| ناصر النجار
من الطبيعي أن يكون هدف أندية الدرجة الممتازة لكرة القدم الفوز بلقب الدوري، ومن المفترض أن تعد إدارات الأندية العدة من أجل تحقيق ذلك، ونلاحظ أن الهم والاهتمام هو استقطاب اللاعبين المميزين الذين برزوا في الدوري أو العائدين من تجارب احترافية في بلاد الغربة، وشاهدنا كيف أن الأندية هرولت لاقتسام ورث نادي الفتوة بطل الدوري والكأس من اللاعبين، فتشتت أبطال الدوري بين الأندية، وقد فرحوا بما جاءتهم من عروض مغرية واستقبال مميز.
هذا الأمر لا غبار عليه، لكن هذا الهدف يجب أن يكون مقترناً بخطة جيدة واستراتيجية طويلة المدى، حتى لا تدفع الأندية ضريبة باهظة الثمن كما دفعها نادي الفتوة، وكما دفعتها سابقاً أندية تشرين وحطين والطليعة وغيرها من الأندية.
عندما يكون الهدف بطولة الدوري فقط وإهمال باقي الفرق وعدم العناية بالقواعد، فإن النتائج ستكون سلبية بالمحصلة العامة، لأنه كلما كانت قواعد النادي متينة كان النادي قوياً بفرقه كلها، وفي الأزمات ستجد هذه القواعد في المكان الصحيح تدافع عن شعار النادي وتاريخه.
الداعمون والأندية
داعمو نادي الفتوة الذين صرفوا في الموسم الماضي على بطولة الدوري أكثر من خمسة مليارات ليرة، لم يدفعوا هذا الموسم إلا أربعمئة مليون ليرة، وهذا ما أدى إلى هجرة اللاعبين، لأن أبطال الدوري لم تعد تكفيهم مثل هذه المبالغ، واللاعب الواحد منهم بات يطلب ضعفه وبعضهم وصل للمليار، وللأسف كما قال لي أحد مدربينا: هذه المبالغ لا يحصل عليها اللاعبون في الدوريات العربية، وأغلبهم يلعب في الدرجة الثانية بدول الخليج (البحرين وعمان والكويت) والعراق، ويضع مدربنا (الذي فضل عدم ذكر اسمه) الحق في هذا الأمر على رؤساء الأندية من أصحاب المال الذين لا يملكون الخبرة الرياضية، وهم أسيرو السماسرة وبعض المتنفذين الذين يوحون إليهم بمثل هذه التصرفات وهذه العقود المبالغ بها.
من الكلام السابق نستنتج أن نادي الفتوة عاش في العسل موسمين، ثم سقط في الهاوية والسبب عدم التفكير بالمستقبل، لكن السبب المهم أن من تولى مقاليد نادي الفتوة وقراره لا يتمتعون بالخبرة الرياضية ولا يملكون أدنى ثقافة كروية، فأوصلوا النادي إلى ما وصل إليه من السوء، والمشكلة أنهم يجيرون البطولات لاسمهم وحدهم، وكأن الغاية أن يذكروا بذلك وأن يحققوا منافع شخصية عبر النادي وجماهيره.
تخلي الداعمين عن الأندية لا يقف عند نادي الفتوة فقط، فقد عانى تشرين وحطين من هذا الأمر في السنوات القليلة الماضية، ولنا أن نتصور الموقف السيئ عندما تستقيل إدارة نادي تشرين قبيل نهاية الموسم وتترك الفريق وكل الألعاب تتقاذفها الرياح والأهواء، وكم هو مؤسف عندما نسمع أن لاعبي الطليعة توقفوا عن التمارين وتمردوا عن حضور المباريات لأن إدارة النادي والداعمين لم يعد بمقدورهم دفع مستحقاتهم وقد انتظروا رواتبهم عدة شهور من دون جدوى، والقصة ليست متوقفة عند نادي الطليعة فقط، فالكثير من الأندية وقعت بهذا الحرج!
السؤال المهم: ماذا لو تخلى الداعمون عن الأندية لأي سبب في منتصف الموسم، من سيتولى دفع باقي مستحقات اللاعبين؟ ومن أين ستتدبر الأندية مصاريف فرقها؟
من نقطة الصفر
الكرامة بدأ في الموسم الماضي خطة طويلة الأمد تعتمد على تجديد دماء الفريق بالتدريج والاعتماد على أبناء النادي، والعناية بالفرق القاعدية، ووجدنا النتائج جيدة من خلال الفوز ببطولة الدوري الأولمبي ودوري الناشئين ودوري البراعم، اليوم تغير المسار، وإدارة الكرامة الجديدة نسفت هذه الأفكار، وهي في خطواتها تستعجل المنافسة على لقب الدوري، ونذكر هذه الإدارة أن الكرامة في الموسم الماضي كان قاب قوسين أو أدنى من دخول مربع الكبار، لكن الحظ عانده في بعض المباريات التي فقد الفوز فيها في الدقائق الأخيرة، وكان من المفترض بالإدارة الجديدة أن تتابع عمل ما سبقها والمشروع الفني الذي بدأ به المدرب طارق الجبان.
من جهة أخرى لم تكن خيارات الإدارة في انتقاء اللاعبين كلها جيدة، لكن المشكلة الأكبر استبعاد العديد من اللاعبين المميزين من فريقي الأولمبي والشباب وهذا عين الخطأ، لأن من تم استبعادهم يعتبرون من أفضل مواهب كرتنا وهم بالطبع أفضل من بعض القادمين، وبالأصح هم ذخيرة النادي وقاعدته الصلبة، والسؤال المهم: إذا لم يتم تعيين مدرب لفريق الرجال حتى الآن، فمن الذي يختار اللاعبين؟
الكلام نفسه ينطبق على إدارة أهلي حلب التي تملك فريقين كاملين من المواهب والخامات الواعدة، من حقها التعاقد مع لاعبين تتوسم فيهم الخير من أجل الفوز ببطولة الدوري، ولكن أكد الكثير من المراقبين أن بعض اللاعبين لا يصلحون لفرق الدرجة الأولى، وأخشى أن ينطبق على إدارة نادي أهلي حلب النشيطة القول: لكل شيء إذا ما تم نقصان، وإن غداً لناظره قريب.
الحديث لا ينتهي عند ناديي الكرامة وأهلي حلب، فهناك الكثير من الملاحظات على بقية الفرق، ونخشى أن تعيش أنديتنا دوامة كل موسم من خلال نتائج متقلبة ومدربين مستقيلين وجمهور غاضب
سيرياهوم نيوز١_الوطن