| محمود الصالح
بدت جلسة الحكومة مع أعضاء المجلس المركزي للاتحاد العام لنقابات العمال هادئة على غير المعتاد، حيث كانت الطروحات تتفهم الواقع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد وكذلك ضعف موارد الخزينة، وكانت المطالب تنصب على معالجة الخلل في توزيع الموارد واستثمارها بالشكل الأمثل.
رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس أكد أن الحكومة تتأثر بما يجري في البلاد من أعباء معيشية، ولكن الحكومة في الوقت ذاته محملة بواجب وطني في إدارة موارد البلاد بشكل عقلاني، في ضوء الحصار الدولي الذي يمنع وصول أبسط مقومات الحياة إلى سورية.
وقال: إن الدعم نهج أساسي وثابت للدولة وغير وارد مطلقاً التخلي عنه أو استبداله ببدل نقدي. وتتحمل الدولة فاتورة الدعم وفق الإمكانات المتوافرة، وتعمل الحكومة على مدار الساعة لتأمين المشتقات النفطية والقمح، ونتيجة الحصار الدولي والارتفاع العالمي للأسعار لم تصلنا شحنة نفط منذ ٤٣ يوماً ووصلت كلفة لتر البنزين إلى ٤٥٠٠ ليرة.
وأضاف عرنوس: إن الحكومة تقدم الدعم لقطاع الزراعة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، وتم انتهاج سياسة مبسطة للإقراض لهذه المشاريع وتقوم مؤسسة ضمان مخاطر القروض بضمان ٧٥ بالمئة من القرض بهدف التوسع في انتشار هذه المشاريع لأنها تشكل أساسا للتنمية المحلية.
وبين رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة مستمرة في تحسين الدخل للعمال من خلال تطوير نظام الحوافز والتعويضات وربط الأجر بالإنتاج، ووضع أسس واضحة لمنح الحوافز، ما يؤدي إلى تحسين أوضاع العاملين وزيادة الإنتاج.
وعن واقع الكهرباء في البلاد أوضح عرنوس أن هذا القطاع تعرض لتخريب كبير ويحتاج إلى قطع أجنبي لإعادة التأهيل والصيانة، وهذه القطع محدودة إضافة إلى عدم وجود الشركات التي يمكنها القيام بذلك، وتعمل الحكومة الآن على توفير ما يمكن من الطاقة من خلال بدء استثمار مجموعة في محطة حلب في الشهر القادم، وجزء من محطة الرستين في اللاذقية مع نهاية العام الجاري، وفي تموز يمكن الحصول على ٥٠ ميغا من الطاقات البديلة، لكن المشكلة أن الطاقة البديلة تحتاج إلى أعمال وتكاليف كبيرة، ولذلك تم إحداث صندوق لدعم الطاقة البديلة ومنحناه مبلغ ١٠ مليارات ليرة للإقراض.
وحول استلام محصول القمح أكد رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة حريصة على شراء كل حبة قمح من جميع المناطق، وتم تحديد سعر مجزٍ للشراء من الفلاحين يحقق ربحاً للفلاح يتجاوز ٤٥ بالمئة من التكاليف.
أما بالنسبة لمسألة تثبيت عمال العقود فقد بيّن أنه لن يكون هناك تثبيت لهم، وسيكون للمسابقة المركزية التي تم الإعلان عنها وتم التقدم إليها دور كبير في معالجة موضوع عمال العقود.
وفيما يتعلق بإزالة أغلب الأكشاك والتي كانت تشكل مصدر رزق لآلاف العائلات رد عرنوس أنه من غير المقبول أن نحول الأرصفة في المدن إلى أكشاك أصبحت محلات تجارية كبيرة تنافس ما يجاورها من محلات، وخرجت عن الغاية التي منحت لأجلها، وخلال فترة قصيرة تمت معالجة كل الأكشاك بعد تحرير حلب، وتم تحويل أصحابها إلى مواقع وأسواق منظمة، وهذا ما يجب أن يتم في جميع المحافظات.
رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري أكد أن الكثير مما طرح في المجالس السابقة ومؤتمرات الاتحادات من مطالب ومقترحات أخذت طريقها إلى التنفيذ من الحكومة، حيث تم منح كل التعويضات على الراتب الحالي، ويتم العمل في وزارة المالية الآن على توحيد جميع الأنظمة المتعلقة بالتعويضات.
وأشار إلى أن أغلب المطالب العمالية تتعلق بضرورة تحسين الواقع المعيشي، مع تفهمنا للأعباء التي تتحملها الخزينة، لكن أصبح واقع العاملين في القطاعين العام والخاص صعباً جداً، وأصبحت معادلة توازن الدخل والإنفاق مستحيلة، نتيجة عجز الجميع عن ضبط الأسعار.
