بيروت حمود
تنفيذاً لبنود الاتّفاق الائتلافي بين حزب «الصهيونية الدينية» برئاسة بتسلئيل سموتريتش، وحزب «الليكود»، وقّع الأول ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يوآف غالانت، أخيراً، على وثيقة تفاهمات تُنقل بموجبها صلاحيات تتعلّق بوحدتَي «الإدارة المدنية» و«تنسيق أعمال الحكومة» في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، العسكريتَين، إلى سموتريتش، الوزير في وزارة الأمن، في ما يُعدّ بمثابة توطئة غير رسمية وغير معلَنة لضمّ الضفة الغربية إلى «السيادة الإسرائيلية». ولم يمرّ التوقيع على تلك التفاهمات من دون اعتراض مسؤولين أمنيين، في مقدّمتهم رئيس أركان الجيش السابق، أفيف كوخافي، وغالانت نفسه؛ إذ هي تقضي بتقسيم المسؤوليات والصلاحيات بطريقة يَضمن من خلالها سموتريتش توسيع المستوطنات وشرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية وهدْم منازل الفلسطينيين في «المناطق ج»، التي يستوطنها 500 ألف إسرائيلي، ويسكنها أكثر من مئة ألف فلسطيني.
وطبقاً للتفاهمات، فإن سموتريتش لن يعيّن، في الوقت الحالي، رئيساً لـ«الإدارة المدنية» أو «منسِّقاً لأعمال الحكومة»، وهما المنصبان اللذان يتولّاهما ضابطان في الجيش الإسرائيلي برتبة عميد ولواء، غير أنه سيعيِّن نائباً «مدنياً» لرئيس «الإدارة المدنية»، يقوم بدوره بتوجيه التعليمات إلى ضبّاط الجيش بخصوص المستوطِنين. وسيكون من صلاحيات هذا «النائب»، «تخليص» – شرعنة – سرقة أراضٍ فلسطينية كان المستوطنون قد استولوا عليها في السابق، في حين سيتعامل رئيس «الإدارة المدنية» مع عمليات سرقة الأراضي الفلسطينية الجديدة، ليَتّخذ القرار بإخلائها أو شرعنتها. وعلى الرغم من أن الاتفاق الائتلافي كان قد نصّ على تعييين مستشارين قانونيين لسموتريتش، إلّا أن التفاهمات اللاحقة نصّت على أن المستشار القانوني لوزارة الأمن هو من سيُصدر المواقف القانونية، وليس المستشار القانوني لـ«فرقة الضفة الغربية» العسكرية والنيابة العامّة العسكرية، مثلما كان متّبَعاً في السابق. ومع هذا، فقد اتّفق الثُّلاثي على أن يعيِّن سموتريتش بنفسه، في وقتٍ لاحق، مستشاراً قانونياً لـ«الإدارة المدنية»، علماً أن ما جرى التفاهم عليه قابل للتغيير في أيّ مرحلة، «في حال تعرّضت الحكومة الإسرائيلية لضغوطٍ دولية أو في حال تصعيد أمني».
ad
نقلت التفاهمات الموقَّعة أخيراً «الصلاحيات المدنية في يهودا والسامرة إلى الوزير في وزارة الأمن»
عملياً نقلت التفاهمات «الصلاحيات المدنية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) إلى الوزير في وزارة الأمن»، حيث سـ«يتولّاها نائب الإدارة المدنية، (وهو) مدني سيعيّنه سموتريتش، وجميع الضبّاط في الدائرة المدنية سيخضعون لمسؤوليته». أمّا تعيين هؤلاء الضباط فسيكون «ضمن صلاحية الوزير في وزارة الأمن»، الذي سيتولّى أيضاً «وحدة المراقبة وإنفاذ القانون على البناء غير القانوني» بشكل كامل. في المقابل، في حالات التصعيد الأمني أو «الضغوط الدولية»، تُخوَّل قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي استخدام «وحدة المراقبة» وإبلاغ الوزير في وزارة الأمن بموقفها. وفي حال تعارُض وجهات النظر، «تُنقل المداولات إلى رئيس الحكومة». كذلك، منحت التفاهمات سموتريتش صلاحيات توسيع المستوطنات؛ إذ نصّت على أن «التخطيط في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)، ومن ضمنه عقْد مداولات مجلس التخطيط الأعلى (الذي تديره “الإدارة المدنية” حالياً)، يصبح ضمن صلاحية الوزير في وزارة الأمن»، وأنه ستكون للأخير «مسؤولية كاملة على شؤون تسجيل الأراضي، ومن ضمنها طاقم الخطّ الأزرق ومسْح الأراضي وتسجيل أراضي الدولة وتخطيط المواصلات وشقّ الشوارع»، فضلاً عن منْحه صلاحية «تنفيذ أعمال بنية تحتية مدنية كالمياه والطاقة، وتطوير محميّات طبيعية».
ad
وإذ تبدو الحكومة الحالية غير عابئة بـ«الضغوط الدولية» أصلاً، وماضية في تشريع البؤر الاستيطانية وإقرار آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، فإن سموتريتش، الآتي من «مجتمع المستوطنين» في الضفة، يخطّط على ما يبدو لِما هو أبعد من ذلك، إذ في نيّته، وفق ما تَكشفه المعطيات الأخيرة، تحويل نصف مليون مستوطِن يَحكمهم قانون «الأبرتهايد» المُسمّى إسرائيلياً «قانون يهودا والسامرة»، وتُدار جوانب حياتهم من قِبَل «الإدارة المدنية» العسكرية من خلال قنوات عديدة – وليس من خلال الحكومة ووزاراتها المختلفة مباشرة-، إلى «مواطنين إسرائيليين عاديين» تتولّى أمورهم الحكومة ووزاراتها بشكل مباشر.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية