مالك صقور
سقط النظام بطوله وعرضه ، وجيشه ووزير دفاعه ورئيس أركانه والفرقة االرابعة والأجهزة الأمنية المرعبة وحكومته وهرب رئيس هذا النظام بلحظة . نعم ، بلحظة دون إطلاق رصاصة واحدة ، وبعد ثلاثة أشهر بالتمام ، ظهرت فجأة “فلول النظام” !!! فإذا كان النظام بكامل قوته وجبروته وسطوته قد سقط وانهزم فماذا عن فلوله ؟؟!!
وكلمة فلول ، تعني المنكسر المهزوم ، فهل التلطي دائماً وراء فلول النظام يعطي المبرر والتبرير لارتكاب أشنع المجازر والإبادة الجماعية بحق أناس عزل وأطفال أبرياء وشيوخ ونساء وأطباء وطبيبات وصيادلة وعلماء والكثيرون منهم كانوا من المعارضة للنظام السابق البائد. إن مجازر الساحل ومجازر غزة وفلسطين هي عار العالم الحر المتمدن ، عار النظام العربي الرسمي ، إن دم الأبرياء في الساحل السوري سيبقى يقبح تاريخ من خطط ومن نفذ ومن أمر ومن سمح بقتل الأبرياء العزل ، والذين لم يكن لهم أي علاقة بالنظام أو فلول النظام ، ولا همّ عندهم إلا تأمين رغيف الخبز ، وأكثر من ذلك أقول إنهم فرحوا بسقوط النظام الأمني ، الذي افقرهم وجوعهم وظلمهم ، وقد هللوا للنظام الجديد . فبحجة ( فلول النظام ) استباحت الفصائل المسلحة ومنها أجنبية قرى الساحل السوري مع رفع شعارات الإبادة الجماعية للطائفة العلوية ، !!!
يحدث هذا في نهاية الربع الأول من القرن الحادي والعشرين ، قرن التمدن والحضارة وثورة المعلوماتية ، وانتصار الذكاء الاصطناعي …ولكن ان ينتصر الحقد ، والثأر ، والانتقام من الأبرياء فهو المرفوض إنسانياً ودينياً وأخلاقياً وقومياً ووطنياً .فبهذه الطريقة وهذا الأسلوب وهذا التصرف لا تبنى الأوطان .ولن يتم أمن وأمان ولا استقرار ، وهذا يعجل بتنفيذ المخطط البغيض ألا وهو تقسيم سورية ، وفق مخطط الشرق الأوسط الكبير أو الجديد ..والمؤلم والموجع والمؤسي والمؤسف كل هذه الدماء الطاهرة ..وفي الوقت نفسه ،يتم التعتيم على مايجري في الجنوب !! الكيان احتل جبل الشيخ ، ولا يبعد عن دمشق عدة كيلومترات والتعزيزات الثقيلة عوضا من ان تتجه إلى القنيطرة ، اتجهت شمالاً..إلى الساحل ..!!!!
وأقول للذين يدّعون الإسلام ويكفرون بقية الطوائف : إنهم بإفعال القتل وسفك الدماء الإسلام منهم بريء . وهل تعلمون لماذا أعلن روجيه غارودي إسلامه ؟ باختصار أقول لكم : عندما احتل هتلر فرنسا ، تحالفت القوى اليسارية ضد النازية والفاشية ، وكان روجيه غارودي شيوعيا ً وناهض حكومة فيشي العميلة ، فتم نفيه إلى الجزائر ، إلى معسكر جلفة ، وهناك أيضا قام مع رفاقه بتمرد وعصيان ، وطالبوا بتحرير الجزائر من فرنسا ، وتحرير فرنسا من النازية ، فأنذره قائد المعسكر إ،نْ لم ينه التمرد والعصيان ، فسيحكم عليه بالاعدام . لكن غارودي ورفاقه لم يستجيبوا للأنذار ولم يذعنوا له . فحكم قائد المعسكر بإعدامه ميدانياً دون محاكمة لأنهم في حرب . وأمر قائد المعسكر حاملي الرشاشات بإطلاق النار عليه وعلى رفاقه : أمر ثلاث مرات .. لكن لم يطلقوا النار عليه وهومعصوب العينين .فهدد قائد المعسكر حاملي الرشاشات بأقسى العقوبات حتى الإعدام ، مع ذلك لم يطلقوا النار ، وهنا في العرف ‘ عندما يؤمر بالإعدام ثلاث مرات ولا ينفذ ، يؤجل الإعدام ..وفعلا تم تأجيل الإعدام .. عندئذ سأل غارودي المساعد الذي كان مشرفاً على تنفيذ العملية :: لماذا لم يطلقوا النار عليه ..؟ وكان المساعد يجيد اللغة الفرنسية ، فسأل الجنود حاملي الرشاشات ، لماذا خالفتم الأوامر وستعاقبون عقوبة قاسية ؟وكان الجواب المفاجئ والصاعق : (( نحن محاربون مسلمون ، وشرف المحارب المسلم لا يسمح له بقتل إنسان أعزل ، كائناً من كان ؛ شريعة المحارب المسلم تمنعه من قتل إنسان أعزل ..)) .
هذه الكلمات ، وهذا الجواب ، حفر طويلاً في دماغ روجيه غارودي ، وبقي يردد كلما سنحت له الفرصة : ” أنا مدين بحياتي للجنود المسلمين ، ولولاهم كنت في عداد الأموات ” .. وذلك في صيف عام 1941 .
وبعد هذا ماذا يمكن القول ؟! وكما أن الله يمهل ولا يهمل ، فإن الشعب أيضا يمهل ولا يهمل ..
(موقع اخبار سوريا الوطن-2)