ولفت القادري إلى عدم السماح لأي جهة بلي ذراع الحكومة مهما كانت هذه الجهة، مشيراً إلى أن سعر بعض الزمر الدوائية وصل إلى ٣٠ ألف ليرة وهذا أكبر بكثير من قدرة معظم الناس، وأضاف: وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك صرح أن ليس من مهمة الوزارة خفض الأسعار إنما فقط توفير المواد في السوق، وهذا غير صحيح لأنه يجب العودة إلى التسعير الجبري للمنتجات والمستوردات.
وبين رئيس الاتحاد العام أن هناك أكثر من ٧٠ ألف عامل وخلفهم ٧٠ ألف عائلة مازالوا غير مستقرين وهم قلقون على حياتهم الوظيفية، رغم وجودهم في الوظيفة منذ ١٠ سنوات، وعملية تثبيتهم لن تكلف الخزينة أي أعباء.
وطلب القادري تشميل جميع عمال الإطفاء بقانون المهن الخطرة والشاقة وزيادة طبيعة العمل لهم لأنها اليوم لا تتجاوز ٥ بالمئة. ودعا إلى ضرورة الإسراع بتسديد ديون مؤسسة الرعاية الصحية العمالية المترتبة على الوحدات الإدارية، والإسراع في إقرار التأمين الصحي للمتقاعدين.
وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد سيف الدين رد على طروحات أعضاء المجلس وقال إن الجمعيات الاستهلاكية مشمولة بقانون العمل ١٧ وبالتالي لا يطبق على العاملين فيها قانون العاملين الأساسي ولا يستفيدون من زيادات الرواتب والمنح التي تقدمها الدولة، أما بخصوص تعديل قانون العمل رقم ١٧ فقد انتهت جميع مناقشاته والآن هو في لجنة التنمية البشرية في مجلس الوزراء، وسيتبعه تعديل قانون التأمينات الاجتماعية.
وزير الصناعة زياد صباغ أوضح أن هموم ومشاكل قطاع الصناعة كبيرة ومتشعبة، وهناك مبادرات كثيرة لإصلاح القطاع العام الصناعي والنتائج على الأرض تثبت ذلك، ويتم وبشكل يومي متابعة واقع شركاتنا الصناعية بهدف إعادة تأهيل ما خربه الإرهاب فيها، منوهاً بأن الكثير من الشركات حققت نتائج متميزة وخاصة في قطاع الإسمنت، حيث تمكن عمالنا من إجراء عمليات صيانة وتأهيل وفرت عشرات ملايين الليرات، والاستغناء عن الاستيراد، وهذه الجهود مقدرة ومشكورة. وأضاف: إن هناك توجهاً حكومياً بعدم رفع أسعار إنتاج القطاع العام رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وزير المالية كنان ياغي بين أن منح التعويضات يتم وفق أنظمة خاصة في ثلاث مجموعات وصدر القانون الأخير وتم تعديل تعويض المسؤولية المالية لعدد من المؤسسات وأصبحت نسبة من الأجر الحالي، أما بالنسبة للسائقين فإن تعديل تعويضاتهم ليست من اختصاص وزارة المالية وهي مسؤولية وزارة النقل.
وبخصوص توقف تسليم رواتب عمال شركات الكهرباء والتعمير والأعلاف في الرقة استغرب الأمر مؤكداً أن هناك قطبة مخفية في الموضوع لأن الوزارة قد أعطت الموافقة على صرف الرواتب والموضوع متعلق في وزارات تلك الشركات ومحافظ الرقة.
وبالنسبة لتعطل أغلب الصرافات بين وزير المالية أن هناك مشكلة مركبة فيما يتعلق بالصرافات جزء منها يتعلق في الكهرباء وجزء في الإنترنت وعدم توافر قطع التبديل.
وعن حل التشابكات المالية بين الجهات الحكومية أوضح ياغي أن ذلك يتم سنوياً ومن ثم تعود تلك التشابكات من جديد نتيجة ارتفاع الأسعار.
وعن إعفاء الحد الأدنى للأجور من ضريبة الدخل بين وزير المالية أن القانون أصبح في مجلس الوزراء وفي طريقه للصدور وسيكون بصيغة دائمة أي إن الإعفاء من ضريبة الدخل سيشمل دائماً الحد الأدنى للأجور مهما ارتفع هذا الحد في المستقبل. وأضاف: بالنسبة لعمال الإطفاء ستكون ٣٥ بالمئة في جميع الجهات العامة التي لديها عمال إطفاء.
وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف أكد أن معالجة وضع الأكشاك في البلاد صدر به قرار من وزارة الإدارة المحلية منذ ثلاث سنوات وليس الآن، ولم ينص القرار على إزالة الأكشاك إنما حدد حق الاستفادة منها بهدف إلغاء استفادة المتنفذين منها والذين حصلوا على تلك الأكشاك باستثناءات من المحافظين والوزير، ومنحها لذوي الشهداء والجرحى، ونتيجة ازدياد عدد ذوي الشهداء والجرحى أصبحنا بحاجة إلى تنظيم توزيع هذه الأكشاك لتحقيق الغاية المرجوة منها، لكن من قام بإزالة تلك الأكشاك هي المحافظات وليس الوزير.
