- الجمعة 19 نيسان 2024
طهران | فيما تحيط حالة من عدم اليقين توقيتَ وطريقة الردّ الإسرائيلي المحتمل ضدّ إيران، تكثّف الدول الغربية ضغوطها وعقوباتها على طهران في محاولة لإرضاء إسرائيل. وفي الوقت نفسه، بدأت الجمهورية الإسلامية تتحدّت عن إمكانية تغيير سياساتها النووية في حال وقوع هجمات إسرائيلية على منشآتها. وفي هذا الجانب، قال قائد حرس الحماية والأمن للمراكز النووية الإيرانية، العميد أحمد حق طلب، إن «من المرجّح مراجعة العقيدة والسياسات النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية والعدول عن الاعتبارات المعلنة، إذا حاولت إسرائيل ضرب منشآتنا النوویة»، مؤكداً «الاستعداد لمواجهة أيّ تهديد صهيوني يستهدف منشآتنا»، محذّراً من أنه «إذا استهدفت إسرائيل منشآتنا، فستتلقّى ردّاً بأسلحة أكثر تطوّراً». ولطالما أعلنت الجمهورية الإسلامية أن برنامجها النووي سلمي، وأنها لا تنوي صنع أسلحة نووية، غير أن كلام هذا المسؤول العسكري الإيراني یُظهر أنه في حال تزايد التوتّر ووقوع هجوم محتمل من قِبَل إسرائيل، فإن بلاده مستعدّة للتحرّك في اتجاه تطوير أسلحة نووية لزيادة قوّة الردع لديها.من جهته، كشف وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، الذي توجّه إلى نيويورك للمشاركة في اجتماع لمجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط مع التركيز على التطورات الفلسطينية، عن تبادل للرسائل بين طهران وواشنطن عبر القناة السويسرية، قبل الهجوم الإیراني علی إسرائیل، والذي جاء ردّاً على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، وبعده. ووفق ما نقلت وكالة «إرنا»، أشار أمير عبد اللهيان إلى أنه «منذ اتّخاذ القرار في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتحذير ومعاقبة الكيان الإسرائيلي، أطلعنا أميركا على ذلك، ووجّهنا إليها رسالة أخرى بعد العملية، قلنا فيها إنّنا لا نسعى وراء تصعيد التوتّر في المنطقة، وما يمكن أن يزيد من تصعيد التوتّر هو سلوك الكيان الصهيوني». وأضاف: «قلنا للجانب الأميركي بوضوح، إننا لن نستهدف القواعد والمصالح الأميركية في المنطقة، إلا إذا أرادت أميركا اتّخاذ إجراء بالدعم الحربي للكيان الصهيوني».
في هذا الوقت، تستمرّ التكهنات حول الردّ الإسرائيلي المحتمل، فيما يبدو أن قلق إسرائيل والولايات المتحدة من تكرار الهجوم الإيراني، أثار تردّداً من جانبهما. ونقلت شبكة «إيه بي سي» الإخبارية الأميركية، أمس، عن ثلاثة مصادر إسرائيلية (لم تسمّها)، قولها إن تل أبيب «استعدّت ثم تراجعت عن ضربات انتقامية ضدّ طهران لمرتين على الأقل في الأسبوع الماضي». وأشارت الشبكة إلى أن «إسرائيل تدرس، منذ الهجوم الإيراني، كيفية الرد علیه وتوقيته، حيث عقد مجلس الحرب اجتماعات أيام الأحد والاثنين والثلاثاء الماضية»، وأن «مجموعة من الردود المقترحة قُدّمت إلى مجلس الحرب الإسرائيلي، تشمل خيارات تتراوح بين مهاجمة وكلاء إيران في المنطقة، ولكن ليس الأراضي الإيرانية، وبين هجوم سيبراني محتمل». وفي وقت سابق، قالت «هيئة البث الإسرائيلية»: «لا يزال تباين الآراء في القيادة الإسرائيلية حيال هذه المسألة (الردّ على إيران) مستمرّاً، ويعتقد معظم صنّاع القرار أنه يجب تنفيذ الردّ في أسرع وقت ممكن». وفي سیاق متصل، ذكرت بعض وسائل الإعلام أن من غير المرجّح أن تتّخذ إسرائيل أيّ إجراء انتقامي ضدّ إيران قبل عطلة عيد الفصح اليهودي، والتي تبدأ مساء يوم 22 الجاري وتستمر حتى الـ 30 منه، على الرغم من أن الوضع قد يتغيّر دائماً.
