أعلنت وزارة السياحة والآثار في مصر، أمس، عن اكتشاف معبد جنائزي ومومياوات نادرة وتوابيت وأثاث جنائزي، بمنطقة آثار سقارة بجوار هرم الملك تتي (أول ملوك الأسرة السادسة من الدولة القديمة)، فضلاً عن توابيت ومومياوات وأثاث جنائزي تعود لعصور مختلفة من الدولة القديمة والحديثة والعصور المتأخرة، وذلك خلال أعمال الحفائر التي تنفذها البعثة المصرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار»، و«مركز زاهي حواس للمصريات» بمكتبة الإسكندرية.
وقال الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق ورئيس البعثة، لـ«الشرق الأوسط» إن «الكشف يعطي فكرة واضحة عن العبادة في عصر الملك تتي، وأنه عُبد في بداية الأسرة الـ18 و19»، مشيرا إلى أن «هذا جعل المنطقة مقدسة ودفن فيها كبار رجال الدولة والأمراء، وقد عثرنا على أسماء ملوك في المنطقة مثل تحتمس الأول وتوت عنخ آمون».
وتضمن الكشف المعبد الجنائزي الخاص بالملكة نعرت زوجة الملك تتي، الذي تم الكشف عن جزء منه في الأعوام السابقة للبعثة، إضافة إلى تخطيط المعبد، وثلاثة مخازن مبنية من الطوب اللبن في الناحية الجنوبية الشرقية، كانت تستخدم لتخزين القرابين والأدوات.
وقال حواس إنه «عندما اكتُشف جزء من المعبد في عام 2010 كان يُعتقد أنه لوالدة الملك وتدعى سيشت، لكن كشف اليوم يظهر أن الملك تتي كانت له زوجة غير مكتوبة في كتب التاريخ وهي نعرت، وكانت لبنانية وهذه هي المرة التي يسجل فيها زواج ملك من ابنته في الأسرة السادسة».
وعثرت البعثة على 52 بئرا للدفن تتراوح أعماقها ما بين 10 و12 مترا، يوجد داخلها أكثر من 50 تابوتا خشبيا من عصر الدولة الحديثة، وهي المرة الأولى التي يتم فيها العثور على توابيت يعود عمرها إلى ثلاثة آلاف عام، بهذه المنطقة، بحسب حواس، الذي أوضح أن «التوابيت ذات هيئة آدمية وعلى سطحها العديد من مناظر الآلهة، وأجزاء مختلفة من نصوص كتاب الموتى».
وتضمن الكشف مجموعة من المشغولات الأثرية وتماثيل على هيئة المعبودات مثل الإله «أوزير، وبتاح، وسوكر».
وقال حواس، في بيان صحافي، إن «البعثة عثرت على بردية يصل طولها إلى أربعة أمتار وعرضها متر واحد، تمثل الفصل السابع عشر من كتاب الموتى، ومسجل عليها اسم صاحبها وهو (بو – خع – أف) وقد وجد الاسم نفسه مسجلا على أربعة تماثيل أوشابتي، كما تم العثور على تابوت خشبي على الهيئة الآدمية للشخص نفسه، إضافة إلى العديد من تماثيل الأوشابتي من الخشب والحجر الفيانس من عصر الدولة الحديثة»، واصفا اكتشاف البردية بأنه «فريد من نوعه».
من جانبه قال الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط» إن «الكشف يظهر أهمية المنطقة واستخدامها في مختلف العصور كمنطقة مقدسة ويضم مجموعة متميزة من الآثار التي تحكي تفاصيل الحياة اليومية والجنائزية في تلك الفترة، وهو ما يعد إضافة للتاريخ»، مشيرا إلى أن «المنطقة واعدة ومن المتوقع أن تكشف عن المزيد من الأسرار».
وقال حواس إن «هذه الاكتشافات سوف تعيد كتابة تاريخ المنطقة وخاصة خلال الأسرتين 18 و19 من الدولة الحديثة، وهي الفترة التي عُبد فيها الملك تتي وكان يتم الدفن في ذلك الوقت حول هرمه».
ومن بين الآثار التي تم اكتشافها مجموعة من الأقنعة الخشبية، ومقصورة الإله أنوبيس إله الجبانة، وعدد من الألعاب التي كان يلعب بها المتوفى في العالم الآخر مثل لعبة (السنت) التي تشبه الشطرنج حاليا، ولعبة العشرين مسجل عليها اسم الشخص الذي كان يلعب بها، إضافة إلى عدد من القطع الأثرية على شكل طيور مثل إوزة، وبطة من البرونز، ولوحات منقوشة.
وقال حواس إن من بين اللوحات «لوحة من الحجر الجيري في حالة جيدة من الحفظ، مصور عليها منظر متوفى يدعى (خو – بتاح) وزوجته تدعى (موت – أم – ويا)، أمامهم ستة من الأبناء أحدهم بنت اسمها (نفرتاري)، وهو اسم الزوجة المحببة لدى الملك رمسيس الثاني، وحمل اسم أحد الأبناء (خع – أم – واست) وهو اسم أحد أبناء الملك رمسيس الثاني ويعتبر حكيم العصر ويطلق عليه أنه أول عالم مصريات حيث كان يرمم آثار أجداده».
وأوضح حواس أن «هذا الكشف يؤكد على أن منطقة آثار سقارة لم تستغل في الدفن خلال العصر المتأخر فقط بل وكذلك في الدولة الحديثة، كما أثبت وجود العديد من الورش التي تنتج هذه التوابيت التي كان يتم شراؤها عن طريق الأهالي، وكذلك ورش خاصة بالتحنيط».
وبينت دراسة مومياء لسيدة أن صاحبتها كانت تعاني من مرض يعرف باسم «حمى البحر الأبيض المتوسط» أو «الحمى الخنازيرية».
سيرياهوم نيوز 6 – صحيفة الشرق الأوسط