| نوال النونو
حين يتقدّم الشاب في اليمن لخطبة أي فتاة حتى وإن كانت من أقاربه، فإنه بعد الخطوبة لا يستطيع رؤية خطيبته أو التواصل معها بأي طريقة، بحكم أن ذلك ممنوع في العرف القبلي.
تتمسك الكثير من القرى والمديريات اليمنية بعادات وتقاليد قديمة لا تزال راسخة. فعندما يتقدم الشاب لخطبة أي فتاة حتى وإن كانت ابنة عمه، أو ابنة خاله، فإنه بعد الخطوبة لا يستطيع رؤية خطيبته أو التواصل معها بأي طريقة، بحكم أن ذلك ممنوع في العرف القبلي وخارج عن المألوف.
لا يوجد تفسير محدد لهذا المنع كما يقول فهد الراعي، أحد مواطني مديرية خولان الطيال بمحافظة صنعاء، والذي يؤكد أن هذه ظاهرة اعتاد عليها المجتمع منذ مئات السنين، وأن ذلك أصبح واقعاً طبيعياً.
ويقول الراعي: “في مجتمعات محافظة مثلنا لا يلتقي الشباب بالفتيات في الأماكن العامة أو غيرها، ولا يتحدثون مع النساء إلا في حالات استثنائية، ولهذا فإن العلاقة بينهما أشبه بالتنافر، وإذا ما رأى الناس رجلاً يحدّث امرأة ليست من أقاربه في أي مكان، قد يدفعهم إلى منعه من ذلك، وربما يتطور الأمر إلى شجار واقتتال”.
هذا المنع أيضاً يسري كذلك على الشباب حين يتقدمون لخطبة أي فتاة، وحتى لو طالت فترة الخطوبة لخمس سنوات، فإن الرجل لا يلتقي بخطيبته أو يحدّثها إلا “ليلة الدخلة”، أي ليلة الزفاف.
وفي كثير من قصص الشباب الذين يتقدمون لخطبة أي فتاة، فإن الأم تؤدي الدور البارز في اختيار الخطيبة لولدها، وفق التقاليد اليمنية، فهي التي تتأكد من جمالها، وأخلاقها، وإذا ما كانت تصلح أن تكون زوجة لولدها أم لا، ولهذا تجد الشباب يعتمدون في مسألة الاختيار هذه على أمهاتهم.
وتقول أم علي الحماطي، إنها هي التي اختارت “خطيبة” لولدها، وإن فترة الخطوبة استمرت لأكثر من سنتين، ولم يتمكّن ولدها محمد من الحديث مع خطيبته طيلة هذه الفترة، مشيرة إلى أن ذلك عرف اجتماعي اعتاد عليه الجميع، وهو قديم منذ سنوات كثيرة، ولا يمكن لأحد أن يخالفه، لافتة إلى أن ابنها خطب ابنة خاله، وأنه كان يراها وتراه قبل فترة الخطوبة، وتحدّثه ويحدّثها، غير أن هذا انقطع تماماً بعد الخطوبة.
وفي حالات عديدة تنشب الخلافات بين الزوجين، بسبب التباينات في الأفكار والطبائع، أو لعدم وجود روابط حب مسبقة، وهو ما يؤكده إبراهيم الخياط الذي انفصل عن زوجته بعد مرور 3 سنوات من زواجهما.
ويقول الخياط إن الحياة مع زوجته تحوّلت إلى جحيم، فهو لم يفهمها وهي كذلك لم تفهمه، لافتاً إلى أن عدم التحدث مع الخطيبة في فترة الخطوبة عادة غير جيدة، وأنها ترتدّ سلباً على المجتمع.
ويواصل حديثه قائلاً: “نحن الآن في القرن الواحد والعشرين، وفي عالم منفتح ومتعدد، وهناك وسائل كثيرة ومتعددة للتواصل، لكن مجتمعنا لا يزال يسير في فلك عادات وتقاليد الآباء، والتي عفا عليها الزمن”، مطالباً الشباب بالتحرّر من هذه القيود، لأن الحديث إلى “الخطيبة” ليس عيباً، وغير محرّم في الشريعة الإسلامية بحسب قوله.
وإذا كانت هذه هي وجهة نظر الخياط، فإن معمر القيسي له وجهة نظر أخرى، ويقول: “بالفعل صدق من قال إن الحب يأتي بعد الزواج، وإن الله يؤلّف بين القلوب من ليلة الدخلة”.
ويضيف: “صحيح أنني لم أتحدث مع خطيبتي طيلة سنة كاملة، لكن الله منحني زوجة مخلصة، وصادقة، وقد حدث بيننا حب كبير جداً، سيظل مستمراً إلى ما لا نهاية”، لافتاً إلى أنه يعرف شباباً من محافظات يمنية أخرى ليست لديهم عوائق في أن يلتقي الخطيب مع خطيبته، لكن الانفصال كان سريعاً، بسبب كثرة الاتصالات واللقاءات أثناء فترة الخطوبة، وبسبب الغيرة غير المبررة لبعض الفتيات حين يلاحظن على فارس أحلامهن بعض التصرفات التي لا تعجبهن.
وترى منيرة الحاج أن الخطوبة التقليدية أفضل بكثير لديها مما تسميه بالخطوبة الحديثة، لأنه بعد الزواج تعيش في كنف الحب الحقيقي، لكنها تعبّر عن امتعاضها للواقع الذي تعيشه الفتاة في هذه المناطق باليمن، فهي لا تستطيع أن تعشق الرجل، ولا أن تعيش معه فترة حب قبل الزواج، وبالتالي فإنها تنتظر من يطرق باب منزل والدها ليأتيها عريساً، فإذا وافق الأب على ذلك لم يكن أمامها سوى الموافقة.
وتقول إن الكثير من الفتيات ليس لهن حق الاختيار، وأنه لا خيار أمامهن سوى الانتظار حتى يأتي فارس الأحلام.
سيرياهوم نيوز3 – الميادين