غسان فطوم
حالة من التفاؤل يعيشها معشر الصحفيين السوريين هذه الأيام، فالتصريحات التي أدلى بها السيد وزير الإعلام، زياد غصن، عقب جلسة مجلس الوزراء أثناء مناقشة رؤية وزارة الإعلام لتنفيذ مضامين الكلمة التوجيهية للسيد الرئيس بشار الأسد، تشي بأن هناك تغيّرات إيجابية ستحصل في السياسة الإعلامية في المرحلة القادمة، فبحسب كلام الوزير هناك محدّدات أساسية سيتمّ نقاشها من خلال جلسات حوار مع جميع الفعاليات الإعلامية الرسمية والخاصة والصحفيين المعنيين.
▪️ولعلّ المهمّ في الأمر هو البحث الجديّ في الإجراءات التي تساهم في تسهيل مهمّة الصحفي بالحصول على المعلومة، وإطلاع المواطن عليها بكل شفافية، وهو المطلب الأول للزملاء الصحفيين، حيث لا يخلو مؤتمر سنوي أو عام أو أي مناسبة أخرى تجمع الصحفيين من المطالبة بضرورة مرونة الحصول على المعلومات، لكن للأسف لم يكن هناك أي استجابة ولو في الحدود الدنيا من قبل أصحاب القرار، رغم صدور تعاميم من الحكومة بضرورة تسهيل مهمّة الصحفي!
▪️هذه اللامبالاة المستفزة بحقّ الصحفيين جعلت إعلامنا يغرق في خطاب نمطي مملّ فاقد للجاذبية، الأمر الذي ساهم في اتساع الفجوة بينه وبين المواطن الذي لم يجد فيه ما يحتاجه ويريده لدرجة انعدام الثقة به وتفضيل وسائل التواصل الاجتماعي عليه في متابعة ومعرفة أخبار وأحوال البلد!
▪️والأمر الآخر المهمّ أيضاً هو مناقشة الدور الذي تقوم به المكاتب الصحفية في الوزارات والمؤسّسات والتي تحوّلت إلى مكاتب خاصة للوزراء والمدراء، حيث تعطي ما تريد من معلومات وأرقام تظهر الجانب الإيجابي، وتتكتّم بكل سرية على حالات الخلل و الفساد رغم وضوحها، وذلك في محاولة لتجميل صورة الوزارة، عدا عن غياب تفاعلها مع ما يُنشر في الإعلام لجهة “التطنيش”، وعدم الردّ على ما يكتب، وكأن لا علاقة لها بالأمر!
▪️ويبقى الأهم الذي ننتظره وهو البتّ النهائي بتعديل قانون الإعلام الجديد، بعد أخذ وردّ مثير للغرابة، لذا أملنا وأمنياتنا ألّا “نفطر على بصلة” بعد كلّ هذا الانتظار المملّ والنقاش الطويل بشأن القانون المذكور الذي نريده قانوناً عصرياً يتواكب مع الجديد في الإعلام، ويحقق بيئة تشريعية ومهنية آمنة تعطي للصحفي مجالاً واسعاً في إبداء الرأي والتعبير دون خطوط حمراء، طالما الهدف من المادة الصحفية الإشارة إلى الأخطاء التي تعطّل الإنتاج وتحرف المؤسّسة الحكومية عن مسارها الصحيح.
▪️بالمختصر، إن التحدي الكبير الذي يواجه إعلامنا هو إعادة بناء الثقة فيه، وذلك لا يمكن تحقيقه إلا بإصلاح هيكلية المؤسّسات الإعلامية، وتطوير محتواها، وتحفيز الصحفيين والإعلاميين العاملين فيها، ودعمهم مادياً بما يوازي جهدهم الفكري وتعبهم الجسدي، والعمل باستمرار على تنمية مهاراتهم وتدريبهم وفق برامج تدريبية على أعلى مستوى، فالتدريب هو استثمار حقيقي ورابح جداً في تطوير خطابنا الإعلامي الذي هو اليوم محطّ انتقاد مهنياً وإدارياً، ومحتوى أيضاً، بعد أن طغت عليه النمطية، فهو يفتقر كثيراً للإبداع في طرح مختلف القضايا التي تهمّ الوطن والمواطن ومواجهة الإعلام الخارجي المضلّل!
(سيرياهوم نيوز2-البعث)