محمد قورشون :قرر الرئيس التونسي قيس سعيد أمس الاثنين تعطيل العمل بمؤسسات الدولة ليومين، فيما دعت أحزاب تونسية إلى الحفاظ على مكتسبات ثورة 2011، ووضع خارطة طريق في إطار مؤتمر وطني عاجل للإنقاذ، وذلك إثر قرارات للرئيس تضمنت تجميد اختصاصات البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة من مهامه، مما أحدث أزمة سياسية في البلاد.
وقالت الرئاسة التونسية -في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني- إن سعيد أصدر أمرا رئاسيا يقضي بتعطيل العمل في المؤسسات الحكومية ذات الصبغة الإدارية لمدة يومين بداية من اليوم الثلاثاء، مع إمكانية تمديد مدة تعطيل العمل.
وبحسب البيان، يتيح الأمر الرئاسي لكل وزير معني أو مسؤول محلي اتخاذ قرار في تكليف عدد من الموظفين بفترات عمل محددة أو بالدوام عن بعد، وتستثنى من هذا الأمر الرئاسي قوات الأمن الداخلي والعسكريون والعاملون بالهياكل والمؤسسات الصحية ومؤسسات التربية والطفولة والتدريب والتعليم العالي الذين يخضعون لترتيبات خاصة لم يوضحها البيان.
يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان سعيد فرض حظر تجول ليلي لمدة شهر، بعد قرارات مفاجئة له مساء أول أمس الأحد تضمنت تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، وهو الأمر الذي رفضته أغلب القوى السياسية في البلاد، وفق “الجزيرة نت”.
وعارضت أغلب الكتل البرلمانية في تونس هذه القرارات، إذ عدتها حركة النهضة (53 نائبا من أصل 217) انقلابا، واعتبرتها كتلة قلب تونس (29 نائبا) خرقا جسيما للدستور، ورفضت كتلة التيار الديمقراطي (22 نائبا) ما ترتب عليها، ووصفتها كتلة ائتلاف الكرامة (18 مقعدا) بالباطلة، فيما أيدتها حركة الشعب (15 نائبا).
كما أدان البرلمان -الذي يترأسه زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي- بشدة في بيان لاحق قرارات سعيد، وأعلن رفضه لها.
وجاءت قرارات سعيد إثر احتجاجات شهدتها عدة محافظات تونسية بدعوة من نشطاء طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.
مؤتمر وطني للإنقاذ
وفي السياق ذاته، دعت حركة “مشروع تونس” (3 نواب) -في بيان أمس الاثنين- سعيد إلى توضيح برنامج عمله خلال أجل 30 يوما الذي منحه لنفسه، وذلك بوضع خارطة طريق في إطار مؤتمر وطني عاجل للإنقاذ.
واقترحت الحركة أن ينتهي هذا المؤتمر “بتنظيم استفتاء شعبي لتغيير النظام السياسي وتعديل المنظومة الانتخابية برمتها”.
بدورها، حثت حركة “تحيا تونس” (10 نواب) -في بيان- الطبقة السياسية على تحمل مسؤوليتها التاريخية، وتقديم التنازلات الكفيلة بخفض مستوى الاحتقان في البلاد، وإعادة بناء جسور الثقة مع الشعب للانطلاق في عملية الإنقاذ الشامل الصحي والاقتصادي والاجتماعي.
ودعت حركة “آفاق تونس” (نائبان) -في بيان- رئاسة الجمهورية وكل القوى السياسية والمجتمع المدني إلى تجنيد الأنفس للحفاظ على مكتسبات الثورة، والانخراط في إصلاح وتعديل وبناء صادق وشجاع لمسار ديمقراطي حقيقي وثورة اقتصادية واجتماعية ترتقي لتطلعات التونسيين.
وشددت على ضرورة أن تعطي التدابير الاستثنائية التي سيعلن عنها سعيد ضمانات للداخل والخارج أنها تعمل وفق الدستور (…)، وأن الهدف منها إعلاء دولة القانون والمؤسسات واحترام النظام الجمهوري وتصحيح المسار الديمقراطي.
من جهة ثانية، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس -في بيان- إن الوزير أنتوني بلينكن حث الرئيس التونسي على “الالتزام بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان”، وذلك في اتصال هاتفي الاثنين.
وأضاف أن بلينكن “حث الرئيس سعيد على مواصلة الحوار المفتوح مع كل الأطراف السياسية والشعب التونسي”، مشيرا إلى أن “الولايات المتحدة ستظل تراقب الموقف”.
وكان الرئيس سعيد قد قال -في اجتماع مع رؤساء عدد من المنظمات المهنية- إن ما قام به ليس انقلابا وإنما إجراءات وفق الدستور بعدما وصلت البلاد إلى حد غير مقبول، على حد تعبيره.
وأضاف أنه طبق الفصل الـ80 من الدستور وفق شروطه، باستثناء شرط المحكمة الدستورية لتعذره، وأنه أعلم كلا من (رئيس الحكومة المقال هشام) المشيشي والغنوشي بالقرارات الاستثنائية التي اتخذها.
من جهته، تعهد المشيشي بتسليم المسؤولية لأي شخص يختاره الرئيس، مؤكدا في بيان أنه لن يكون معطلا أو جزءا من إشكال يزيد وضعية البلاد تعقيدا.
من جهة ثانية حذرت منظمات المجتمع المدني الرئيسية في تونس، ومنها الاتحاد العام للشغل، اليوم الثلاثاء الرئيس قيس سعيد من تمديد الإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها يوم الأحد لأكثر من شهر.
وفي بيان دعت المنظمات، ومنها نقابتا الصحفيين والمحامين والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، الرئيس إلى وضع “خارطة طريق تشاركية” للخروج من الأزمة.
من جهته قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، إن بلاده “تتابع عن كثب التطورات” في تونس، داعيا جميع الأطراف إلى “ضبط النفس”.
وفي تصريح نشر على موقع الوزارة، الثلاثاء، أضاف زادة أنه “ينبغي على جميع التيارات السياسية والمؤسسات في تونس تحكيم لغة الحوار من أجل الخروج من التوتر الحالي”.
ودعا كافة الأطراف لضبط النفس والتماسك، مشيرا إلى أهمية الحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي في تونس.
وأفاد زادة بأن “إيران تتابع عن كثب التطورات والأحداث في تونس، ونأمل أن تخرج سريعا من هذه الأزمة عبر الحوار”.
ومساء الأحد، أعلن رئيس تونس قيس سعيّد عقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية، تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها.
وجاءت هذه القرارات إثر احتجاجات في محافظات عديدة، طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة بكاملها واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.
وعارضت أغلب الكتل البرلمانية في تونس هذه القرارات؛ إذ عدتها حركة “النهضة” (53 نائبا من أصل 217) “انقلابا”، واعتبرتها كتلة “قلب تونس” (29 نائبا) “خرقا جسيما للدستور”، ورفضت كتلة “التيار الديمقراطي” (22 نائبا) ما ترتب عليها، ووصفتها كتلة “ائتلاف الكرامة” (18 مقعدا)، بـ”الباطلة” فيما أيدتها حركة “الشعب” (15 نائبا).
كما أدان البرلمان الذي يترأسه راشد الغنوشي زعيم “النهضة”، بشدة في بيان لاحق، قرارات سعيّد، وأعلن رفضه لها.
سيرياهوم يوز 6 – رأي اليوم