منطقة سماها المؤرخون والجغرافيون “ممر حمص” واحتلت مكاناً هاماً في تاريخ سورية وفلسطين من وجهة النظر المحلية والعالمية، حيث احتلت جزءاً من الثقافة الكنعانية العمورية، وهي منطقة “تل كزل”. .منطقة “تل كزل” بموقعها الطبيعي بين سلسلة جبال لبنان وجبال “اللاذقية” يخترقها نهر “الكبير” و”الأبرش” وجدول “سمريان” وأنهار صغيرة مثل “البارود” و”عرقة” هي حلقة اتصالات من البحر “الأبيض المتوسط” إلى داخل سورية وبالعكس ..وفي موقع “تل كزل” بسهل “عكار” جنوب مدينة “طرطوس” بثمانية وعشرين كيلومتراً توجد مدينة “سومور” المركز الرئيسي في الإقليم كعاصمة مملكة ساحلية “بحرية”، واكبر التلال الجمعية في الساحل السوري ويمتد بطول “325-350” مترا وعرض نحو “200” متر،على الشاطئ الأيمن لنهر “الأبرش” وعلى بعد ثلاثة كيلومترات ونصف من مصبه، وله أطراف شديدة الانحدار ما يدل على أنه كان محاطاً بسور كشف النقاب عن جزء منه في حفريات التنقيب عام “1986 ..خلال عمليات التنقيب الأثرية عام “1956” ظهرت مباشرةً الطبقة “الهلنستية” بكسرها الفخارية، ثم طبقة عصر “الحديد” بأوانٍ فخارية ورأس تمثال فخاري، ثم طبقة من “البرونز” الحديثة، وظهرت كسر فخارية مزينة بزخارف خطية حمراء وسوداء، كما توالت الكسر والأواني القبرصية والفينيقية، وكسر من العهد الفارسي لرؤوس كهنة، وعصر “الحديد الأول والثاني” و”البرونز المتوسط” وقسم من السور و”الجرانات” المصرية ..نزح السكان عن “التل” إلى القرية المجاورة والمسماة باسمه وعادت أعمال التنقيب سنة “1985” من قبل بعثة مشتركة من المديرية العامة للآثار والمتاحف والجامعة الأمريكية، وأسفرت النتائج المتعاقبة عن مجموعات جيدة من اللقى الأثرية تعود إلى فترات مختلفة “مصرية وفارسية” وأحرف “فينيقية” عدد اثنان وقطعة نقد فضية وعدد من النقود “البرونزية”..بتاريخ “19/7/2009” عملت بعثة التنقيب بفريق مؤلف من ثلاثة وعشرين عضواً في عدة مناطق من التل منها “المعبد” و”القصر” وشرق التل والمنطقة الغربية منه، وتم الكشف عن مجموعة من الجدران المبنية بحجارة غشيمة وأرضيات مبلطة ببلاط حجري وتنور من الفخار، وتم الوصول إلى عدة سويات تعود للعصر “البرونزي” الحديث ..كان من أهم اللقى الأثرية في الموسم الخامس والعشرين “أدوات طبية برونزية” و”رؤوس سهام برونزية” و”رأس فأس برونزي” و”السور” الذي يرتبط بـ”التل” من جهته الداخلية، ويمكن تحديد تاريخه بواسطة علم الطبقات، وأجزاء من “تماثيل فخارية” تمثل “رؤوس كهنة” ذات أشكال مختلفة ترجع بتاريخها إلى العصر “الحديدي” في القرن الرابع عشر قبل الميلاد ومعالم “قصر” يعود تاريخه إلى القرن الحادي عشر قبل الميلاد وبقايا جدرانه مبنية بالحجر الرملي و”اللبن” ومطلية بـ”الجص” ومغطاة بـ”الصدف البحري”، وهذه ظاهرة فريدة من نوعها وتظهر لأول مرة في المنطقة..كما عثر على رؤوس فخارية وأواني بخور ملونة تستعمل في المعابد يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر والرابع عشر قبل الميلاد ما دل على وجود معبد، كذلك بقايا جدران مثبتة بأحجار رملية كبيرة وأرضية مبلطة بشطائح حجرية تدل على وجود مبنى هام، وستكشف مواسم التنقيب المستقبلية عن هذه المعالم وتجليها بوضوح وتظهر تاريخ هذه المنطقة ومدى مساهمتها في سلسلة التقدم والرقي الإنساني.
(سيرياهوم نيوز-سورية السياحية18-2-2022)