وعن النقل الجماعي للعاملين فقد قطعنا خطوات لا بأس بها وهناك ٧٠ ألف عامل في جميع المحافظات تم تأمين النقل الجماعي لهم وبقي ١٥ ألفاً نعمل بالتعاون مع المحافظين على تأمين النقل الجماعي لهم. وفي دمشق يتم نقل ١١٢٧٨ عاملاً.
أما بالنسبة للنقل الداخلي وقال: كان لدينا قبل الأزمة عدد كبير من الباصات خرج منها ألف باص نتيجة سرقتها وتدميرها من المجموعات الإرهابية، والآن خصصت الحكومة ثلاثة مليارات لإصلاح جزء من الباصات التي خرجت من الخدمة وهناك ١٠٠ باص جديد سيتم استلامها بعد العيد إضافة إلى ١٠٠ باص سيتم إعادة تأهيلها ووضعها في الخدمة.
وزير الأشغال العامة والإسكان سهيل عبد اللطيف أشار إلى أهمية إعادة هيكلة شركات القطاع العام الإنشائي والعمل على إعادة النظر في الخلل البنيوي الذي حصل في هذه الشركات، مؤكداً أن إعادة الهيكلة سينعكس إيجاباً على مصلحة العمال. لافتاً إلى أنه يتم العمل في جميع الوزارات لإعادة تشميل فئات من العاملين للاستفادة من قانون المهن الشاقة والخطرة وفق معايير محددة وعادلة.
وبين أنهم في طور إحداث فرع خاص بالطاقات المتجددة لدى الشركة العامة للشبكات وأعمال الكهرباء.
وعن تكاليف السكن العمالي أوضح عبد اللطيف أنه أقل من جميع فئات السكن الأخرى بنسبة كبيرة لأنه تم إعفاء مشاريعه من تكاليف الإشراف وقيام كوادر المؤسسة العامة للإسكان بالإشراف عليها، كذلك يسدد العامل عند استلامه المسكن ١٠ بالمئة من قيمته ويتم تقسيط الباقي على ٢٥ سنة.
وزير الصحة حسن غباش أكد أن اللجنة المكلفة إعادة وضع تعرفة جديدة للأطباء والوحدات الطبية ستجتمع أول يوم إثنين بعد العيد وستكون هذه التعرفة محققة لمصلحة الجميع.
ونفى غباش أن يكون رفع أسعار الأدوية يتم في الخفاء، مبيناً أنه منذ شهرين كنا نعاني من قلة الكثير من الزمر الدوائية وخاصة الصادات وتم تعديل التكاليف الحقيقية وإقرارها ووضعت معادلات جديدة لذلك، وبين أن عمليات الرقابة على الصيدليات في ذروتها وتم مؤخراً في دمشق القيام بـ٥٧ جولة رقابية شملت ١٩١ صيدلية وفي حمص ١٥٨ جولة وفي طرطوس ٦٦٠ جولة وفي اللاذقية ٨٥ جولة وفي حلب ١٠٨ جولات.
أما بخصوص الأسعار الجديدة فهي منطقية في ضوء التكاليف ولدينا في وزارة الصناعة شركة تاميكو تضع الأسعار بموضوعية وهناك زمرة إزيترومايسين في تاميكو ٤ آلاف ليرة وكانت في القطاع الخاص ألفي ليرة وتم رفعها إلى ٣٥٠٠ ليرة.
وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم قال: لا يجوز أن نسمع مصطلح الرفع التدريجي للدعم لأن هذا الموضوع إستراتيجي ودائم وغير قابل للتراجع عنه وهذا قرار وطني، وليس مطروحاً لا الرفع التدريجي ولا المفاجئ ولا المجتزأ، والشرائح التي تم استبعادها من الدعم استبعدت نتيجة الدخل وكل حالات الاعتراض المحقة أعيد لها الدعم.
وعن التسعير الجبري بين سالم أنه غير قانوني لأن القانون ٣٧ الذي حدد مهام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نص على أن مهمتها محددة بتحقيق انسياب المواد في الأسواق واعتدال الأسعار.
وبين أن مادة الزيت مفقودة حتى في معامل الزيوت، وبعد العيد مباشرة سيتم استلام عشرة ملايين عبوة زيت من السورية للتجارة، وأسعار الزيت التي نبيع بها غير موجودة في أي مكان في العالم، وتلخصت مداخلات أعضاء المجلس حول القضايا المعيشية والعمالية.
نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال رفيق علوني قال: أصبح موسم الأعياد يشكل علامة فارقة في حياة الناس نتيجة الأسعار الجنونية، وعلى الحكومة أن تلجأ إلى التسعير الجبري لجميع البضائع في الأسواق. وأضاف إن العائلة تحتاج لتأمين ضروريات الحياة إلى مبلغ يصل إلى 1.5 مليون ليرة شهرياً.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن