أشهر الصيف حين يرتفع الطلب على الكهرباء بسبب استخدام مكيفات الهواء. هذا يعكس بوضوح أن التأثير الحقيقي على أمن الطاقة العالمي محدود رغم الرمزية الكبيرة لهذه العمليات.

 

 

 

مضيق هرمز: تهديد يتجاوز الجانب العملي

رغم التهديدات الإيرانية المتكررة بإمكان إغلاق مضيق هرمز، إلا أن تنفيذ ذلك يبقى خيارًا مستبعدًا في الوقت الحالي، لأنه يحمل مخاطر كبيرة على إيران نفسها. فإيران تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط والغاز، وخصوصًا على الصين والهند كشريكين رئيسيين. أي تعطيل طويل الأمد لحركة الملاحة عبر المضيق سيضر بعلاقات إيران الاقتصادية، ويُضعف نفوذها. من جهة أخرى، فإن أي خطوة حقيقية لإغلاق المضيق ستدفع الدول المستوردة للإسراع في تنفيذ بدائل استراتيجية تقلل من اعتمادها عليه، مما يُضعف ورقة إيران في هذا الملف على المدى المتوسط.

 

 

 

 

 

 

 

بنية تحتية إقليمية متطورة ومرنة

عمل العديد من دول الخليج على تقليل المخاطر المحتملة عبر تطوير بنية تحتية بديلة. السعودية على سبيل المثال، تمتلك خط أنابيب شرق-غرب الذي يربط بين شرق المملكة حيث الإنتاج النفطي، وميناء ينبع على البحر الأحمر، متجاوزًا مضيق هرمز. الإمارات تعتمد بشكل كبير على ميناء الفجيرة على بحر العرب لتصدير نفطها. العراق أيضًا بدأ في السنوات الأخيرة باستكشاف طرق بديلة لتصدير النفط عبر الأردن وتركيا، رغم أن هذه البدائل لاتزال غير مكتملة، لكنها تمنح الأسواق هامش أمان إضافياً يقلل من أثر أي تعطيل محتمل في المضيق.

 

 

 

 

 

تغيرات في الطلب العالمي تقلل الهشاشة

على صعيد الطلب العالمي، أصبح من الواضح أن الولايات المتحدة، بفضل ثورة النفط الصخري، أصبحت شبه مكتفية ذاتيًا ولا تعتمد بشكل كبير على واردات النفط من الشرق الأوسط. في المقابل، الصين والهند اللتان تعدان من أكبر مستوردي النفط في العالم، تتجهان إلى تنويع مورديهما بشكل متزايد من مصادر متعددة مثل روسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية. هذا التنوع يقلل من هشاشة أسواق النفط أمام أي اضطرابات في الشرق الأوسط، وهو ما تجلى في استقرار أسعار النفط نسبيًا رغم التصعيد الأخير.

 

 

 

الخلاصة: توتر محسوب من دون تهديد فوري

حتى الآن، يبدو أن الصراع الإسرائيلي-الإيراني يدار ضمن حدود ضيقة ومحسوبة، بحيث تظل الضربات ذات طابع رمزي تركز على الضغط الداخلي أكثر منها على تعطيل إمدادات الطاقة العالمية. التهديدات المتبادلة تمثل بشكل كبير حربًا نفسية وسياسية، والأسواق النفطية تظهر مرونة واضحة في التعامل مع هذه التوترات. مع ذلك، تبقى الصورة قابلة للتغير بشكل مفاجئ إذا تم استهداف خطوط التصدير مباشرة أو أُغلق مضيق هرمز فعليًا، إذ قد يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار إمدادات الطاقة العالمية بشكل كبير.

 

 

 

** محلل الأسواق في EasyMarkets

 

 

أخبار سوريا الوطن-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مباحثات بين غرفة صناعة دمشق وريفها و القائم بالأعمال بالإنابة في سفارة السودان حول التعاون الاقتصادي

بحث رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها المهندس محمد أيمن المولوي، مع القائم بالأعمال بالإنابة في سفارة جمهورية السودان بدمشق الدكتور أحمد إبراهيم حسن، أوجه التعاون ...