آخر الأخبار
الرئيسية » الزراعة و البيئة » ثروة فريدة خسرتها سوريا.. والآن جاء دور الجفاف مخاوف من تراجع الثروة الحيوانية في تغيرات المناخ وفقدان المراعي

ثروة فريدة خسرتها سوريا.. والآن جاء دور الجفاف مخاوف من تراجع الثروة الحيوانية في تغيرات المناخ وفقدان المراعي

لينا إسماعيل:

 

يواجه المتعاملون مع الثروة الحيوانية في سوريا تحديات جسيمة تعود بأسبابها إلى سنوات الحرب التي طالت بانعكاساتها السلبية هذا القطاع المؤثر على مختلف القطاعات، والذي يمثل، وفق تصريح سابق لمدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، 36.2 بالمئة من قيمة الناتج الزراعي، وذلك حسب إحصائيات 2017.

 

وقد انخفضت الثروة الحيوانية خلال فترة الحرب بنسبة تقدر بـ 30 بالمئة من قطيع الأغنام، و40 بالمئة من قطيع الأبقار والدواجن، إضافة إلى الظروف المناخية التي غلب عليها الجفاف، وغلاء مستلزمات التربية والإنتاج نتيجة العقوبات التي كانت مفروضة على البلد.

 

 

 

تحديات

معروف أن الثروة الحيوانية من الركائز الأساسية للاقتصاد السوري، إذ تُسهم في توفير الغذاء، وتدعم شريحة واسعة من المجتمع من خلال الدخل الذي توفره، وتتنوع بين الأغنام والأبقار والدواجن.

 

وتحظى البادية السورية بثروة حيوانية فريدة، حيث تمتاز بتوفر أغنام العواس، أو النعيمي التي تعد لحومها من أجود أنواع اللحوم التي كانت تصدر سنوياً.

 

وبحسب تقرير سابق لصحيفة الثورة بين أن سوريا احتلت المركز الخامس عالمياً، والأول عربياً في صادرات الأغنام، إذ بلغت صادرات الأغنام من إجمالي قيمة الصادرات الزراعية عام 2004 نحو 16 بالمئة بقيمة نقدية تجاوزت 236 مليون دولار أميركي حينها.

 

في حين بلغت مساهمة الإنتاج الحيواني في عام 2010 نسبة 36 بالمئة من قيمة الإنتاج الزراعي، الذي يسهم بدوره بنسبة 39 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

 

إلا أن تأثيرات الحرب خلال السنوات الماضية، لعبت دوراً كبيراً في هجر مئات المربين قطعانهم، ونشطت بالمقابل أعمال التخريب والتهريب والسرقات، ما انعكس تهديداً مباشراً للثروة الحيوانية، لولا تدخل المنظمات الدولية التي غطت بعض مناطق الشمال السوري كمعرة النعمان وأريحا وعفرين وحارم وجرابلس واعزاز، داعمة المربين بمستلزمات الإنتاج.

 

معوقات وخسائر

اليوم ومع التغيير الجذري الذي شهدته سوريا سياسياً، وانعكاسه على مختلف المفاصل، والقطاعات الاقتصادية التي تتطلع نحو النهوض من جديد، خاصة بعد رفع العقوبات، يطرح العاملون في تربية الثروة الحيوانية معاناتهم عبر صحيفة الثورة التي أجرت العديد من اللقاءات معهم، بهدف تسليط الضوء على معوقات العمل وكيفية معالجتها.

 

مربي الأغنام أيوب الشعابين، أوضح أن الجفاف المتكرر أدى إلى تدهور المراعي الطبيعية، ما اضطرهم إلى شراء الأعلاف بأسعار باهظة تفوق قدرتهم المادية، وسط غياب أي دعم فعال من الحكومة، كما أدى نقص اللقاحات والخدمات البيطرية إلى تفشي الأمراض بين القطعان، وهو ما يفاقم الخسائر يوماً بعد يوم.

 

ويطرح مثالاً فيقول: كان لدي 200 رأس غنم، بقي منهم 20 رأساً فقط، نتيجة البيع المتكرر لتأمين العلف والأدوية.

