| فراس عزيز ديب
يقولون بأن إرضاء الناس غاية لاتُدرك، هذه حقيقة لا جِدال فيها، لكن بطبيعةِ الحال فإننا يجب أن نفرق فيما إذا كانت عملية الإرضاء تلك هي كطبيعة أخلاقية يحاول البعض الاهتمام بها لكي يكون حريصاً على وجهة نظرِ الآخرينَ به وهي سلاح ذو حدين قد تلغي شخصيته نهائياً وصولاً إلى حدِّ الانعزال، أو قد تكون نتيجة طبيعية للمهام التي يقوم بها الشخص، حيثُ تشكل هذه المهام صلةَ وصلٍ بينه وبين الناس مسؤول حكومي، وزير.. الخ.
كمثالٍ بسيط لايستطيع كاتب مقال مثلاً أن يحظى على إجماعٍ بتقبل الناس لأفكارهِ من عدمهِ تحديداً عندَ من يتعارض فكرهم مع مايطرحهُ وهذا طبيعي، بل وهو مطلوب تحديداً بما يتعلق بكسر الروتين الأدبي فيما يتعلق بالتعاطي مع أحداث الساعة وهموم المواطن، من جهةٍ ثانية لنعترف بأنَّ المسؤول كذلك الأمر لن يستطيعَ إرضاء جميع الناس بقراراتهِ وأداءه، لكن على الأقل هناك حد أدنى من قبولٍ لهذه القرارات، أو قبول لهذا الشخص، أما عندما تكون ردات الفعل تلك شبه إجماعٍ بسلبية الرضى عن هذا المسؤول أو ذاك هنا علينا فعلياً أن نسأل أنفسنا، ألا يقرأ هؤلاء ما يكتبهُ الناس عنهم؟!
بالأمس جاء التعديل الحكومي ربما كما كان متوقعاً، تحديداً بالوزارات التي فشلت فشلاً ذريعاً في إيجادِ حلول لمعاناة المواطنين، حقيقة ماكُتب وما قيل وما نُشر بعد هذا التعديل يكاد يكون مثيراً للشفقة ليس فقط على معاناة الناس التي تضررت من سوء الأداء في الوزارات المعنية، بل على من ما زال يرى يإخفاقاتهِ انجازات، حتى بعد مغادرتهِ لمنصبه ما زال البعض يظن بأن بعضاً من التعابير المنمقة ممزوجة بجمل تأكيد الانتماء هي حبل نجاة من الفشل، هناك سؤال طرحهُ أحد المواطنين وعلى بساطته يلخص الكثير:
إذا كانت هذه كلها إنجازات فلماذا نعاني مانعانيه حتى بأبسط الاحتياجات؟
هذه المقاربة التي يطرحها هذا السؤال تثبتها آلية التغيير، فمن الواضح أن حدوث تعديل حكومي لاتغيير حكومي يعني ببساطة أن التغيير من عدمهِ اليوم لن يأتي بنتيجةٍ لسببين، الأول أن الظروف المحيطة لم تتغير ليكون هناك ثوابت لانطلاقة جديدة أقلها استعادة ثرواتنا المنهوبة من الأميركي وعملائه، الثاني هي التراتبية في الترشيح والاختيار والتعيين التي ما زالت تعتمد نفس الأسلوب أي أننا سنبقى ندور في ذات الأفكار، فاللجوء لخيار التعديل هو بحد ذاتهِ تأكيد لفشل منقطع النظير في الأداء لاتنفع معهُ كل وسائل التجميل بما فيها المستوردة!
في الخلاصة: دائماً مانُكرر عبارة أن انتقاد المسؤول هو حق وواجب، تحديداً عندما تكون العلاقة بين الجهة التي تنتقد والمسؤول هي علاقة آنية تنتهي بانتهاء مهام المسؤول، المهام الموكلة هي التي وثَّقت هذه العلاقة، على أي مسؤول تفهّم هذه الفكرة وانتهاء هذه المهام تعني عملياً بالنسبة للصحفي انتهاء هذه العلاقة، فبماذا تعنيني مثلاً أخبار هذا الوزير أو ذاك بعدَ مغادرتهم لمناصبهم؟! بمعنى أدق عند انتهاء هذه العلاقة علينا التعاطي من مبدأ..الضرب بالميت حرام..إلا إن كان البعض يريد العودة إلى سياسة التنظير والاصطياد بالماء العكر!
سيرياهوم نيوز3 – الوطن