على رغم التقارير التي تحدّثت عن التوصل إلى تفاهمات أولية بين دمشق و»قسد» لترتيب الأوضاع في شمال شرق سوريا، استمرت الاشتباكات المتقطّعة بين الأخيرة و»الجيش الوطني» المدعوم من تركيا في محيط سد تشرين وجسر قرقوزاق في ريف حلب الشمالي الشرقي، من دون تحقيق أي تقدم استراتيجي على طريق سعي «الوطني» إلى تحقيق اختراق ميداني في اتجاه كل من مدينة عين العرب (كوباني)، ومدينتي الطبقة والرقة في محافظة الرقة. وبدت الاشتباكات التي وقعت أمس، أخفّ من تلك التي حصلت في اليومين الفائتين، قبل أن يزيدها حدة قصف جوي تعرّض له تجمّع شعبي نظّمته «قسد» بالقرب من سد تشرين، بهدف محاولة زرع حائط بشري يفرض وقف الاشتباكات بين الطرفين، ما أدى إلى مقتل وإصابة ستة أشخاص على الأقل.
وتبادلت كل من «قسد» و»الجيش الوطني» الاتهامات بالوقوف وراء القصف، من خلال تسريب صفحات محسوبة على «الوطني» أنباء عن «نية طائرات مُسيّرة تابعة لقسد قصف التجمّع لاتهام تركيا والجيش الوطني بارتكاب مجازر بحق المدنيين». وبدورها، اتهمت وسائل إعلام محسوبة على «قسد»، الجيش التركي والفصائل الموالية له، باستهداف مدنيين عزّل كانوا متجهين إلى خطوط الاشتباكات للتعبير عن دعمهم لقوات «قسد».
ومع استمرار المواجهات، استقدمت الولايات المتحدة المزيد من التعزيزات العسكرية إلى قواعدها في سوريا، مع تركيز الدوريات والنقاط في المناطق القريبة من الاشتباكات، وتحديداً في عين العرب والرقة والطبقة، في محاولة لدفع المفاوضات بين الطرفين، وضمان عدم حصول أي تغيير في خارطة السيطرة قبل تسلّم إدارة الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، مهامها رسمياً في 20 الجاري. كما أوفدت واشنطن مبعوثاً خاصاً إلى شمال شرق سوريا هو سكوت بولز، بهدف تنسيق الحوار بين تركيا و»قسد»، وبين الأخيرة والحكومة السورية الجديدة، تمهيداً للوصول إلى تفاهمات حول مستقبل المناطق التي يديرها الأكراد.
قصف جوي على تجمّع شعبي نظّمته «قسد» لمحاولة زرع حائط بشري يفرض وقف الاشتباكات
من جهته، هدّد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بـ»شنّ عملية عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردي في حال عدم الاستجابة للإنذار النهائي» الذي وجّهته إليهما تركيا لإلقاء السلاح. وقال في تصريحات إلى وسائل إعلام تركية إنه «إذا لم يتصرّف التنظيم وفقاً للإنذار النهائي، فسيتم اتخاذ الإجراء اللازم، وهو عملية عسكرية»، مبيّناً أن «الإدارة السورية الجديدة تجري محادثات مع قسد. وتركيا ليس لديها عداء مع أحد، لكنّ الوحدات الكردية منخرطة في أنشطة إرهابية». وكشف أن «الرئيس (رجب طيب) إردوغان أصدر أوامره للجنود الأتراك بتولي إدارة السجون والمعسكرات التي يُحتجز فيها أسرى من عناصر داعش، إذا كانت الإدارة السورية الجديدة غير قادرة على القيام بذلك».
وفي هذا الوقت، سرّب عدد من وسائل الإعلام معلومات عن تفاهمات توصلت إليها الحكومة السورية الجديدة و»قسد» في اللقاءات الثنائية بينهما، مع استمرار وجود خلافات تتعلّق بآلية إدارة مناطق الأكراد، وصفة «قسد» في الجيش السوري الجديد. وقالت مصادر مطّلعة، لـ»الأخبار»، إن «الولايات المتحدة والدول الأوروبية تضغط بشكل كبير على كل من تركيا والإدارة السورية الجديدة للتوصل إلى تفاهمات تمنع اندلاع اشتباكات بين الطرفين»، مبيّنة أن «هناك تفاهماً أولياً على إخراج مقاتلي حزب العمال الكردستاني وكل المقاتلين الأجانب مع قسد، من سوريا، لبناء جسر ثقة لمواصلة الحوار». وتوقّعت المصادر أن «تُعقد جلسات أخرى بين الطرفين للتوصل إلى تفاهمات في ملفات أخرى»، مستدركة بأن «المعطيات تشير إلى سلسلة من العقد والأفخاخ» التي تعترض طريق المفاوضات.
أخبار سورية الوطن١_الأخبار