يوسف فارس
بدأت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» بالشراكة مع لجان مصرية، مهمة خاصة للبحث عن جثامين 13 من الأسرى الإسرائيليين الذين قُتلوا في قطاع غزة. وظهرت الآليات المصرية التي دخلت حديثاً، وشملت جرافات وبواقر وشاحنات، إلى جانب جيبات «الصليب الأحمر» وعناصر ملثّمين من «وحدة الظل» التابعة لـ «كتائب القسام» في ثلاثة مواقع، الأول بالقرب من مدينة حمد، شمال غرب مدينة خانيونس جنوب القطاع.
والثاني – الذي أوقف جيش الاحتلال تنسيق الوصول إليه في اللحظة الأخيرة – بالقرب من معبر رفح البري، أي في مناطق تقع تحت السيطرة النارية والأمنية لجيش الاحتلال ومجموعات عملاء «ياسر أبو شباب». أما الثالث، ففي حي التفاح شرق مدينة غزة. ووفقاً لـ «كتائب القسام»، فقد تمّ تسليم الإحداثيات المتوفّرة لأماكن دفن الجثامين، على أن تتم العملية بإشراف ومراقبة مباشريْن من جنود «وحدة الظل».
المهمة التي رأى الإعلام الإسرائيلي أنها خطوة ستساهم في تخفيف العبء وسحب الذرائع للتنصّل من استحقاقات مخطّط وقف إطلاق النار، ولا سيما الشقّيْن الأمني والإنساني، أحدثت أيضاً جدلاً، خصوصاً بسبب الظهور العلني لعناصر «وحدة الظل» الذين دخلوا إلى مناطق سيضطر جيش الاحتلال إلى الانسحاب منها لإتمام المهمة. وفي غضون ذلك، قالت «هيئة البث الإسرائيلية» إن فرق «الصليب الأحمر» أبلغت سلطات الاحتلال بأنه «من المُفترض أن تسلّم المقاومة دفعة جديدة من جثامين القتلى خلال ساعات الليل (أمس)».
المشهد في قطاع غزة بدا فارقاً. فموظفو «الصليب الأحمر» يتجوّلون بالجيبات المصفّحة، وتحيط بهم الآليات الحديثة التي لا تتوفّر في كامل قطاع غزة واحدة منها، بينما الآلاف من ذوي المفقودين الذين سرق جيش الاحتلال جثامينهم، أو من هم تحت الأنقاض، يحفرون طبقات من السقوف والمباني المُدمّرة بأيديهم بحثاً عن جثامين الشهداء، التي لا تزال مدفونة منذ عامين تحت الأنقاض.
وتُحدّد في كل موقع حفر هوية القتيل الإسرائيلي الذي سيجري انتشاله، بينما تعلن وزارة الصحة الفلسطينية عن حفر مقبرة جماعية لمواراة جثامين 50 شهيداً فلسطينياً تمّت استعادتهم بموجة صفقة التبادل، في الثرى، بعدما عجزت عائلات 10 آلاف مفقود من التعرّف إلى ملامحهم خلال أسبوعين من التدقيق البصري. وتقول أم العبد المبحوح، وهي والدة الشهيد عبد الحافظ الذي فُقد في السابع من أكتوبر: «منذ أسبوعين ونحن نحضر إلى مستشفى ناصر في جنوب القطاع. ندقّق في الجثامين المشوّهة. نضطر إلى أن نجلس ساعات أمام صور قاسية لجثث معصوبة العينين ومسروقة منها الأعضاء. تأمّلت في جسد كل شهيد على أمل أن يكون نجلي. لكنّي كنت أعود في كل يوم ولا أحمل سوى قسوة المشاهد».
وإلى جانب حي التفاح، حيث تحفر الفرق المصرية ومعها فرق «الصليب الأحمر» بحثاً عن جثمان قتيل إسرائيلي، ترقد تحت عددٍ من المباني المُدمّرة جثامين 50 شهيداً من عائلة مشتهى، تعود لرجالِها ونسائهم وأطفالهم وأصهارهم الذين قضوا في ضربة واحدة لم ينجُ منها أحد، ولم يسأل أحد عن جثامينهم. أمّا آية أبو نصر، وهي شابة فقدت أكثر من 150 شخصاً من أقاربها في مجزرة جماعية في مشروع بيت لاهيا، فتقضي ساعات النهار إلى جانب أنقاض المنزل، وتقول إن «80 من أهلي لم نستطع استخراجهم. هؤلاء لا يهمّون الصليب والوسطاء».
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
