كثّفت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) من تصريحاتها الإعلامية بخصوص مسار التفاوض مع الإدارة السورية الجديدة، بعد اتهامات لها صدرت من قائد الإدارة، أحمد الشرع، ووزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقّتة، مرهف أبو قصرة، بـ»المماطلة في ملف الانضمام إلى الجيش السوري، وتسليم السجون والمخيمات التي تضم عناصر وعوائل تنظيم داعش». وكان الشرع قال إن «وحدات حماية الشعب الكردية وحدها من ترفض تسليم سلاحها، في إطار خطة دمج الفصائل في بنية الجيش السوري»، في وقت لوّحت فيه الإدارة بإمكانية اللجوء إلى القوة إذا ما تعثّر طريق المفاوضات.
وردّ القائد العام لـ»قسد»، مظلوم عبدي، على تلك الاتهامات بالقول إن «تركيا تمارس ضغوطاً على الإدارة الجديدة لمنعها من التفاوض مع قسد، على رغم استمرار المحادثات»، مشدّداً على أن «سوريا الجديدة لا يمكن أن تُبنى إلّا من خلال العدالة والتعدّدية مع الحفاظ على وحدة البلاد». وكشف عبدي عن «وجود طروحات لإدراج قوى الأمن الداخلي (الأسايش) ضمن جهاز وزارة الداخلية التابعة لهيئة تحرير الشام، مع التأكيد على ضرورة أن يكون توزّع أفراد هذه القوى ضمن مناطقهم»، مشيراً إلى أن «قسد التي تضم نحو 100 ألف مقاتل، منفتحة على الانضمام إلى الجيش السوري ككتلة واحدة، بشرط أن يبقى مقاتلوها في مناطقهم، والحفاظ على خصوصيتهم». ولفت إلى أن «هيئة تحرير الشام تريد من خلال المفاوضات الجارية، تقاسم سجون داعش، أو كما تسميها سجون قسد، معنا، وهو أمر غير ممكن حالياً»، مضيفاً أن «الهيئة تطالب بإطلاق سراح من هم داخل هذه السجون، ويرون أنهم مدنيون». ورأى أن «هناك عناصر من الهيئة سيحاولون تكرار ما فعلوه في مناطق سيطرة نظام البعث عندما دخلوا إليها، من خلال فتح أبواب السجون بغضّ النظر عن الجرم المرتكب».
وتكشف حدة تبادل الاتهامات بين الطرفين، عن استمرار وجود نقاط اختلاف جوهرية، خاصة تلك المتعلقة بآلية انضمام «قسد» إلى الجيش، ورغبة الإدارة الجديدة في تسلّم السجون والمخيمات، على اعتبار أن سلطة دمشق باتت تمثّل الدولة السورية أمام المجتمع الدولي، عدا القضايا الأخرى المرتبطة بملفات النفط ومهام ضبط الأمن في مناطق شمال شرق سوريا والتعليم. وتعتبر «قسد» أن انضمام عناصرها إلى الجيش السوري كأفراد يعني إضعافها وصولاً إلى تفكيكها التدريجي، بالإضافة إلى أن سحب ملف معتقلات «داعش» منها، سيفقدها ورقة تفاوضية مهمة مع الإدارة الجديدة، ويقلّل من «حماس» الدول الأجنبية في دعمها كقوة تواصل حراسة معتقلات تضم أكثر من 12 ألف مقاتل من «داعش».
سحب ملف سجون «داعش» من «قسد» يقلّل من حماس الدول الأجنبية لدعمها
وعليه، تحاول «قسد» كسب مزيد من الوقت في المفاوضات لاستكشاف موقف الإدارة الأميركية الجديدة من الشرع، ومدى تمسكها بفكرة الحفاظ على وجود عسكري أميركي طويل الأمد في المنطقة من عدمه، حتى تحدّد بناءً على ذلك سقفاً للحوار. ولذا، أبدى نائب المتحدث الرسمي باسم «قسد»، صايل الزوبع، استعداد الأخيرة لجولة ثانية من المفاوضات مع الإدارة السورية الجديدة بخصوص مستقبل سوريا، كاشفاً أن «قيادة قسد قد تدعو أحمد الشرع إلى إجراء هذه الجولة ضمن مناطق شمال شرق سوريا». وأكّد أن «قسد ترفض إلقاء سلاحها بالقوة»، مضيفاً: «أننا لن نلجأ إلى السلاح طالما لم تستخدم الإدارة السورية الجديدة القوة ضدنا».
من جهتها، تؤكد مصادر مطّلعة، لـ»الأخبار»، أن «قسد تلقّت إشارات إيجابية من الإدارة الأميركية الجديدة بأن الأخيرة لن تتخلّى عن دعمها عسكرياً لمواصلة الحرب ضد تنظيم داعش، أو إذا تعرّضت لهجمات واسعة من تركيا»، لافتة إلى أن واشنطن «حثّت قيادة قسد على التعامل بجدية في ملف المفاوضات مع الإدارة السورية الجديدة، لتعزيز وحدة السوريين والحفاظ على البلاد، وبما يمنح تركيا شيئاً من الطمأنينة». وتتابع المصادر أن «واشنطن تعتبر أن الفرصة مؤاتية لقسد للاندماج إدارياً وعسكرياً مع الحكومة الجديدة»، داعية إلى «تسوية ملف قادة وعناصر حزب العمال الكردستاني في سوريا، مع ضمان إدارة النفط من قبل الحكومة المركزية كمدخل مقبول للاتفاق بين الطرفين»، وموضحة أن واشنطن تحاول موازنة العلاقة بين أنقرة و»قسد» من خلال تشجيع الأخيرة على الحوار، من جهة، والتأكيد أن الوجود الأميركي في المنطقة لن يكون أبدياً، من جهة أخرى.
على صعيد آخر، أعلنت «الإدارة الذاتية» الكردية، «السماح للنازحين السوريين في مخيم الهول، بالعودة الطوعية إلى مناطقهم»، مشيرة إلى أنها «ستقدّم جميع التسهيلات للعوائل الراغبة في العودة». وقالت «الذاتية»، في بيان، إنها اتخذت «هذا القرار منذ عام 2020، إلا أن العوائل المقيمة في المخيم كانت تخشى العودة إلى ديارها بسبب وجود نظام الأسد»، مضيفة أنه «مع سقوط النظام، لم يعد هناك داعٍ للخوف أو للبقاء في المخيم». ووصفت مصادر مطّلعة تحدثت إلى «الأخبار»، هذا القرار بأنه «بادرة حسن نية تقوم بها الإدارة الذاتية تجاه دمشق وأنقرة»، مشيرة إلى أن «قسد تريد أن تظهر انفتاحها على فكرة العودة الطوعية والآمنة لكل السوريين إلى مناطقهم»، فضلاً عن «إعادة المخيم إلى الواجهة الإعلامية، لتذكير المجتمع الدولي بمخاطره».
أخبار سورية الوطن١ الاخبار