آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » توقفوا عن الحفر باتجاه القاع ..!!

توقفوا عن الحفر باتجاه القاع ..!!

| بقلم :أنس جودة

 

المشكلة العميقة التي تقف أمام تطوير عمل الإدارة المحلية ليست سياسية أبداً ولاتتعلق بالتخوف من ابتعاد الوحدات الإدارية عن المركز وفقدان السيطرة عليها، هذا على الأقل فيما يتعلق بالمناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المركزية.

المشكلة الأساسية هي فقدان الثقة بأداء المحليات والتخوف من استشراء الفساد، خصوصاً بعد أن تم حل عدة مجالس بمراسيم رئاسية في الدورة الماضية نتيجة الفساد.

وظناً من السلطة السياسية أن ربط تنفيذ عقود المجالس المحلية بتصديق من رئاسة الوزراء أو الوزير أو المحافظ سيخفف من الفساد ويضع ضابطاً رقابياً على عملها فقد تم إصدار القانون 42 للعام 2022.

 

طبعاً لايمكن لاعضاء مجلس الشعب المحترمين الذين عملوا على القانون المذكور، أن يعترفوا أن هذا القانون قد لايشكل في نهاية الأمر إلا مدخلاً جديداً للفساد ولكن على مستوى المركز هذه المرة، وأن كل ماقد ينتجه هو ضرروة رفع سقف “التقدمات” لانجاز المشاريع. فالمركز والأطراف جميعاً تم تعيينهم من نفس السلة التي تفكر بنفس المنطق ولديها نفس “الطموحات”.

 

لايمكن الخروج من مأزق الفساد والنهب والإنفصال عن هموم الناس إلا بخلق ودعم منصات الرقابة المجتمعية سواء من الإعلام أو المنظمات المدنية، التي ستكون أكثر فعالية على مستوى المحليات.

 

اللامركزية ليست مجرد نقل للصلاحيات وإن تم تنفيذها على هذا الأساس فقد أكون أول الواقفين ضد هذا التوجه، ففي هذا الواقع الذي نعيشه على مستوى تردي أداء المجالس وسوء الاختيار وانعدام الرؤية، فاللامركزية لن تكون إلا شراً تنموياً خالصاً.

 

اللامركزية تقوم على حاملين أساسيين لايمكن التفكير بها بدونهما وهما تعزيز قدرة وصلاحيات المجالس بالتوازي مع ترسيخ منطق المشاركة المجتمعية تخطيطاً وتنفيذاً ورقابةً، وبشكل عضوي واضح ومحدد عبر هيئات تشكل خصيصاً لهذا الغرض، وتوسيع هامش الصحافة المحلية والاهتمام بها.. عندها لايمكن للمجلس المحلي أن يفسد فالمجتمعات المحلية أقدر على متابعة عمل مجالسها والرقابة عليه وفضح سلوكها ففي نهاية الأمر كل الأمور مكشوفة على الصعيد المحلي..المشكلة التي تواجه هذا الأمر هي الغطاء السياسي للمجالس وحجة النيل من هيبة الدولة وكم أفواه الناس في الحديث عن الفساد، وتعطيل وضعف قدرات الصحافة المحلية.

 

لايمكن الخروج من أزمتنا باستخدام نفس الأدوات ونفس منطق التفكير الذي أوصلنا للخراب ونال من هيبتنا كلنا مواطنين ومجتمعاً ومؤسسات.

 

الطريق طويل ولكن أول خطوة فيه هي التوقف عن الحفر باتجاه القاع والبدء بالنظر للأعلى.

(سيرياهوم نيوز6-صفحة الكاتب18-11-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المجالس الاستشارية والمجالس التمثيلية: بين المشورة واتخاذ القرار

  حسان نديم حسن في ظل التطورات السريعة التي يشهدها العالم وتنامي أهمية المؤسسات التشاركية، تبرز المجالس الاستشارية والمجالس التمثيلية كأدوات حيوية للإدارة وتقديم الخدمات ...