رشيد الحداد
صنعاء | بعد أن كشف المبعوث الأميركي لدى اليمن، تيم ليندركينغ، عن رفض دول عربية إدانة عمليات جبهة الإسناد اليمنية المناصرة لقطاع غزة، وعدم إبداء الموافقة على المشاركة في أي تصعيد أميركي محتمل ضد اليمن، وفقاً لما نقلته عنه صحيفة «واشنطن بوست»، واصلت واشنطن ترتيباتها السياسية في مدينة عدن، عبر لقاء جمع نحو 20 تنظيماً سياسياً يمنياً معارضاً لحركة «أنصار الله»، في مسعى منها إلى «شرعنة» أي عمليات عسكرية تنفّذها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في مناطق الساحل الغربي. وجرى، خلال الحراك السياسي الجديد الذي شارك فيه حزب «الإصلاح» وأحزاب يسارية وتنظيمات حديثة النشأة تأسّست بتمويل سعودي، الإعلان عن تكتل سياسي جديد موال لواشنطن. وتقول مصادر سياسية في عدن، لـ «الأخبار»، إن «القوى الموالية للتحالف، والتي تواصل اجتماعاتها برعاية الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والمعهد الديموقراطي الأميركي، أقرت تشكيل هيئة رئاسة للتكتل الجديد، وأمانة عامة تبقى على تواصل مستمر مع الجانب الأميركي»، مضيفة أن «الأحزاب اليمنية الموالية للتحالف اتفقت على تعيين أحمد عبيد بن دغر رئيساً للتكتل»، علماً أن الأخير كان رئيساً لحكومة عدن خلال مدة الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي انقلبت عليه السعودية، وهو من الشخصيات السياسية المقرّبة من الرياض.
وأشارت المصادر إلى أن «تلك الأحزاب اتفقت أيضاً على عدد من البنود، منها الموافقة على خطة التصعيد العسكري الأميركي، ودعوة المجتمع الدولي إلى تشديد الحصار على حركة أنصار الله، عبر اتهامها الحوثيين باستغلال قطاع الاتصالات وموانئ البحر الأحمر. كما وصفت عمليات الإسناد اليمنية لغزة ولبنان بالإرهابية، وقالت إنها أثّرت على الحركة الملاحية نحو موانئ عدن، وتسبّبت في تداعيات سلبية على الحركة الملاحية الدولية». على أن اللافت في الأمر، هو استبعاد واشنطن الفصائل العسكرية الموالية للإمارات من التكتل الجديد، رغم أن «المجلس الانتقالي الجنوبي» بقيادة عيدروس الزبيدي و«قوات المقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح، سبق أن عرضا على الولايات المتحدة فتح جبهات الساحل الغربي، تحت ذريعة تأمين الملاحة الدولية في البحر الأحمر، من دون مشاركة الأطراف الأخرى.
وتأتي هذه الخطوة في محاولة لإيجاد صوت سياسي مؤيد للمخطط الأميركي تجاه الحديدة، والذي أكدت مصادر عسكرية مطلعة موالية للتحالف السعودي – الإماراتي، في تصريحات صحافية، أن القرار في شأنه اتُّخذ وينتظر إشارة الانطلاق من واشنطن. وعلى خلفية ذلك، أبدى عدد من الناشطين الموالين للتحالف، مخاوفهم من تمكين أميركا وبريطانيا من فرض تواجد عسكري دائم في الساحل الغربي المطل على خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب. وفي المقابل، تراقب صنعاء لقاءات في عدن، وتعتبر ما يحدث فصلاً جديداً من فصول المؤامرات التي تُحاك ضد اليمن من قبل أميركا وبريطانيا، وتُنفذ بالأدوات الإقليمية والمحلية. ووفقاً لمراقبين، فإن ما يحدث يشير إلى أن الولايات المتحدة تحاول تفعيل القوى التقليدية السياسية الموالية للتحالف، والتي سبق لها أن وافقت على العدوان السعودي – الإماراتي بإشراف ومشاركة أميركية مطلع عام 2015، وتسعى إلى الحصول على شرعنة لأي عدوان جديد على اليمن عبرها.
وأفادت مصادر ديبلوماسية مطلعة، «الأخبار»، بأن «حكومة عدن اقترحت على الأميركيين أخيراً البدء في تشديد الحصار على صنعاء، ومساعدة الأولى على إعادة تصدير النفط الخام من موانئ حضرموت من دون أي اتفاق مع الأخيرة». وتبنّى ليندركينغ، بدوره، حملة تحريض ضد ميناء الحديدة، محذراً من وصول شحنات سلاح صغيرة روسية إليه. وزاد على هذه الحملة اتهام تقرير الخبراء الدوليين بشأن اليمن، والمقدم إلى مجلس الأمن أخيراً، سلطات الموانئ الخاضعة لإشراف الأمم المتحدة في الحديدة باستقبال شحنات أسلحة صغيرة، وكذلك مكوّنات تندرج في إطار التصنيع العسكري، علماً أن ميناء الحديدة يستقبل نحو 70% من الاحتياجات الإنسانية لليمن. وكشف ليندركينغ، خلال حديثه مع «واشنطن بوست»، عن انزعاج أميركي كبير من استمرار وتصاعد عمليات صنعاء العسكرية ضد الكيان الإسرائيلي، وزعم أنها لا تخدم الفلسطينيين وليس لها تأثير على مسار الحرب، وهي السردية نفسها التي تروّجها القوى الموالية للتحالف، محاولة التقليل من شأن عمليات الإسناد اليمنية لغزة ولبنان، والتي تحظى بتأييد شعبي واسع في مختلف المحافظات اليمنية، بما فيها المحافظات الجنوبية.
سيرياهوم نيوز١_الاخبار