علي عبود
لم يتمكن أي إعلامي وصل إلى مجلس الشعب على مدى العقود الماضية من لعب دور مؤثّر لصالح البلاد والعباد، ربما لنقص في التجربة والممارسة بالقضايا المحلية، وخاصة إن البعض منهم كان متسللا إلى المهنة أو يسعى إلى البروزة فقط بنيله لقب نائب!
وبصراحة، فقدت الاهتمام، مثل الكثيرين، بانتخابات مجلس الشعب منذ تسعينات القرن الماضي، فكل أدواره التشريعية كانت نسخة مكررة تخللتها إحباطات مؤلمة، لذا لم يشعر المواطن بأهميتها في حياته اليومية، وتحديدا في الدور التشريعي الأخير الذي لم يكترث نوابه بمعاناة ملايين الأسر السورية، ولم يشكلوا لجنة واحدة لوضع المقترحات ومشاريع الحلول لتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للبلاد والعباد!
نعم، لم أكن أكترث، مثل غيري وهم كثر، بانتخابات مجلس الشعب في العقود الأخيرة، لكنني غيّرت نظرتي مؤخرا بعدما تابعت باهتمام ترشح عدد كبير من الإعلاميين لعضوية المجلس الجديد، وهذه ظاهرة غير مسبوقة تؤشّر إلى رغبة الزملاء في الإنخراط الفعلي والمؤثّر والمباشر بقضايا البلاد والعباد.
لا أعرف من سيصل إلى قبة المجلس، لكنني أجزم أننا سنشهد دورا تشريعيا مختلفا وفاعلا ومميزا في حال وصول عدد من الإعلاميين المتمرسين والضليعين بقضايا الناس والإقتصاد، وكان لهم دائما المقترحات والحلول لدوران عجلات الإنتاج الكفيلة بتحسين أوضاع ملايين الأسر السورية والقدرة الشرائية لليرة السورية، ومساعدة الناس في الأزمات التي واجهتهم..الخ.
وأجزم أكثر بأننا سنشهد دورا تشريعيا مميزا وفاعلا وغير مسبوق بوصول الثلاثي الإعلامي (ابتسام المغربي، وهيثم يحيى محمد، وأيمن قحف) إلى مجلس الشعب، فهم معا سيفعلون الكثير، والكثير جدا وسيتحولون سريعا إلى مثال يُحفّز معظم أعضاء المجلس إلى العمل الفاعل، بدلا من الإنتقاد غير المدعم بإجراءات ومقرحات ملزمة أو شبه ملزمة للحكومة!
وقد تعمدت الحديث عن الثلاثي الإعلامي (ابتسام المغربي، وهيثم يحيى محمد، وأيمن قحف) ليس انتقاصا من الزملاء الآخرين، وإنما لأنني عملت مع هذا الثلاثي لأكثر من عقد من السنوات على الأقل، وكانوا دائما ولا زالوا الأكثر إنشغالا وتمرسا وشغفا بهموم وقضايا البلاد والعباد، ويمارسون مهنة الصحافة باعتبارها هما وشأنا عاما، باحترافية عالية جدا.
ولعل أهم ميزة لهذا الثلاثي الإعلامي هي الجرأة، مع المتابعة الدؤوبة دون كلل أو ملل لكل القضايا التي تشغل السوريين في مختلف مناحي الحياة!
ولا أبالغ بالقول أن هذا الثلاثي الإعلامي لايحتاج إلى برنامج إنتخابي يَعِدُ الناخبين بتنفيذه لاحقا، فهم أساسا يمارسون أكثر من البرنامج المعتاد للمرشحين الآخرين، من خلال كتاباتهم ومتابعاتهم اليومية لقضايا البلاد -والعباد، والتي تفوق بعدة أضعاف عمل أيّ عضو في المجلس.
طبعا، ليس بمقدور هذا الثلاثي الإعلامي صنع المعجزات بمفرده، لكنني أعرف جيدا شبكة العلاقات العامة والخاصة التي يعمل من خلالها، وبالتالي هو قادر أن يُحدث فارقا مهما وفعالا في حال وصل إلى مجلس الشعب في الدور التشريعي الجديد.
نعم، بإمكان الثلاثي الإعلامي (ابتسام المغربي، وهيثم يحيى محمد، وأيمن قحف) وغيرهم من الإعلاميين إقامة تحالفات مع عدد واسع من أعضاء مجلس الشعب، سواء الجدد، أو من سيعاد إنتخابهم ليشكلوا كتلة برلمانية (وازنة) بمقدورها تقديم مشاريع القوانين، والمقترحات، والأهم تشكيل لجان خاصة لوضع تقارير تتناول القضايا التي تعاني منها البلاد والعباد لتناقش لاحقا في المجلس، وإلزام الحكومة بتنفيذ توصياتها تحت طائلة استجوابها في حال تقاعسها أو رفضها تنفيذ ما يوافق عليه مجلس الشعب من توصيات ومقترحات وقوانين..الخ.
الخلاصة: ننتظر في حال وصول عدد من الإعلاميين إلى مجلس الشعب، وتحديدا الثلاثي (ابتسام المغربي، وهيثم يحيى محمد، وأيمن قحف) دورا تشريعيا فاعلا وفعالا جدا، وغير مسبوق، يترجم للمرة الأولى تطلعات الناس، ويتعاون مع الحكومة (أو يضغط عليها) لدعم القطاعات الإنتاجية، وخاصة المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، بما يحقق الإكتفاء الذاتي من السلع والمواد المختلفة وليس الأساسية فقط، ويعيد القوة الشرائية لليرة كما كانت عليه ماقبل عام 2011، ويبقى السؤال: كيف سيدعم اتحاد الصحفيين وصول أبرز الإعلاميين الفاعلين إلى مجلس الشعب؟
(موقع سيرياهوم نيوز-١)