نسبة اعتراض صواريخ ومسيّرات الهجوم الإيراني على إسرائيل كانت 84% وليس 99% كما ادّعى الجيش
في هذه الأثناء، وبعد ستة أيام من الهجوم الإيراني على إسرائيل، قدّمت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية رواية جديدة للهجوم، تختلف عن الرواية الرسمية، إذ أفادت صحيفة «معاريف»، أمس، في تقریر نقلاً عن باحثين، بأن نسبة اعتراض صواريخ ومسيّرات الهجوم الإيراني على إسرائيل كانت 84% وليس 99% كما ادّعى الجيش، مرجّحةً إصابة مفاعل «ديمونا» النووي، وقاعدتَي «نفاطيم» و»رامون». ووفق التقریر، فإن «صور أقمار اصطناعية تُظهر إصابة واحدة على الأقلّ في أحد مباني المفاعل النووي في ديمونا، وإصابتين في محيطه، کما یظهر تحليل مقاطع فيديو في قاعدة نيفاطيم في النقب أربع إصابات جرّاء سقوط صواريخ لا شظايا صواريخ اعتراضية. وأظهر أيضاً تحليل مقاطع فيديو ما يبدو أنها خمس إصابات في قاعدة رامون الجوية في صحراء النقب». إلا أن وكالة «أنباء فارس»، نقلت، بدورها، عن مصادر مطلعة، أن خبر «معاريف» بشأن استهداف مفاعل «ديمونا»، «كاذب»، وأنه «في إطار الحرب النفسية التي يشنها الصهاينة».
ومع استمرار الجدل حول الحدث، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، عن مسؤولين أميركيين وآخر إسرائيلي، قولهم إن «الإسرائيليين أخطأوا في حساباتهم بالاعتقاد أن إيران لن تردّ بقوّة»، فيما «فوجئت واشنطن بقرار الضربة الإسرائيلية للقنصلية الإيرانية في دمشق». وقالت الصحيفة إن «المسؤولين الأميركيين أعلنوا دعمهم لإسرائيل، لكنّهم عبّروا سرّاً عن غضبهم من اتّخاذ القرار من دون استشارة واشنطن». ومع ذلك، تتّجه الدول الغربية، في محاولة لإرضاء إسرائيل، نحو فرض عقوبات جديدة وتكثيف الضغوط السياسية علی إیران؛ إذ أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أمس، عن حزمة جديدة من العقوبات ضدّ الجمهورية الإسلامية، بدعوى أن الردّ الإيراني من شأنه أن يؤدّي إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط. وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 16 فرداً وکیانين إيرانيين، قالت إنهم متورّطون في إنتاج محرّكات المسیّرات، فيما أدرجت بريطانيا 13 جهة جديدة في نظامها الخاص بالعقوبات على طهران. وفي الوقت نفسه، اجتمع وزراء خارجية دول «مجموعة السبع» في جزيرة كابري الإيطالية، أمس، لبحث «معاقبة إيران ودعم أوكرانيا».
وفي اليوم السابق، ندّد مسؤولو مالية المجموعة بهجوم إيران على إسرائيل. وجاء في بيان مشترك صدر عقب اجتماع لوزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لـ»الدول السبع»، أنهم «يتعهّدون بالتنسيق الوثيق لأيّ إجراء مستقبلي لتقويض قدرة إيران على الحصول على الأسلحة أو إنتاجها أو نقلها لدعم الأنشطة الإقليمية المزعزعة للاستقرار». وفي سیاق متصل، أعلن رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، أن زعماء الاتحاد الأوروبي اتّفقوا على فرض عقوبات جديدة على برامج الطائرات من دون طيار والصواريخ الإيرانية في اجتماعهم الأربعاء في بروكسل، في إجراء رحّب به وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قائلاً: «يجب إيقاف إيران قبل فوات الأوان».
سيرياهوم نيوز-الأخبار اللبنانية1