ياسر خليل
أثارت أنباء متداولة عن اقتراب ترشيح شخصية مصرية جديدة لتولي منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية خلفاً للسفير أحمد أبو الغيط، سجالات واسعة في الأوساط الإعلامية والسياسية في مصر. ولم تكد هذه الأنباء تنتشر، حتى ترافقت مع تكهنات بشأن رغبة السعودية في نقل مقر الجامعة وأمانتها العامة من القاهرة إلى الرياض، ما فتح الباب أمام جدل إقليمي بشأن التقاليد السياسية المتوارثة وتوازنات النفوذ العربي.
ورغم الاحترام والتقدير الكبير الذي أبداه ديبلوماسيون وسياسيون وبرلمانيون مصريون، تحدثت إليهم “النهار”، لما تمتلكه دول الخليج، وغيرها من الدول العربية، من كوادر سياسية وديبلوماسية رفيعة المستوى، توقّع معظمهم أن يتوافق العرب، كما جرى العرف منذ تأسيس الجامعة عام 1945، على “مرشح الشقيقة الكبرى”.
مدبولي مرشحاً؟
وتزايدت التكهنات بعدما كتب الصحافي وعضو البرلمان مصطفى بكري على “فايسبوك”: “مسؤول مصري كبير يُتوقَّع أن يترك منصبه قريباً، حيث سيجري ترشيحه لمنصب أمين عام لجامعة الدول العربية خلفاً للسيد أحمد أبو الغيط (…)، وهناك مسؤول كبير آخر سيحلّ محله في منصبه الحالي”.
ورجّحت معظم التوقعات أن يكون المرشح المصري هو رئيس مجلس الوزراء الحالي الدكتور مصطفى مدبولي، وذلك مع اقتراب انتهاء الولاية الثانية للسفير أبو الغيط في تموز/ يوليو 2026.
ورفض بكري التعليق على هذه التوقعات أو تأكيد ما إن كانت تتوافق مع معلوماته، مكتفياً بالقول رداً على سؤال لـ”النهار”: “لا تعليق، أنا لم أذكر اسم الدكتور مدبولي”.
من جهته، أوضح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي أن الترشيحات للمناصب الرسمية تُدار في مصر ضمن “دائرة ضيقة للغاية محورها رئيس الجمهورية وأقرب مستشاريه”.
وأضاف بيومي، في تصريح لـ”النهار”، أن “الرئيس لا يسألك بشكل مباشر عن رأيك في ترشيح شخصية معينة لمنصب بعينه، لكنه يسألك بشكل عام عن رأيك في هذه الشخصية، ويستخلص مما تقوله ما يريده”.
المقر والأمانة
وأشعلت منصات التواصل الاجتماعي موجة من الجدل بشأن ما تردد عن رغبة السعودية في تولية أحد مسؤوليها منصب الأمين العام. ونظراً إلى أن العرف ينص على أن الأمين العام يكون من جنسية دولة المقر، سارع البعض إلى طرح فكرة نقل المقر إلى الرياض. وكان من أبرز الداعين إلى ذلك الكاتب والسياسي المصري الدكتور عماد جاد، وفق ما تداولته مواقع إخبارية مصرية
.
ونشر الكاتب السعودي عبيد العايد تغريدة على “إكس” قال فيها: “حان الوقت لخروج الأمانة العامة لجامعة الدول العربية من احتكار الخارجية المصرية. حان الوقت فعلاً لأن يقود الجامعة أعلام العرب ودهاة السياسة، وليس سواهم”، مقترحاً أن يحظى وزير الخارجية السعودي السابق عادل الجبير بدعم الرياض والعرب جميعاً لتولي هذا المنصب.
ودفعت هذه النقاشات البعض إلى الترويج لفكرة وجود رغبة سياسية وشعبية لدى دول خليجية، ولا سيما السعودية، في نقل المقر والأمانة العامة للجامعة إليها.
ونفى السفير أشرف حربي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق والخبير في الشأن الخليجي ومستشار مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، وجود ما يمكن وصفه باتجاه سياسي أو شعبي داعم لفكرة نقل المقر. وقال في تصريح لـ”النهار”: “لا توجد مؤشرات على وجود اتجاه شعبي لنقل مقر الجامعة إلى دولة خليجية، وإذا وُجدت رغبة لدى أحد القادة العرب، فقد تكون رغبته الشخصية وليست تعبيراً عن اتجاه شعبي عام”.
وأضاف حربي: “مع احترامنا التام للكوادر المرموقة التي تمتلكها السعودية ودول عربية أخرى، فإن الشعوب والأنظمة العربية على حد سواء، تؤكد دوماً أهمية بقاء مقر الجامعة في مصر، الدولة التي شكّلت دائماً ركيزة أساسية في المسارات السياسية والتاريخية للعالم العربي، وساهمت بشكل فاعل في حل النزاعات وقيادة التفاوض”.
مخالفة الميثاق
ومنذ تأسيس جامعة الدول العربية قبل نحو 80 عاماً، ظل مقرها في القاهرة، واستقر العرف على أن يكون الأمين العام من جنسية دولة المقر. وحتى حين نُقل المقر إلى تونس موقتاً عقب توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979، اختير أمين عام تونسي.
ويشير بيومي إلى أن “فكرة نقل مقر الجامعة إلى عاصمة أخرى تتعارض مع ميثاقها”، مضيفاً أن “نقل المقر إلى تونس كان حالة استثنائية”. وتنص المادة العاشرة من ميثاق الجامعة على أن “تكون القاهرة المقر الدائم لجامعة الدول العربية، ولمجلس الجامعة أن يجتمع في أي مكان آخر يعيّنه”.
أخبار سوريا الوطن١-النهار