آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » جنوب الشعب الواحد

جنوب الشعب الواحد

أيهم السهلي

 

 

حين دخل حزب الله في اليوم التالي للعدوان الذي شنته إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، باسم الإسناد، لم يدخلها لأنه غريب أو منفصل عن المقاومة الفلسطينية. بل دخلها لأنها من الجسد الواحد، وليس المقصود الجسد المقاوم فقط، بل الشعب الواحد المتآخي والمتعاضد منذ كانت هذه المنطقة ككل.ولعل المقاومين في حزب الله هم أكثر من يعون الجملة السابقة، ولا سيما أنهم يعرفون فلسطين أكثر من كثير من الفلسطينيين المزروعين في الأرض، فهؤلاء دخلوا فلسطين مراراً وتكراراً مستطلعين مراقبين ومهيئين الظروف للحظات الكبرى (هل نحن فيها؟). وهؤلاء الذين يحملون السلاح إيماناً، هم «أصدق إنباء من الكتب». وهم الذين أطاعوا عقولهم وقلوبهم في قبول التحدي الكبير الذي قرروا مواجهته منذ اللحظة التي قرروا فيها أن يكونوا في صفوف المقاومة. ومثل هؤلاء في فلسطين، فالجمع المقاوم بين لبنان وفلسطين يقدرون على فهم بعضهم، ويتلقّون من بعضهم الرسائل التي يرسلونها بالنار على العدو.

إن ما يحدث بالنار في لبنان منذ 11 شهراً، وتحديداً في الأسبوع الماضي وصولاً إلى اليوم، يؤكد أمراً كبيراً، وهو أن إسرائيل كانت لـ «تحتمل» حزب الله موجوداً في الجنوب، لكن من دون فاعلية، عبر خطابات يطلقها أمينه العام السيد حسن نصرالله، أما أن يكون فاعلاً، وعند مستوى القول، فهذا ما لا تطيقه إسرائيل، فمعضلتها الرئيسية أن تتوحد المقاومة، وهي موحدة، لكنها لم تمارس فعلاً علنياً بحجم كبير إلا ابتداء من 8 تشرين الأول 2024. ولمّا قامت بهذا الفعل، ما كان لإسرائيل أن تحتمل، ليس الفعل نفسه، إنما ما سيترتب عليه في المراحل القادمة، بدءاً بأن فكرة الاستفراد بقوى المقاومة تكون قد انكتبت لها النهاية.

أيضاً فإن هذا التفاعل والتآزر والإسناد، سيطبق على إسرائيل في يوم من الأيام، وسيؤدي مؤداه. وما تفعله إسرائيل اليوم، من حرب إبادة، محاولة كسر المقاومة وإنهاءها، وتحويل المنطقة إلى تابعة وخاضعة بالكامل لها، عبر فرض شروط «المنتصر». لكن ما تريده ليس بالإمكان، فلن تستسلم المقاومة في فلسطين أو لبنان، وأظن أنها لا تجرؤ على ذلك، فالشعوب ستلعنها حتى يوم الدين، ولا سيما بعد التضحيات التي قدمتها هذه الشعوب.

ولعل هذا الأمر يشكل معضلة حقيقية أمام إسرائيل، إذ إنها ورغم وجودها منذ 76 عاماً في المنطقة، لم تفهم شعوب هذه المنطقة، وعلاقاتها ببعضها، ولن تفهم علاقة هذه الشعوب بالأرض، وبمن يدافعون عن الأرض. أما لماذا لن تفهم ذلك، فإن الأسباب كثيرة، منها نمط الإنتاج الرأسمالي لديها، والعلاقات الاجتماعية المتشكلة في هذا النمط الإنتاجي. وطالما أنها لم تفهم هذه المسائل، ولن تفهمها على الإطلاق، بسبب العقل المتغطرس، فإن الخير في مصلحة المنطقة، وقواها الحية.

إن ما نحن في صدده اليوم من حرب بدأت تفتح أبوابها على لبنان، يؤشر بشكل جدي إلى أن هذه المنطقة محمولة على شعوبها وقواها المقاومة فقط. ولأن هذه المقاومة جزء من شعبها، فالجنوب الملتصق بالشمال بحكم الجغرافيا، قائم أيضاً على تاريخ مشترك يحييه حاضر أبدي للحرية.

 

* كاتب فلسطيني

 

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل يعلن ترامب الحرب على الصين؟

نور ملحم في وقت يستعد فيه الجيش الأمريكي لحرب محتملة ضد الصين، ويجري تدريبات متعددة لمواجهة ما سُمي بـ«حرب القوى العظمى»، بدأت بكين في بناء ...