في 8 نوفمبر 1798، بينما كانت السفينة البريطانية “سنو هانتر” في طريقها إلى بحر الصين، مرت عبر جزيرة صغيرة تقع بين أستراليا وهاواي في المحيط الهادئ. كان الترحيب الحار من سكان الجزيرة وطبيعتها الساحرة سببًا في أن يطلق عليها كابتن السفينة اسم “الجزيرة المبهجة”. واليوم، تعرف هذه الجزيرة الصغيرة باسم “ناورو”، وهي واحدة من الدول الأكثر تضررًا من آثار أزمة المناخ.
أزمة المناخ تهدد بقاء ناورو
تعاني ناورو، التي تقع على مساحة لا تتجاوز 21 كيلومترًا مربعًا، من مشاكل مناخية خطيرة. يعاني الطقس في الجزيرة من ارتفاعات متزايدة في درجات الحرارة، ومن المتوقع أن تستمر هذه الزيادة في المستقبل. كما يعاني مستوى سطح البحر بالقرب من الجزيرة من ارتفاع أسرع من المعدل العالمي، ما يمثل تهديدًا على المدى البعيد للجزيرة.
الجزيرة تعتمد على البيئة البحرية التي تحيط بها، خاصة الشعاب المرجانية التي تلعب دورًا حيويًا في اقتصادها. ومع تغير المناخ، تواجه هذه الشعاب خطر ابيضاضها بسبب ارتفاع درجات حرارة المياه، وهو ما يؤدي إلى فقدان الطحالب التكافلية التي تعيش بداخلها، مما يهدد النظام البيئي بشكل عام.
حل “جواز السفر الذهبي” لمواجهة الأزمة
مع تهديد التغيرات المناخية لاستمرار الحياة على الجزيرة، بدأت حكومة ناورو في البحث عن حلول مبتكرة للحصول على التمويل اللازم لمكافحة هذه الأزمة. وكان أحد الحلول المطروحة هو إطلاق “مبادرة جواز السفر الذهبي”، حيث يُعرض جواز سفر للجزيرة مقابل 105 آلاف دولار. تهدف هذه الخطوة إلى جمع الأموال الكافية لنقل نحو 90% من سكان ناورو (الذين يبلغ عددهم حوالي 12,500 نسمة) إلى مناطق أعلى وأكثر أمانًا من الناحية المناخية، وبناء مجتمع جديد في أماكن أكثر استقرارًا.
التحديات والانتقادات
ad
ورغم أن بيع جوازات السفر يمكن أن يكون مصدرًا جيدًا للتمويل، إلا أن هذه الخطوة تأتي مع بعض المخاطر. حيث يُعرف أن بيع الجوازات يمكن أن يساهم في انتشار الجرائم والأنشطة غير القانونية، ما قد يهدد استقرار الدول. لكن، أكدت الحكومة الناوروية أنها ستقوم بمنع منح الجوازات للأشخاص الذين لديهم سوابق جنائية. كما أن هذه الخطوة تأتي في وقت يتراجع فيه التمويل الدولي للمشاريع المناخية، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة تدريجيًا من الجهود المتعلقة بالعمل المناخي.
مزايا جواز السفر الذهبي
يمكن لأولئك الذين يقتنون جواز السفر الذهبي من ناورو الاستفادة من مزايا عديدة، مثل دخول 89 دولة دون الحاجة إلى تأشيرة، من بينها المملكة المتحدة وسنغافورة وهونغ كونغ. ومع ذلك، يبقى السؤال: من سيكون على استعداد لدفع 105 آلاف دولار مقابل جواز سفر؟ قد تكون هذه الصفقة مغرية للبعض الذين يسعون إلى تسهيل تنقلاتهم الدولية، لكن يبقى أن الجواب يعتمد على ما إذا كان الحل يستحق التكلفة بالنسبة للمستثمرين.
بينما تتعرض جزيرة ناورو لتهديدات مناخية حادة تهدد وجودها، تسعى الحكومة إلى إيجاد مصادر تمويل مبتكرة لمساعدتها في مواجهة التحديات المستقبلية. بيع “جواز السفر الذهبي” قد يكون خطوة غير تقليدية، لكنه يمثل حلاً عمليًا في مواجهة أزمة التمويل المناخي التي تؤثر على الدول الجزرية الصغيرة في المحيط الهادئ. رغم المخاطر التي قد ترافق هذه الخطوة، يبقى أن هذا الحل يمكن أن يكون نقطة تحول في جهود الحفاظ على مستقبل الجزيرة وشعبها.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات_راي اليوم