أيمن الحرفي:
إن أفضل استثمار نقدمه للمجتمع هو استثمار الإنسان واستخدام وقته في تكوين المعارف، ولا يتحقق ذلك إلا بالقراءة، ولا يتأتى لنا ذلك إلا بالاهتمام بالطفل وبما يقرأ، ومازالت الأبحاث والدراسات والمقالات تحثّ على القراءة.
فعلى سبيل المثال أجريت دراسة على الشباب في دولة عربية تبين أن ٤٨ % يقضون أوقات فراغهم في الرياضة في حين أن واحداً بالألف يذهبون للقراءة والمطالعة، وخلصوا إلى الأسباب في ذلك هو انتشار الأمية، وانخفاض المستوى التعليمي وازدياد الفقر وعدم توفر المال اللازم لشراء الكتب، ولكن الأهم من ذلك كله برأيي عدم توفر ثقافة وسلوكيات القراءة والمطالعة، وملازمة الكتب والمداومة على القراءة، واحترام الكتاب والحرص على اقتنائه وجعله جزءاً هاماً في حياتنا.
عندما تدخل القراءة كحصة دراسيّة في مناهجنا ضمن حملة إعلامية تشارك فيها كل مؤسسات المجتمع تشجع فيها على القراءة بما تثيره من اهتمام بالتأمل والتفكير، ونعلم الطفل والشاب ماذا وكيف ولماذا ومتى نقرأ؟، ويبدأ التشجيع على القراءة من الأسرة والمدرسة نكون قد وصلنا إلى هدفنا المنشود في ترسيخ هذه العادة.
فالأسرة المتحضرة المثالية تلك التي تدخل ضمن سلوكيات وتصرفات الأبناء عادة القراءة، والطفل عندما يعي هذه الحياة، ويرى هذه السلوكية أي القراءة يومية عند الأب والأم عبر تخصيصهما وقتاً دائماً من كل يوم للمطالعة يعرف ويختزن في عقله هذا السلوك اليومي، ويستمتع الأطفال عندما يقرأ لهم الأهل القصص والكتب التي تخاطب عقولهم بطريقة يفهمونها وتعبر عن التجارب التي يمرون بها.
والقاعدة الذهبية تقول: عندما تحبب طفلك بالكتاب فإنك تجعل منه قارئاً مدى الحياة، فليحذر الأهل من إهمال فترة الطفولة والشروع بذلك عندما يكبر الطفل ويصبح شاباً، وهذا ما أدى بالشباب اليوم إلى عدم قراءة الصحيفة اليومية إلا مرة بالشهر فصفحات الانترنت ووسائل الاتصال أصبحت الصديق الأقرب إليه، وللأسف بدلاً من الكتاب.
وقد اكتشف الأهل ممن اهتموا بتشجيع أطفالهم على القراءة أنها تنمي عندهم الإبداع والخيال ورهافة الحس، ومنحتهم القدرة على التعبير عن أنفسهم، وما أحلى العائلة التي نرى فيها الإخوة الكبار يشجعون من هم أصغر منهم على القراءة، فهذا يقوي علاقتهم الأخوية ويؤسس لعلاقة الاحترام فيما بينهم، ويمكن أن يصبح الأطفال القارئون اليوم جيداً كُتَّاباً وأدباء في المستقبل، فالكتَّاب والأدباء كانوا قراء جيدين، حيث توصل العلماء والباحثون إلى حقيقة وخلاصة هامة، وهي:إننا إذا لم نقرأ في الشهر كتاباً على الأقل فإننا نعيش في حياة من الفوضى والضياع، ذلك أن القراءة تفتح العقول والنفوس باتجاه تكوين الجديد من المعرفة وعدم تواصلهم مع الجديد يشعرهم بالقلق والنقص والحرمان وربما الضياع”.
إن قراءة نصف ساعة يومياً تمكننا من قراءة كتاب أو كتابين في الشهر، والطفل منذ أعوامه الأولى يزداد وعيه وما علينا إلا عرض الكتب المصورة الكرتونية السميكة ذات الألوان اللامعة والبراقة المتضمنة صور أطفال آخرين فهي تلفت نظره، فالطفل يتعرف على الأشياء باللمس والإحساس، وعندما يبدأ بالمشي يزداد فضوله وحبه للتعلم وتلفت نظره كتب الحيوانات ذات الأشكال والأحجام المختلفة، وصور وقصص الأطفال، وهم يقومون بأعمال مألوفة كالنوم واللعب ويحبون سماع القصص، وتعلم كلمات وجمل جديدة، ليجعل الأهل من قصة ما قبل النوم عادة فهي تهيّئ وتهدئ الطفل وتساعده على النوم كما أنها تعوده على القراءة وتنمي خياله ولابأس من تضمين تلك القصص قيماً ومبادئ نريد تلقينهم إياها وذلك بأسلوب ممتع وجميل ومشوق.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة