نبيه البرجي
آن الأوان (أم فات الأوان ؟) لاطلاق جرس الانذار : سوريا في خطر …!
لم تعد المسألة تقتصر على نقويض النظام . هنا تقويض الدولة اذا ما أخذنا بالاعتبار من هي ـ وما هي ـ البلدان المعنية بالاستيلاء على سوريا ان بخلفيات تاريخية , أو بخلفيات قبلية , أو بخلفيات جيوسياسية .
التوترات الاجتماعية , في المناطق كافة , في ذروتها . الملايين الذين في حالة العوز باتوا على حافة الجوع . أصوات من كل حدب وصوت تتوقع انفجارات وشيكة ان في الأرياف التي تعيش على الكفاف , أو في المدن التي اخترقتها أحزمة البؤس (وما بعد البؤس) .
هؤلاء يجاهرون بعدم اقتناعهم بأن الحصار , بالرغم من انعكاساته الدرامية على سائر مناحي الحياة , هو السبب الأساسي في ما انتهى اليه الحال . كما في لبنان حديث عن المافيات , وعن عصابات , في السلطة أو فوق السلطة .
كيف للمافيات , بالوجوه الرخامية , أن تصغي الى أنين , والى صراخ , الناس . ما يعنيهم حفظ رؤوسهم حين تدق الساعة , بعدما تولت مافيات رديفة حتى في لبنان عملية تهريب أموالهم الى بلدان تعتبر ملاذاً للصوص المال العام .
ما كانت نتيجة مضاعفة الرواتب , فيما العملة الوطنية تتهاوى أكثر فأكثر ؟ للتو ارتفعت الأسعار ثلاثة أضعاف . متى كان مثل هذا التدبير , باللغة الاقتصادية وباللغة الاجتماعية , ناجعاً في معالجة أزمات بنيوية , لكأن السلطة فقدت سيطرتها على الوضع , وبعدما استشرى الفساد (الرشى العلنية) داخل الادارات المعنية بالرقابة . بالأصابع المجردة يشيرون الى من أثروا من خلال التواطؤ مع … مصاصي الدماء !
من البديهي أن تنسحب الأزمة , بكل أهوالها , على المؤسسة العسكرية , وعلى المؤسسات الأمنية , فيما الذئاب تتربص بسوريا من الجهات الأربع , لا بل أنها في كل مدينة , وفي كل قرية , وحتى في كل بيت .
اذا ما وقع الانفجار سنكون أمام فوضى أبوكاليبتية . لن تجدي أي مؤازرة ميدانية من الحلفاء . الوضع العام بلغ حداً من التآكل , ومن الاهتراء , ما يهدد بانتقال النموذج الليبي , وحتى النموذج الصومالي , الى سوريا .
المشكلة الأكبر في كون الحكومة عاجزة عن فعل أي شيء , ولو في حدود الاستيعاب الجزئي للأزمة , لا بل أن الناس يتهمونها (كمجموعة من الروبوتات) بدور ما في صناعة الأزمة . أقاويل حول تكديس الثروات , وحول شراء العقارات , كما لو أن الحرائق , اذا ما اندلعت , لن تصل حتى الى غرف نوم ذلك النوع من الديناصورات .
بالتأكيد هناك في الداخل من ينتظرون اللحظة لكي يعودوا بسوريا الى تلك المشاهد المروعة التي شاعت ابان سنوات الحرب . لا داعي , هذه المرة لنثر المليارات , ولا لبرمجة التطورات على الأرض . السوريون جاهزون ليأكلوا السوريين ما دام هناك , حتى من أهل النظام , من يرى أن الوضع أكثر تخلخلاً بكثير عما كان عليه عشية الشرارة الأولى في شهر آذار 2011 .
في لبنان , ومع التحلل في هيكلية الدولة , لتبدو مهمة حكومة تصريف الأعمال كما لو أنها حكومة التصفية النهائية , أي تداعيات تلك للفوضى في سوريا ان حدثت فعلاً . التصدعات الداخلية ليست سياسية , ولا هي طائفية فقط . ثمة تصدعات جيولوجية في الخارطة اللبنانية ما ينذر بأيام زلزالية لا يمكن لأحد أن يتكهن بنتائجها , وان كانت بالضرورة , نتائج أكثر من أن تكون كارثية .
اذ تتناهى الينا , وبمنتهى الوضوح , قهقهات الحاخامات لا بد من أن يعترينا الهلع حول ما يقال من ان الطريق الى الهروب , أو الى النجاة , هو الطريق الى اسرائيل . المعابر الشرعية , وغير الشرعية , الى سوريا ستكون بمثابة المعابر الى الجحيم , كما أن البحر (وللعلم البحر الأبيض المتوسط ) سيكون مقفلاً أمامنا .
هذا كان رهان الحركة الصهيونية منذ مائة عام (الرجاء العودة الى أفكار زئيف جابوتنسكي والى طروحات الحاخام مئير كاهانا ) . الآن ثلاثي الضباع بنيامين نتنياهو وايتامار بن غفير وبسلئيل سموتريتش . ماذا في رؤوس هؤلاء ؟ الكثير الكثير حيال لبنان وسوريا . لا غزو بسبب معادلة توازن الرعب بل رهان على الانفجار الداخلي (وساستنا يعملون له بكل قواهم) .
سوريا ليست في خطر . في أقصى حالات الخطر . لبنان كذلك …
(سيرياهوم نيوز4-الديار)