كريمة دغراش
أعلن معارضون في تونس، عدد منهم داخل السجون، دخولهم في إضرابات جوع تضامناً مع القيادي في جبهة الخلاص جوهر بن مبارك، الذي يُلاحق بتهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة، وذلك للمطالبة بـ”محاكمة عادلة”، وفق ما يؤكده فريق الدفاع عنه لـ”النهار”.
وقد بدأ بن مبارك إضراب جوع من داخل سجنه منذ أكثر من عشرة أيام، قبل أن يعلن عدد من المساجين، من بينهم زعيم “حركة النهضة” راشد الغنوشي، ورئيس “الحزب الجمهوري” عصام الشابي، وعدد من السياسيين المعارضين، خوضهم الإضراب تضامناً معه واحتجاجاً على ما يعتبرونه “تضييقاً على الحريات وتراجعاً عن مسار الديموقراطية”.
محاكمة عن بُعد
يقضي بن مبارك، وهو أستاذ جامعي في القانون الدستوري، عقوبة بالسجن لمدة 18 سنة في قضية تتعلق بالتآمر على أمن الدولة. وكانت المحكمة الابتدائية بتونس قد أصدرت في نيسان/ أبريل الماضي أحكاماً بحق عشرات السياسيين ورجال الأعمال في القضية نفسها، تراوحت بين 4 و66 سنة.
وعادت القضية إلى الواجهة مع شروع المحكمة في النظر فيها في الطور الاستئنافي. ويرفض بن مبارك محاكمته عن بُعد، ويؤكد فريق الدفاع أن عدم محاكمته حضورياً يمسّ بشروط المحاكمة العادلة، وفق ما صرّحت به المحامية دليلة مصدق لـ”النهار”، مشيرة إلى أن موكّلها متمسك بمواصلة الإضراب رغم تدهور وضعه الصحي بشكل ملحوظ.
ورسمياً، تقول السلطات إن حرية التعبير مكفولة، وتؤكد أنه لا وجود لمساجين سياسيين، مشددة على أن القضاء مستقل ويصدر أحكامه بعيداً عن أي ضغوط.
أداة للضغط على السلطة
ويقول المحلل السياسي بسام حمدي، لـ”النهار”، إن إضرابات الجوع الأخيرة تمثّل إحدى الأدوات التي تعتمدها المعارضة للضغط على السلطة، لكنها أيضاً رسالة موجّهة للضغط على القضاء في ما يتعلق بمسار قضية التآمر على الدولة.
ويشير حمدي إلى أن هذه التحركات نجحت في تصدّر المشهدين السياسي والحقوقي في تونس خلال الأيام الأخيرة، خصوصاً مع عودة الجدل حيال مسار القضية التي يُحاكم فيها سياسيون من الصف الأول. ويرى أن هذه الإضرابات نجحت نسبياً في تحقيق أهدافها من خلال لفت نظر الرأي العام الدولي وخلق ضغوطات على السلطة، وخاصة على الجهاز القضائي.
تحريك الشارع
وتعيد إضرابات الجوع الحالية تسليط الضوء على رموز سياسية فقدت زخمها منذ إعلان التدابير الاستثنائية في تونس في تموز/ يوليو 2021. وتعاني المعارضة من التشتت، وبات من الصعب عليها حشد الشارع التونسي الذي فقد ثقته في الفاعلين السياسيين بعد فشل مختلف منظومات الحكم منذ 2011.
ولا يبدو الشارع التونسي مهتماً كثيراً بهذه التحركات، إذ يقول حمدي إن التونسيين عموماً لم يعودوا منشغلين بما يحدث في المشهد السياسي، مشيراً إلى أن تأثير الإضرابات اقتصر على الأوساط السياسية والحقوقية التي تفاعلت معها عبر البيانات والمؤتمرات الصحافية وحتى الوقفات الاحتجاجية.
لكنه، في المقابل، لا يستبعد أن تكون هذه الإضرابات خطوة تمهّد لتحريك الشارع، متوقعاً أن تشهد الأسابيع المقبلة تحركات احتجاجية أوسع تحاول من خلالها القوى المعارضة حشد التونسيين والتأثير في الرأي العام.
ويضيف حمدي أن توقيت هذه التحركات مهم بالنظر إلى السياق السياسي والتاريخي في تونس، لافتاً إلى أنها تأتي قبل أسابيع من شهر كانون الثاني/ يناير، الذي لطالما كان موسماً للإضرابات والاحتجاجات الكبرى التي تخشاها كل الحكومات المتعاقبة. فقد شهدت تونس في هذا الشهر أبرز الاحتجاجات الشعبية، كان آخرها احتجاجات كانون الثاني 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي.
آلية قديمة
والإضراب عن الطعام آلية احتجاجية اعتمدتها المعارضة التونسية منذ خمسينيات القرن الماضي، بدءاً من عهد الرئيس الحبيب بورقيبة مروراً بفترة حكم بن علي، وصولاً إلى ما بعد 2011. واعتمدت هذه الآلية بشكل ملحوظ خلال حكم بن علي بهدف لفت نظر المجتمع الدولي، أكثر منه الضغط المباشر على السلطة.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