 

 

 

 

 

غياب المراعي الطبيعية

وأضاف كل من محمد الخليف الحسني، وعبد الشعباني: إن ما يزيد الوضع سوءاً هو تصدير الخراف عبر الموانئ إلى دول عربية، مثل ليبيا والسعودية والأردن في وقت نُحرم فيه نحن المربين من الاستفادة من هذا السوق، إذ نرى أن عمليات البيع والتصدير محصورة بيد عدد قليل من التجار المحتكرين الذين يشترون الخراف منا بأسعار متدنية، لا تكاد تغطي كلفة التربية والعلف، بينما يجنون هم الأرباح العالية من عمليات التصدير.

 

وتحدث مربي الأغنام علي الحمصي عن الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم من جراء عوامل الجفاف، نتيجة قلة الأمطار وتعطل قنوات الري من نهر الفرات عن مدينة مسكنة في الشتاء.

 

وأضاف: إن المراعي لم تعد موجودة إلا من خلال السقي، وهذا يعني توفرها في الرقة فقط، وكلها “ضمان” وأسعار مرتفعة جداً، إضافة إلى غلاء أسعار المازوت، وكذلك غلاء أسعار الأدوية البيطرية والأعلاف، إذ وصل سعر الطن من الحنطة إلى 400 دولار والشعير إلى 360 والتبن إلى 130 دولاراً.. وهذا يعني كمثال أن النعجة التي سعرها اليوم بحدود 100 دولار تستهلك علفاً ورعاية وأدوية بقيمة 100 دولار.

 

مطالب محقة

وبناء على تلك المعطيات لخص المشتكون مطالبهم بما يلي: أولاً: تدخل الحكومة لضبط أسعار الأعلاف وتوفيرها بدعم حقيقي للمربين.

 

ثانياً: كسر احتكار التجار للسوق الداخلي والتصدير، وتمكين المربين من البيع المباشر.

 

ثالثاً: دعم حملات التلقيح، وتوفير الخدمات البيطرية، مجاناً أو بأسعار رمزية.

 

رابعاً: فتح أسواق جديدة محلية، وخارجية بإشراف الدولة لضمان عدالة التوزيع والربح.

 

وأكدوا أنهم لا يطالبون بأكثر من حقهم في العيش الكريم مقابل عملهم وجهدهم، آملين أن تلقى هذه المطالب الاستجابة العاجلة.

 

 

 

ترقيم الثروة الحيوانية

ومتابعة لمجمل المعوقات التي تواجه العاملين في إنتاج الثروة الحيوانية، وبهدف إيجاد حلول إسعافية واستراتيجية لها، التقينا مدير الصحة والإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة الدكتور عبد الحي اليوسف، وطرحنا عليه بداية سؤالاً حول خطوات وزارة الزراعة حالياً فيما يخصّ تطوير قطاع الثروة الحيوانية.

 

فأوضح أن هذا القطاع يعدّ من الركائز الأساسية الداعمة للاقتصاد الوطني، إلى جانب دوره الحيوي في تأمين البروتين الحيواني للمستهلك وتلبية احتياجات السوق المحلية من المنتجات الحيوانية، ولاسيما اللحوم، والبيض، ومشتقات الألبان، وإن إيصال هذه المنتجات إلى الأسواق الخارجية يتطلب دعم هذا القطاع المهم على مختلف المستويات، بدءاً من المربي، وصولاً إلى الحضور الفعّال في الأسواق الدولية، مع ضمان تقديم منتج عالي الجودة وقادر على المنافسة.

 

ومن هذا المنطلق تعمل الوزارة على عدة محاور لتطوير القطاع، من أبرزها:

 

تنفيذ برنامج وطني لترقيم الثروة الحيوانية، وإنشاء قواعد بيانات لتتبع حالتها الصحية وتنقلاتها، وتحديد احتياجاتها الفعلية من مستلزمات الإنتاج، كالأعلاف واللقاحات وغيرها.

 

زراعة المحاصيل العلفية

فيما يخص غلاء أسعار الأعلاف، أوضح الدكتور اليوسف أن العمل جار على تشجيع التوسع في زراعة المحاصيل العلفية، ولاسيما في المناطق المناسبة، مثل الذرة الصفراء، مع تجهيز مجففات خاصة بها، وضمان توافرها بأسعار مناسبة.

 

وكذلك متابعة تنفيذ حملات التحصين الوقائي لقطعان الثروة الحيوانية عبر الفرق الفنية البيطرية المنتشرة في المحافظات.

 

كما تعمل الوزارة على تفعيل دور مراكز البحوث، خاصة المتوقفة منها، واستكمال البحث العلمي في مجال تحسين إنتاجية الثروة الحيوانية، من خلال اعتماد طرق علمية واقتصادية حديثة.

 

بالإضافة إلى متابعة تأهيل محطات تربية الأبقار والمداجن الخارجة عن الخدمة، وزيادة أعداد القطعان فيها، لا سيما من خلال عمليات الاستيراد.

 

تحصينات وقائية

وأشار إلى أن الخطة الوطنية المجانية للتحصينات الوقائية التي تنفذها الوزارة على مدار العام، عبر الفنيين والبيطريين في دوائر الصحة والإنتاج الحيواني في المحافظات أسهمت بشكل كبير في الحفاظ على استقرار الوضع الصحي لقطعان الثروة الحيوانية، ولم تُسجّل أي جوائح مرضية، أو انتشار لأمراض وبائية عابرة للحدود، ولم تُسجّل خسائر اقتصادية كبيرة على المستوى الوطني نتيجة أي جائحة.

 

ومن الجدير بالذكر أن 70 بالمئة من اللقاحات البيطرية يتم إنتاجها محلياً، في حين يُستورد الجزء المتبقي بالتعاون مع منظمات دولية، وعلى رأسها منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتأمين اللقاحات الضرورية، لا سيما لمكافحة الأمراض الوبائية مثل الحمى القلاعية والتهاب الجلد الكتيل، وهما من اللقاحات الأساسية المجانية ضمن خطة التحصين.

 

كما تم السماح للقطاع الخاص باستيراد جميع أنواع اللقاحات المصرّح بها في القطر، لتأمين احتياجات المربين وتوفير طيف أوسع من الخيارات من حيث الكم والنوع في السوق المحلية، علماً بأن الكوادر الفنية البيطرية في المحافظات مستمرة بتقديم جميع الخدمات البيطرية المتاحة للأخوة المربين، وعند الإبلاغ عن وجود اشتباه بمرض معين، تُتخذ الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع الإدارة المركزية، بما يضمن السيطرة السريعة على أي بؤرة مرضية قد تؤثر سلباً على الثروة الحيوانية وتؤدي إلى خسائر للمربين.

 

أسباب ونتائج

وفيما يتعلق بارتفاع أسعار الأدوية البيطرية، أكد مدير الصحة والإنتاج الحيواني أن ذلك يعود إلى ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج، وخاصة المواد الأولية المستوردة، والتي تختلف بحسب نوع الدواء ومصدر الاستيراد.

 

وأكد أن مديرية الصحة والإنتاج الحيواني تقوم بجولات رقابية مستمرة على الأسواق لمراقبة واقع الأدوية البيطرية، ومن المزمع قريباً تفعيل عمل الضابطة العدلية في هذا المجال لضبط الأسعار والتحقق من الجودة، سواء على المستوى المركزي أم في المحافظات.

 

وتحرص المديرية أيضاً على تسهيل إجراءات ترخيص معامل الأدوية البيطرية الوطنية، وتسجيل الشركات الأجنبية، بما يسهم في توفير كميات كبيرة وأنواع متعددة من الأدوية في السوق، ويعزز التنافس في الجودة والسعر، ما ينعكس إيجاباً على المربين ويدعم استدامة قطاع الثروة الحيوانية.

 

وبالمحصلة نؤكد أن وضع خطة عمل شاملة للنهوض بواقع الثروة الحيوانية، وتوفير الإمكانيات اللازمة لتنفيذها، وربطها ببرنامج زمني تشاركي، من شأنه إحداث نقلة نوعية في هذا القطاع، تنعكس على العاملين فيه إيجابياً، آخذة بعين الأهمية ضرورة معالجة كل معوقات عملهم، عبر مراحل زمنية متواترة، يشعر من خلالها العاملون في الإنتاج الحيواني بالدعم والحماية الاقتصادية المطلوبة لاستدامة الثروة الحيوانية، وبالتالي جعلها أحد الروافد الرئيسة في دعم الاقتصاد الوطني.

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الزراعة السورية تبحث دعم مستلزمات الري الحديث

عقد وزير الزراعة والإصلاح الزراعي السوري، الدكتور أمجد بدر، اجتماعاً في مبنى الوزارة مع عدد من أصحاب معامل إنتاج مستلزمات الري الحديث، لمناقشة سبل تفعيل المشروع ...