تشهد السوق المالية السعودية مرحلة جديدة من الانفتاح أمام الاستثمارات الأجنبية، بعد القرار الأخير للمملكة القاضي برفع سقف ملكية الأجانب في الشركات المدرجة. ويُتوقع أن يترجم هذا القرار إلى تدفقات مالية ضخمة تصل قيمتها الإجمالية إلى نحو 10 مليارات دولار للأسهم السعودية، في خطوة تعكس الثقة المتنامية بالاقتصاد السعودي وعمق إصلاحاته التنظيمية.
البنوك في الصدارة
تشير البيانات إلى أن القطاع المصرفي سيكون المستفيد الأكبر من هذه التدفقات، إذ يُتوقع أن يستقطب الجزء الأكبر من رؤوس الأموال الأجنبية. فقد تصدر مصرف الراجحي قائمة الأسهم الأكثر جذباً بواقع 5.653 مليار دولار، وهو رقم يفوق بفارق كبير بقية الشركات. ويليه البنك الأهلي السعودي (SNB) بتدفقات متوقعة تبلغ 866 مليون دولار، ثم مصرف الإنماء بـ 806 ملايين دولار، ما يعكس قوة البنوك السعودية وجاذبيتها أمام المستثمرين العالميين.
ولم تقتصر التدفقات على القطاع المصرفي فقط، بل شملت قطاعات أخرى، إذ جاءت شركة موبايلي في المركز الرابع بـ 337 مليون دولار، تلاها البنك السعودي الفرنسي بـ 284 مليون دولار. كما برزت شركات عقارية مثل دار الأركان بـ 275 مليون دولار، وجبل عمر بـ 212 مليون دولار، إضافة إلى بنك الجزيرة بـ 165 مليون دولار، وسبكيم العالمية (162 مليون دولار)، واختُتمت القائمة بـشركة مكة للإنشاء والتعمير (155مليون دولار).
هذه الأرقام تعكس تنوّع القطاعات الجاذبة للأجانب، لكن مع ثقل واضح لمصلحة البنوك الكبرى.
الشركات ذات أعلى نسب الملكية الأجنبية
إلى جانب التدفقات الجديدة، تسلّط البيانات الضوء على الشركات السعودية التي تستحوذ بالفعل على نسب عالية من ملكية الأجانب. وتصدرت شركة إدارات القائمة بنسبة ملكية بلغت 26.5%، تلتها البابطين بـ 24.5%، ثم اتحاد اتصالات – موبايلي بنسبة 22.9% .
كما شملت القائمة شركات تجاوزت فيها الحصة الأجنبية حاجز الـ 16%، أبرزها: التعاونية (21.3%)، رسن (20.9%)، الزامل للصناعة (20.2%)، إكسترا، الأهلي، وبوبا العربية بنسب تراوحت ما بين 17.5% و18.1%، بدجت السعودية (16.5%) .
وتُبرز هذه النسب ثقة المستثمر الأجنبي في أداء هذه الشركات ومراكزها المالية، فضلاً عن دورها المحوري في قطاعات متنوعة من الاقتصاد السعودي.
في هذا الإطار، لفت رئيس قسم الأسواق العالمية – Cedra Markets، جو يرق، في حديث إلى”النهار” إلى أن “قرار رفع سقف ملكية الأجانب يعكس استراتيجية المملكة لتطوير سوقها المالية بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030، الهادفة إلى تعميق أسواق المال، تعزيز الشفافية، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية. ومع تزايد التدفقات المرتقبة وتنوع الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، تثبت السعودية مكانتها كمحور استثماري رئيسي إقليمياً وعالمياً، معزّزةً ثقة المستثمرين باستقرارها الاقتصادي وقوة قطاعاتها الحيوية”.
وأضاف يرق: “وفقاً لتقديرات جي بي مورغان، فإنه عند وصول نسبة التملك الأجنبي إلى 100%، من المتوقع أن تجذب السوق السعودية تدفقات استثمارية تصل إلى نحو 10.6 مليارات دولار. أما إذا بقي التملك دون هذه النسبة، فستكون التدفقات أقلّ تبعاً لحجم النسبة المحققة. ويُرجَّح أن يكون القطاع البنكي هو الأكثر استفادة من هذه التدفقات، ولا سيما بعد الارتفاع الملحوظ الذي سجّله أمس، والذي قُدّر بنحو 10% تقريباً”.
تنوّع الاستثمارات الأجنبية المباشرة
لا يقتصر الاهتمام بالسوق السعودية على الأسهم المدرجة فقط، بل يمتد ليشمل الاستثمارات الأجنبية المباشرة. فقد أظهرت بيانات الهيئة العامة للإحصاء أن الولايات المتحدة الأميركية كانت أكبر مستثمر أجنبي في المملكة خلال العام الماضي، بصافي استثمارات بلغ 2.82 مليار دولار، ما يعكس متانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وجاءت الإمارات العربية المتحدة في المركز الثاني باستثمارات قدرها 2.46 مليار دولار، تلتها هونغ كونغ بـ 1.91 مليار دولار، ثم سنغافورة بـ 1.83 مليار دولار، ومصر بـ 1.49 مليار دولار، وأخيراً فرنسا بـ 1.14مليار دولار. ويُبرز هذا التنوّع حضوراً متوازناً لمستثمرين من أميركا وآسيا وأوروبا والعالم العربي.
السعودية تتصدّر استثمارات الشرق الأوسط
إقليمياً، تواصل المملكة تعزيز مكانتها كمركز رئيسي لجذب الاستثمارات في الشرق الأوسط. فقد استحوذت حتى آب/أغسطس 2025 على النصيب الأكبر من إجمالي الاستثمارات في المنطقة، والتي بلغت قيمتها 337.5 مليون دولار عبر 47 صفقة. وبلغ نصيب السعودية وحدها 165.9مليون دولار من خلال 19 صفقة، ما يؤكد ريادتها الإقليمية.
أما من حيث توزيع الاستثمارات القطاعية، فقد برزت قطاعات التكنولوجيا في المقدمة، إذ استقطب قطاع التكنولوجيا العقارية استثمارات بـ 96 مليون دولار، تلاه التكنولوجيا المالية بـ 68 مليون دولار، ثم تكنولوجيا البناء بـ 50 مليون دولار. كما حظيت قطاعات تكنولوجيا الغذاء بـ 42 مليون دولار والخدمات اللوجستية بـ 31.5 مليون دولار كجزء مهم من التدفقات، إلى جانب استثمارات متنوعة بلغت 49.3 مليون دولار.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار