رئيس التحرير:هيثم يحيى محمد
بات الاهتمام الإعلامي في نظام الإدارة المحلية وتطويره نحو اللامركزية الإدارية شبه معدوم بعد ماشهدناه من “فورة” في هذا المجال لعدة أيّام في شهر تموز من العام الماضي.. ودون الدخول في الخلل الذي يحكم إستراتيجيات عمل جهاتنا العامة لابد من القول إن مانشهده في الأشهر الأخيرة من تعاميم مركزية إلى المحافظات والوحدات الإدارية أدى ويؤدي إلى تكبيل عمل الإدارة المحلية في أمور كثيرة وزاد من المركزية لدرجة غير مسبوقة خلافاً لما ينص عليه القانون 107 لعام 2011 النافذ وللتوجيهات المتعلقة بعمل الوحدات الإدارية.
وريثما نتناول المعطيات الجديدة التي تؤكد ماذكرناه نشير إلى أنه بقي للمجالس المحلية صلاحيات عديدة خارج تلك التعاميم، ومنها المتعلقة بخدمات المواطن اليومية وطلباته العادية، وهذه يجب أن تعالجها دون تأخير وتسويف ومماطلة من خلال التواصل بشكل أفضل مع الناس لاسيما وأن القائمين عليها يصرّحون أن (المواطن) هو بوصلتهم تيمناً بما تصرّح به الحكومة دائماً.
وهنا أقول مجدداً لمسؤولي الإدارة المحلية وغيرهم من أصحاب القرار أن المواطن السوري بشكل عام مواطن إيجابي.. وكلما اقتربت منه الجهات المسؤولة، وشرحت له الظروف، ووضعته بصورة شؤونها وشجونها، وابتعدت عن إهماله وتطنيشه، كلما ارتفعت نسبة الإيجابية لديه وبات مقتنعاً بتبريراتها بخصوص تقصير هنا وتأخير هناك، لذلك من غير المنطقي وغير المعقول والمقبول أن نجد أن معظم القائمين على جهاتنا العامة في المحافظات يبتعدون عن هذا المواطن (البوصلة) ولا يلتقون به في حيّه السكني أو قريته، أو في أي مكان عام.. وإذا أتى إلى مكاتبهم يعاني إما من الانتظار، أو من ضغط الوقت لديهم، أو من الردود غير المقنعة منهم، إضافة لمعاناته في الذهاب والإياب وتحمله تكاليف النقل الباهظة!
طبعاً هذا الواقع زاد من الهوّة بين مواطنينا ومسؤولينا وأدى إلى حصول هوّة بين الناس وبين مؤسسات الدولة بشكل عام، مايستدعي العمل بكل جدية وإخلاص من قبل أصحاب القرار لردم هذه الهوة ومد جسور التواصل والمحبة مع الناس من خلال خطط وبرامج يوجهون بها في الفترة القادمة خاصة وأن قانون الإدارة المحلية النافذ ينص على ذلك في المادة (120) التي تتحدث عن الرقابة الشعبية وتطالب المجالس المحلية ومكاتبها التنفيذية ولجانها وأجهزتها باعتماد مبدأ الشفافية في نشر قراراتها وبرامجها، وبتنظيم ندوات دورية مباشرة مع المواطنين تعرض فيها ماقامت به من أعمال، وتستمع إلى شكاوى وتظلمات هؤلاء المواطنين وتقييمهم للأداء والعمل ومدى تنفيذ الخطط والبرامج وتحقيق الأهداف التي يجب أن تكون معلنة لهم مسبقاً، كما تنص على أحقية كل مواطن بالشكوى والتظلم والنقد البنّاء على عمل الوحدات الإدارية وأجهزة السلطة المختلفة، وأيضاً أحقية وسائل الإعلام في ذلك.. الخ.
وأختم بالقول إن عدم التواصل مع الناس وعدم تفعيل الرقابة الشعبية يعكس خللاً وفساداً في جهاتنا العامة، ويؤكد عدم رغبة القائمين عليها في الإصلاح ومحاربة الفساد ويترك الناس فريسة للشائعات وسموم الطابور الخامس ويساهم في زيادة عدم الثقة بينهم وبين الدولة ومؤسساتها وهذا لايجوز الاستمرار به ومن ثمّ علينا تداركه عاجلاً وليس آجلاً.
(سيرياهوم نيوز ١-الثورة)