آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » تغريبة العقل ….(1)

تغريبة العقل ….(1)

 

باسل علي الخطيب

أنا السوري… وتلك النقطة على السطر…..

يسعد صباحك كلما البلبل شدا…..
لست أذكر أنني استيقظت يوما متجهماً، بل أنني وقبل أن أغسل وجهي، وبعد أن أغسله، أترنم ببعض الأغاني…
يقول بعض من سمعني اغني، ان تلك البحة في صوتي، وكأنني انا من كتب كلمات الأغنية……

لاشيء كمحراب الموسيقا إلا الرياضيات يجعلني أكاد أجثو، وهل تلك إلا تلك؟….
يأتيك صوت فيروز أحياناً، ليغسل ببريق الشغف كل تلك الأحلام التي تساقطت بمرور الأيام، أو مرور الدبابات الأمريكية والإسرائيلية……

نعم، اعرف كيف ازرع الأمل، ولكنني لا أجيد الحصاد، ذاك درس لم أدفع قسطه، ورغم تعب المشوار، لم أنفك عن زراعة بساتين الورود، لم أدخل مكانا إلا والإبتسامة تعلو وجهي، يذكر طلابي في الجامعة أن تلك المحاضرات، محاضراتي، كانت أجمل ذكرياتهم عن الجامعة، حتى عندما تم اعتقالي بتهمة المس بالهيبة، لم تفارق الابتسامة وجهي، رغم أن القهر في القلب كان يمزق هذا الوتين وذاك الوتين، قضيت أياماً أربع في سجن عدرا، ومعي في الزنزانة بعض الارهابيين، لم يحتج الأمر مني اكثر من 48 ساعة، حتى فتلت أدمغتهم، أتصدقون أن بعضهم كان يتسابق لتسخين ابريق المتة لي؟؟!!…

نعم، لا أجيد التجهم، ولكن إن قطبت حاجبي وعبست، فقد تجهض المرأة الحامل، علمتني الحياة الصبر وكظم الغيظ، ولكن ويلاه من غضبي، حتى جنكيز خان لن يقف في وجهي….

تعلمت الادب قبل أن أتعلم الدين، زينت هذا بذاك، وتلك العقيدة دونها الرقبة، اتواضع حتى انني أسكب الماء لعامل النظافة ليغسل يديه، وعند التفاخر لست ألتفت لأقل من أربعين فارساً ،وحيث أجلس هو صدر المجلس….

لست اريد من هذه الدنيا شيئا وقد أخذت مني وأخذت منها، لا ابادل كل مناصبها بعكاز أبي أو (إشار) أمي، وليست تلك الدنيا بالنسبة لي إلا عيناك، وتلك الكأس الثالثة، وقلمي، وبقية أمل، وبضعة صلاة، واغنية، وكلمة بابا….

يقولون ( نسونجي) ومن منا ليس (نسونجي)، إلا من حملت به امه ثمانية اشهر؟ على فكرة لم أقم بتنوين كلمة نسونجي على النصب أنها خبر ليس، لأن هذه الكلمة ممنوعة من الصرف…
ولكن يبقى كل ذلك عبث تلك الهرمونات، فكلهن كن هزات استباقية، ووحدك كنت زلزال حياتي، على فكرة هو الزلزال الوحيد الذي لاتليه هزات ارتدادية…..

إجيد الرقص مع الذئاب، ولكني لم اتعلم الدبكة بعد أن سيسها الرفاق…
أضع عيني في عيني من يصافحني، و لا أحني راسي إلا لوالدي ومعلميي…
لا اعاني من عقدة الخواجة، كيف ذلك وانا استند إلى عشرة ألاف سنة من العبقرية؟!…

ليست عندي عقدة ( الصالونات)، فحتى لو كنت في مطعم عشر نجوم لن أدخن الا سجائر عربي لف، وإن كنت لن اشبع ان استعملت الشوكة والسكينة، فلن استعملهما….ولكن عند الأناقة لن يتقدمني أحد، حتى جيمس بوند كان ليخشى أن يتصور بجانبي….

أجيد العبث بالكلمات، وقد طوعت بعض الحرف وبعض الرقم، والبقية تأتي، وفي العشق لايضاهيني روميو أو كازانوفا إياه، ألم أقل لك يوماًً: كلهن كن من ماء وطين، ووحدك كنت من مسك وياسمين؟؟…
وحيث يستوجب الأمر بعض الشقاوة لن يتقدمني احد، الست القائل:
طلعتي من الحمام سرب حمام…
تاهت ببشكيرك شبابيكي….
شو استفدنا من مية الحمام…..
اذا مية الحمام تحممت فيكي….

وحيث يستوجب الرجال، هل سمعتم بالسد العالي؟…
لطالما تمنيت أن يرزقني الله ببنت، ولكن قدر الله وماشاء فعل، ففي القلب كل ذاك الحنان، كل ذاك الحنان….

أنا السوري، وتلك النقطة على السطر، وإن أردتم أكثر من نقطة…
كيف لا اكون ماقلته أعلاه، وانا بضعة من بضعة من أولئك الآل الذين طهرهم الله تطهيرا واذهب عنهم الرجس، وانا بضعة من بضعة من ذاك البيت المبارك من حوله، كيف لا وفي دمي تجري جينات السنجاري والغساني والمعمداني، وفي دمي تجري جينات ذاك السوري، صاحب المعول الاول، والحرف الإول، والنوتة الأولى؟؟؟؟؟…….
(سيرياهوم نيوز ٤-خاص)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أنا والقمة والاعتذار عن وعد بلفور ..!

    د.جورج جبور   اخبرت صوت العرب في مقابلة هاتفية قبل لحظات ان الاعتذار عن الكلمات المؤسسة ل” اسرائيل”. وهي وعد بلفور امر يسبق ...