يتحضّر وفد من «الإدارة الذاتية» الكردية لبدء أولى جولات التفاوض مع الحكومة السورية، على مستوى اللجان المشتركة التي تمّ تشكيلها بين الطرفين. ويأتي ذلك بعد أكثر من شهر على الجمود الذي ضرب مسار التفاوض، وأدّى إلى تعطيل اتفاقات حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب وسد تشرين في ريف المدينة الشمالي الشرقي، بفعل رفض الرئاسة الانتقالية مخرجات «المؤتمر القومي الكردي»، واعتبارها الإصرار على مطلبَي الفدرالية أو اللامركزية «تكريساً للانفصال».
ومن المقرّر أن يصل الوفد الكردي إلى دمشق اليوم أو غداً، لبحث القضايا الخلافية المتعلقة بتطبيق البنود الثمانية لاتفاق 10 آذار، الموقّع بين الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، والقائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي، وذلك في سلسلة من الاجتماعات التي قد تستمر حتى الأحد المقبل. ويترأس الوفد عضو هيئة رئاسة حزب «الاتحاد الديموقراطي» فوزة يوسف، ويضم رئيس حزب «سوريا المستقبل» ورئيس حزب «الاتحاد السرياني» سنحاريب برصوم، ورئيس «هيئة المالية» في «الذاتية» أحمد يوسف، والناطقين باسم اللجنة مريم إبراهيم وياسر سليمان، بالإضافة إلى نائب الرئاسة المشتركة لـ«الذاتية»، بدران جيا كورد.
ورغم أجواء الانفراج التي سادت بعد الزيارة التي أجراها وفد حكومي إلى «مخيم الهول» في ريف الحسكة الشرقي، برفقة وفد من «التحالف الدولي» وبالتنسيق مع «قسد»، السبت الماضي، عادت التوترات مع الإعلان عن تأجيل عملية تبادل أسرى بين الطرفين في حلب، وتأخير إخراج دفعة من السوريين المنحدرين من مناطق سيطرة الحكومة، والقاطنين في «الهول».
ولا يزال من غير الواضح ما إن كان التأجيل ناتجاً من خلافات لوجستية بين الطرفين، من مثل الأعداد المتفق عليها لتبادل الأسرى أو آليات إخراج السوريين من «الهول»، أم أنه يعكس خلافات أعمق على جوهر المفاوضات، خاصة في ظل حساسية الحكومة إزاء تمسّك «الإدارة الذاتية» باللامركزية كمدخل للحوار.
وفي هذا الإطار، عبّر عن موقف «الذاتية»، نائب رئيس «المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا»، بدران جيا كورد، الذي رأى في تصريحات إعلامية أن «النظام السياسي بشكله اللامركزي، وفق دستور ديموقراطي للبلاد، هو الضامن لحقوق جميع المكونات دون استثناء، وكذلك هو حلّ لكل القضايا السياسية، الاقتصادية، والثقافية، والأمنية، والصحية»، معتبراً أن «الأنظمة المركزية يتم عبرها تهميش وإهمال المناطق من الدعم المطلوب، ويتم فقط التركيز على المراكز دون الأطراف؛ وعلى هذا الأساس يمكن الحفاظ على خصوصية كل منطقة جغرافياً، وكل مكون إثنياً ودينياً».
أما في ما يخص دمج «قسد» بالجيش السوري، فأوضح جيا كورد أن ذلك ممكن على أساس أن تصبح الأولى «جزءاً من الجيش الوطني السوري وتابعة لوزارة الدفاع، دون التفريط بقواها ونظامها، أو ترك السلاح، خاصة وأن سوريا ما تزال بحاجة إلى ضمانات دستورية ومشاركة فعلية في المرحلة الانتقالية، والأهم هو أن قسد ما تزال تخوض حرباً شرسة ضد الإرهاب»، مضيفاً أن «الوضع الحالي يفرض أن يكون هناك خطط وبرامج للاستفادة من التجارب والخبرات العملية لمواجهة التحديات المشتركة، لا تشتيتها».
وفي إشارة إلى المخاوف من إنهاء تجربة شمال وشرق سوريا باسم الدمج، بعد سنوات من تكوّنها واستقرارها رغم الحرب والتهديدات التركية وغيرها، قال جيا كورد إنه «لا يمكن التخلي عن المكتسبات التي حقّقها أبناء ومكونات المنطقة عبر تضحيات جسام»، معتبراً ذلك «حقوقاً مشروعة ستُصان ضمن سوريا تعدّدية لامركزية». وتابع «(أننا) نعمل على كيفية تضمين هذه المكتسبات دستورياً بما ينسجم مع الوضع السوري العام».
ومن جهتها، تفيد مصادر مطّلعة على مسار المفاوضات، «الأخبار»، بأن تعطّل تبادل الأسرى وإخراج السوريين من الهول «غير مرتبط مباشرة بالمفاوضات»، لافتةً إلى أن «الاتفاق نصّ على الإفراج عن 400 معتقل وجثة من عناصر الفصائل المسلحة والأمن العام الذين قتلوا أو أسروا في معارك سابقة، مقابل 170 أسيراً من قسد، وعدد من القتلى». وبحسب المصادر، فإن «رفض الحكومة إخراج عناصر من وحدات حماية المرأة، وإخلالها بالأعداد، عطّلا الصفقة»، مرجّحة «استئناف تنفيذ الاتفاقين خلال الأيام المقبلة، بعد الوصول إلى تفاهمات حول الخلافات الحاصلة».
وبدوره، يبيّن مصدر كردي، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «جملة من القضايا سيتم طرحها خلال المفاوضات مع الحكومة، أهمها اعتماد اللامركزية كمطلب رئيس لا يمكن التراجع عنه، بالإضافة إلى اعتماد اللغة الكردية، والحفاظ على بنية قسد والأسايش ككتلة واحدة، وإدماجها مع الجيش السوري ووزارة الدفاع»، مضيفاً أن هذه المطالب «خاضعة للنقاش من أجل الخروج بآلية توافقية بين الطرفين». كما أعرب عن خشيته من «تدخلات تركية قد تجهض الحوار»، مؤكداً تمسّك «قسد» بـ«لغة الحوار للتوصل إلى تفاهمات مع دمشق على أساس الاحترام المتبادل، والمشاركة في مختلف مفاصل الدولة، بصورة تلغي نهج التعيينات الأحادية الذي لا تزال الحكومة تتّبعه».
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-الأخبار