آخر الأخبار
الرئيسية » قضايا و تحقيقات » تقرير أحداث الساحل السوري: إقرار بالجرائم وإفلات من المحاسبة

تقرير أحداث الساحل السوري: إقرار بالجرائم وإفلات من المحاسبة

تقرير لجنة تقصي الحقائق حول مجازر الساحل يعترف بانتهاكات ارتكبتها قوات النظام، لكنه يحمّل المسؤولية لعناصر ميدانية فقط دون التطرق للقيادات العليا.

صدر تقرير لجنة تقصّي الحقائق في أحداث الساحل السوري بعد تأخيرٍ قارب عشرة أيام عن الموعد المقرر، وسط متغيّرات كثيرة طرأت على المشهد السوري، لا سيما اندلاع موجة عنف في محافظة السويداء اعتُبرت أكثر خطورة مما جرى في الساحل، ولا تزال تداعياتها قائمة، الأمر الذي خفّف من الاهتمام الشعبي بمخرجات التقرير.

 

وتزامن صدور التقرير أيضاً مع تغيّر المزاج التشريعي في الكونغرس الأميركي، الذي بات ميّالاً أكثر إلى التدرج في رفع العقوبات، خلافاً لتعهدات الرئيس دونالد ترامب. كما تعثّر مسار التقارب بين دمشق وتل أبيب، بعد سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت مبنى هيئة الأركان وقصر الشعب في دمشق.

 

ورأى الكاتب والناشط السياسي عمر منيب إدلبي أن الإعلان عن ملخّص نتائج تقرير لجنة التحقيق يشكّل “نقطة فارقة في تعاطي الدولة السورية مع مسؤوليتها تجاه أخطائها”، مشيداً، في منشور على “فايسبوك”، بحرية الإعلام في طرح الأسئلة دون قيود، وباللغة القانونية الموضوعية التي صيغ بها التقرير، إضافة إلى تحميله مؤسسات الدولة مسؤولية الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها عناصر عسكرية وأمنية تابعة لها ضد المدنيين.

 

ونوّه إدلبي إلى أهمية التوصيات التي تضمّنها التقرير، والتي اعتبرها ضرورية لمنع تكرار مثل هذه المجازر وضبط سلوك أجهزة الدولة، ومنع إفلات عناصرها وغيرهم من المجرمين من العقاب. وشدّد على أنه ليس من صلاحية اللجنة أو أي لجنة مماثلة الإعلان عن أسماء المشتبه بهم في ارتكاب الجرائم، حفاظاً على سرية التحقيق وسمعة الأفراد، مؤكداً أن توجيه الاتهامات الرسمية من اختصاص النيابة العامة فقط.

 

من جهته، علّق أحمد بنشمسي، مدير التواصل في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، على التقرير بالقول: “نحن لا نحكم على النوايا بل على النتائج. وأعمال اللجنة تمثل اعترافاً رسمياً نادراً – والحق يُقال – بحجم العنف ووقوع انتهاكات، بما في ذلك تلك التي ارتكبتها جهات حكومية، وهذا وحده يميّز اللجنة عن العديد من اللجان السابقة التي أجرت تحقيقات مماثلة في سوريا”.

 

وأضاف بنشمسي أن اللجنة عقدت بالفعل اجتماعات مع منظمات شريكة، منها “هيومن رايتس ووتش”، لكنّها فشلت في التعامل مع الديناميكيات المؤسساتية التي سمحت بوقوع هذه الفظائع، معتبراً أن “مساءلة الأفراد ضرورية لكنها غير كافية”، مؤكداً أن “ما غاب عن التقرير هو الاعتراف بالهيكل الأمني الأوسع الذي سهّل ارتكاب الانتهاكات في أكثر من 30 موقعاً في اللاذقية وطرطوس وحماة وغيرها”.

 

من جانبه، يقول أستاذ القانون الدستوري الدكتور سام دلا، في حديث إلى “النهار”، إن “مضمون التقرير جاء سياسياً بامتياز، بل تجاوز في بعض خلاصاته السردية الرسمية للسلطة”، مشيراً إلى أن إحدى الخلاصات زعمت أن “هدف الفلول كان إقامة دولة علوية بتخطيط وتمويل وتنفيذ من مجموعات مدرّبة ضمن هيكلية شاقولية وأفقية”، دون أن تقدّم اللجنة أي دليل ملموس يدعم هذا الادعاء.

ويرى دلا أن التقرير يهدف إلى تبرئة القيادات العليا من المسؤولية، وإلقائها فقط على العناصر الميدانية، وذلك لتجنّب تطبيق القانون الجنائي الدولي، خصوصاً المادة 28 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تنص على مسؤولية القادة العسكريين عن الجرائم التي ترتكبها القوات الخاضعة لإمرتهم، في حال لم يتخذوا إجراءات فعالة لمنع وقوع الجرائم أو لم يحاسبوا مرتكبيها.

 

ويوضح دلا أن هذه المسؤولية “لا تتطلب إثبات صدور أوامر مباشرة، بل يكفي أن يكون القائد على علم، أو من المفترض أن يكون على علم، بما يجري، استناداً إلى موقعه وسلطته والظروف المحيطة. وفي حالة مجازر الساحل، يصعب القبول بزعم اللجنة أن القادة لم يكونوا على علم، أو أنهم لم يصدروا أوامر، خصوصاً أن الأحداث استمرت لأيام، ووثقتها عشرات المقاطع المصورة، ظهر فيها عناصر عسكرية بلباسهم الرسمي يشاركون في أعمال قتل وتنكيل”. ويضيف أن بعض هؤلاء العناصر ظهروا لاحقاً في حملات أمنية في مناطق أخرى، مثل مدينة السويداء، ما يدل على أنهم “لم يُحاسبوا أو يُخضعوا لأي تحقيق”، بل ظلوا جزءاً من التشكيلات الأمنية الفاعلة.

 

ويختم دلا بالقول: “من الواضح أن التقرير لا يؤسّس للمساءلة، بل لسياسة الإفلات من العقاب”.

 

 

 

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ملاحظات وتساؤلات حول تقرير لجنة التحقيق وتقصي الحقائق بشأن أحداث الساحل السوري ..!؟

  سامر ضاحي لم أتمكن أمس من متابعة المؤتمر الصحفي الذي خُصص لعرض تقرير لجنة التحقيق وتقصي الحقائق بشأن أحداث الساحل في آذار الماضي، لكنني ...