علّق المحقق العدلي طارق بيطار الثلاثاء مجدداً تحقيقه في انفجار مرفأ بيروت، بعد تبلغه دعوى تقدم بها وزيران سابقان يطلبان نقل القضية إلى قاض آخر، وفق ما أفاد مصدر قضائي، في خطوة هي الثالثة منذ بدء التحقيق في الكارثة.
وعُلق التحقيق بعيد إصدار بيطار مذكرة توقيف غيابية في حق أحد الوزيرين السابقين لتخلفه عن حضور جلسة استجواب كانت محددة الثلاثاء، في وقت يتعرّض المحقق العدلي لضغوط سياسية متزايدة جاء أبرزها مساء الاثنين على لسان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الذي اتهمه بـ”الاستنسابية” في استدعاء مسؤولين أمنيين وسياسيين.
ومنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين وأمنيين، يخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط السياسية الى عزل بيطار، على غرار ما جرى مع سلفه فادي صوان الذي نُحي في شباط/فبراير بعد ادعائه على دياب وثلاثة وزراء سابقين.
وقال مصدر قضائي لوكالة فرانس برس إن بيطار تبلغ من محكمة التمييز المدنية دعوى جديدة مقدمة من وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر، “ما استدعى تعليق التحقيق ووقف كل الجلسات” لحين بتّ المحكمة بالدعوى لناحية قبولها أو رفضها.
وهذه المرة الثالثة التي يُعلّق فيها التحقيق، إذ علّقه صوان قبل تنحيته، كما سبق لبيطار أن علّقه الشهر الماضي إثر شكاوى قضائية من خليل وزعيتر، المنتميين لحركة أمل، ووزير الداخلية السابق الذي كان محسوباً على تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري.
وبعد استئنافه التحقيق إثر رفض المحكمة كف يده عن القضية، حدّد بيطار مواعيد لاستجواب الثلاثة الثلاثاء و الأربعاء، مستغلاً عدم تمتعهم بالحصانة النيابية قبل انعقاد الدورة العادية الثانية للبرلمان في 19 من الشهر الحالي.
إلا أن خليل وزعيتر تقدما بطلب جديد لرد القاضي بيطار، ما استدعى تعليقه التحقيق.
ولم يمثل خليل الثلاثاء أمام بيطار في جلسة الاستجواب. وأفاد مصدر قضائي وكالة فرانس برس أن محاميه حضر نيابة عنه وطلب منحه مهل إضافية لتقديم مستندات وتقديم دفوع شكلية، لكن القاضي اعتبر أن خليل تخلف عن الحضور وأصدر مذكرة توقيف غيابية في حقه.
وصعد حزب الله نبرته تجاه بيطار. واتهمه نصرالله بالعمل “في خدمة أهداف سياسية”، وطالب بقاض “صادق وشفاف” لاستكمال التحقيق. وقال “نعتبر ما يحدث خطأ كبيراً جداً جداً (…) الموضوع لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل، ولا إمكانية لاستمراره خصوصاً في الايام القليلة المقبلة”.
وسرّب إعلاميون محليون الشهر الماضي رسالة وجّهها مسؤول رفيع المستوى في الحزب، القوة العسكرية والسياسية الأبرز المدعومة من طهران، الى بيطار تضمنت امتعاضاً من مسار التحقيق وهددت بإزاحته من منصبه.
وتسبب انفجار المرفأ في 4 آب/أغسطس 2020 بمقتل 214 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن دمار واسع في العاصمة. وعزت السلطات الانفجار الى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم من دون إجراءات وقاية. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزين هذه المادة ولم يحركوا ساكناً.
ويتظاهر ذوو الضحايا باستمرار دعماً لبيطار واستنكاراً لرفض المدعى عليهم المثول أمامه للتحقيق معهم. منذ وقوع الانفجار، رفضت السلطات تحقيقاً دولياً، فيما تندّد منظمات حقوقية بينها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات، وتطالب بإنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة.
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم