زياد غصن
ثمة مقولات أو مصطلحات يتفق عليها الجميع تقريباً أثناء مقاربتهم للأداء الحكومي… واحدة من تلك المقولات أو المصطلحات ما تسمى بضرورة “تغيير عقلية التفكير”… فما هو المقصود بهذا المصطلح؟
عندما نتحدث عن التفكير، فنحن نتحدث إذاً عن كل ما يتعلق بالسلوك الحكومي في معرض إدارة الأزمة داخلياً، من صناعة القرار الحكومي إلى السياسات والبرامج المتبعة، فاختيار الشخصيات المكلفة بشغل هذا المنصب أو تلك المهمة، وصولاً إلى طبيعة العلاقة مع البيئة المحيطة من مؤسسات وهيئات وأشخاص…
وحتى نفهم ماهية التغيير المطلوب، لا بد لنا من الوقوف على عقلية التفكير الحكومية المتبعة حالياً، والتي تثير انتقادات شديدة… في صناعة القرار الحكومي واعتماد السياسات والبرامج التنفيذية، تتفرد الحكومة بشكل مطلق بهذا الملف، وللأسف أحياناً يكون هذا التفرد قائماً أيضاً داخل الحكومة نفسها. في حين أن تجربة السنوات السابقة تؤكد الحاجة إلى توسيع دائرة التشاور الجدي والحقيقي مع جميع الأطراف الفاعلة أو المعنية بهذا الملف أو ذاك، وأن تأخذ بالاقتراحات والأفكار الموضوعية والمنطقية.
إذ لا فائدة من حوار ونقاش لا يتبعه تعاون وتفاعل ومشاركة… ومحاسبة، وإلا فإننا سنكون أمام نسخة جديدة ومتكررة من حوار “الطرشان”.
أما فيما يتعلق باختيار شاغلي بعض المهام والمناصب، فإن التجربة هي أكبر برهان على فشل عقلية التفكير الحكومية الراهنة… كم مسؤولاً تبين فشله من الأسابيع أو الأشهر الأولى لتسلمه منصبَه؟ وكم شخصاً شكل تعيينه صدمة في القطاع الذي يعمل فيه؟ وكم مسؤولاً تسبب بكوارث اقتصادية وإدارية للبلاد؟
هناك ضرورة ملحة لإعادة النظر بطريقة الترشيح والاختيار لتكون مبنية على أسس علمية ومنهجية، وبعيداً عن السير الذاتية الكاذبة، أو حجة الخدمة الطويلة في القطاع العام، أو العلاقات والمحسوبيات الشخصية.
ليكن الترشيح والتعيين بناء على أمرين: الإنجاز المتحقق سابقاً، والمشروع الذي يحمله المرشح.
في العلاقة مع البيئة المحيطة من مؤسسات وأشخاص، لا يسجل للحكومة هنا سوى التعاطي السلبي والتجاهل وعدم المبادرة، ولذلك تكتسب هذه الحكومة عداءً كبيراً، فلا ثقة بأي مشروع أو حتى تصريح يصدر عنها، ولا أحد يعول عليها في أي شيء، بينما لو كانت العلاقة جيدة لما استمرت الأخطاء، ولما انحدرت الثقة أكثر، ولما وصل اليأس بالناس إلى الهجرة.
بعد أشهر قليلة ستكون لدينا حكومة جديدة، نأمل أن تحمل معها عقلية تفكير مختلفة وجديدة… تمنحنا على الأقل جرعة من الصبر.
(سيرياهوم نيوز ٣-شام إف إم)