آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » جادّة تشبه مسرحيات زياد

جادّة تشبه مسرحيات زياد

 

نزار نمر

 

 

من المفترض أنّ كلّ اللبنانيّين سمعوا بقرار السلطة تغيير اسم «جادّة حافظ الأسد» إلى «جادّة زياد الرحباني»، مع ما رافقها من حفلة آراء وآراء مضادّة وأخرى هجينة، كلّها أرادت وضع كرزتها الخاصّة على قالب الحلوى.

 

ولكن لنأخذ خطوة إلى الوراء، ونحاول تخيّل ماذا كان سيكون عليه موقف الراحل. ولئن بات الكلام بلسانه، خصوصاً بعد رحيله، ممجوجاً، إلّا أنّنا نحن الذين شكّل زياد وعينا وكأنّنا تلاميذه، يمكننا على الأقلّ عصر أفكارنا للوصول إلى أقرب فرضية. وإن لم تكن الفرضية صائبة فهذا على الأقلّ موقفنا.

 

أوّلاً، قد يرى الراحل كلّ فكرة تسمية الشوارع والجادات نسبةً لأشخاص، أيًّا كانوا، مثيرةً للسخرية من أساسها، ولا تعدو كونها تكحيلاً لمسائل أكثر أهمّية، لا تبدأ من حال هذه الشوارع ولا تنتهي بأحوال سكّانها. كما أنّ تواضعه كان سيجعل الفكرة تزعجه في صميمه.

 

ثانياً، قد يسخر من متاهة الصلاحيّات في بيروقراطية الموز، بحيث تكون الصلاحيّات والامتيازات دائماً نضال أركان السلطة الذي لا يعلو عليه شاغل للبال، ولو على حساب مناصريهم وسائر المجتمع.

 

فلنضع جانباً هذه المتاهة؛ في ظلّ الإصرار على إطلاق التسمية، لماذا لم تحصل في شارع الحمرا، في المكان الذي عاش وأحبّ، وهو ما طالبت به حملة أطلقها بعض محبّيه؟ وإن لم يكن الشارع بنفسه، لمَ ليس أحد متفرّعاته أو الشوارع الأخرى في منطقة الحمرا أو أيّ مكان غير الجادة البعيدة التي نالها، فيكون على الأقلّ ضمن بيروت الإدارية؟

 

ثالثاً، أشعلت التسمية جدالاً يشبه مسرحيّات زياد. فهذا يحتفل ليس لأنّه يحبّ زياداً، بل لأنّه يكره حافظ الأسد. وذاك ينتقد لا لأنّه يكره زياداً، بل لأنّه يعتبر الأسد من شهداء المقاومة، وكأنّ زياداً لم يكن مقاوماً. واحدة فرحة لأنّها تحبّ زياداً. وأخرى تنتحب لأنّها تتوق إلى «سوريا الأسد».

 

وهناك الأخير الذي لا يمانع، لكن يشير إلى أولوية السلطة «قبع» اسم حافظ الأسد قبل كلّ ما هنالك من أسماء مستعمِرين غربيّين غرباء تجتاح شوارع بيروت منذ عقود.

 

الراحل ميّز بين التدخّل السوري في الشؤون اللبنانية ودعم سوريا للمقاومة في وقت كان مَن يدّعون اليوم معارضة نظام الأسد يداً بيد مع هذا النظام، بل كانوا يداً برقبة. لذا، قد لا يحبّذ استغلال اسمه في البازار السياسي، ولا لصقه بهذا أو بذاك.

 

رابعاً، تستغلّ السلطة اسم زياد الرحباني لاستثماره شعبيّاً، ليس لتغطية فشلها وأدائها المثير للاشمئزاز فحسب، بل كذلك بعد تقصيرها في تكريم الراحل، رغم بعض الشكليّات التي لا بدّ منها، ولولا ذلك لما قدّمتها. والخلاصة أنّها «بدل ما تكحّلها، عميتها».

 

لكنّ الراحل قد لا يأبه لكلّ ما تفعله هذه السلطة من الأساس، هي التي ظلمته طوال حياته كما ظلمت «الشعب العنيد».

 

هي حفلة «أشياء فاشلة»، خشبتها بيروت الكبرى، التي تمنّى الرحباني في برنامجه «العقل زينة» لو أنّها «بتستحي ع كُبرا». ربّما لا حاجة لنا لتخيّل ردّة فعله المفترضة. ربّما كان سيكتفي بالصمت بعدما سبق وأفرغ كلّ ما في جعبته، وما علينا سوى «البحبشة» بالأرشيف.

 

سنختار للمناسبة كلمات أغنية «بهنّيك»، موجّهة إلى الجميع في هذه الحالة: «أنا والله فكري هنّيك، يعني وهنّي أهلك فيك، ع النظافة بالمواقف، ع المواقف بالسياسة، وعلى كلّ شي اسمه تكتيك».

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تركي آل الشيخ يعلن موسمًا سعوديًا خالصًا: هل يغيب الفن المصري عن “موسم الرياض”؟

في خطوة لافتة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الفنية والثقافية، أعلن المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية، أن موسم الرياض القادم ...