الرئيسية » تحت المجهر » «جنود الرب»… بدايات الأمن الذاتي؟

«جنود الرب»… بدايات الأمن الذاتي؟

| رضوان مرتضى

«جنود الربّ» اسمٌ لمجموعة لا يزيد عدد أعضائها على مئة، وهم منظّمون بشكل جيد ويرتدون لباساً موحّداً ويتلقّون تمويلاً من مصدر واحد. وقد ذاع صيت الجماعة أخيراً إثر نشاط معادٍ للمثلية الجنسية في منطقة الأشرفية، إلا أنّ اسمها سبق أن تردّد في أحداث أمنية عدة. فهل هناك أيدٍ تحرّك هذه المجموعة أم أن التعبئة الدينية والتحريض السياسي أوجدا البيئة المناسبة لنموّها على طريق تحقيق الأمن الذاتي؟ وهل هناك أي ارتباط بينها وبين جهاز أمن القوات اللبنانية؟

في «جريمة الطيونة»، في 15 تشرين الأول 2021، عندما أطلق عناصر القوات اللبنانية النار على متظاهرين، ما أسفر عن استشهاد سبعة وجرح العشرات، بيّنت محاضر التحقيقات التي أجرتها استخبارات الجيش أنّ أفراد مجموعة تُطلق على نفسها اسم «جنود الرب» قاموا في الليلة السابقة للكمين بكتابة شعارات دينية ورسم صلبان في عدد من أحياء المنطقة الشرقية لشدّ العصب الطائفي. وترافق ذلك مع تحريض على وسائل التواصل الاجتماعي. وبحسب المحاضر، انتشر كثر من هؤلاء و«هم في حالة تأهّب من دون سلاح ظاهر» في عدة نقاط. كما أوردت المحاضر أسماء أفراد ينتمون إلى هذه الجماعة شاركوا في إطلاق النار، وأشارت إلى أن هؤلاء مرتبطون برئيس مجلس إدارة مصرف سوسيتيه جنرال أنطون الصحناوي ويتلقّون تمويلاً منه.

قبل شهرين من ذلك، في آب 2021، ولدى مرور مسيرة دعت إليها لجنة أهالي ضحايا المرفأ قرب مركز للقوات في الجميزة، وقع تلاسن بين شبان شيوعيين كانوا في المسيرة وآخرين قواتيين انهالوا عليهم بالضرب وطعنوا أحدهم، ما أدى إلى إدخاله المستشفى. ورغم ترديد شعارات «وحدها بتحمي الشرقية القوات اللبنانية»، تؤكد معلومات أمنية أن عناصر من «جنود الرب» كانوا بين المعتدين.

ورد اسم «جنود الرب» في التحقيقات في أحداث كمين الطيونة

تأسّست هذه المجموعة التي تحمل فكراً يمينياً في تشرين الأول 2020 في كرم الزيتون على يد جوزيف منصور، وما لبثت أن انتشرت في الأشرفية وامتدّت إلى جل الديب وزحلة. وهي تهدف إلى تشكيل مجموعات قادرة على «حماية المناطق المسيحية والدفاع عنها». وتؤكّد المعلومات أنّ أفراد الجماعة يتقاضون مبالغ شهرية من الصحناوي على شكل رواتب، وأنه جرى توظيف معظمهم كعناصر أمن في فروع مصرف «سوسيتيه جنرال»، علماً أنّ غالبيتهم من خلفيات سياسية وعقائدية مؤيّدة لحزبي القوات والكتائب. ويبرز إلى جانب مؤسسها، سبع الحداد الذي ينشط في الاستقطاب والتوجيه والتعبئة، وهو يقود مجموعة شبان في برج حمود، وورد اسمه في تقارير أمنية لقيامه بقطع طرق والتحريض.

وفيما تفيد مصادر أمنية بأنّ الصحناوي بدأ يسحب تأييده الظاهر للجماعة بعد ادّعاء أحد قضاة التحقيق على أفراد منها بتشكيل «عصابة مسلّحة تُعرف باسم جنود الرب» إثر حادثة إطلاق نار، أكّدت تقارير أنّ أعضاء المجموعة وُزّعوا على كلّ فروع «سوسيتيه جنرال» بعد تزايد عمليات اقتحام المودعين لفروع بعض المصارف. وتشير المعلومات الأمنية إلى أنّ ف. س.، أحد كبار الموظفين في المصرف، هو من يتولى التنسيق مع المجموعة التي توجد لدى الأجهزة الأمنية تقارير مفصّلة عن أسماء أعضائها وخلفياتهم وتحركاتهم، علماً أنّ بينهم رتباء وضباطاً من أحد الأجهزة الأمنية يساهمون في تدريبات رماية يُجريها هؤلاء. كما أن هناك معلومات عن تنسيق مع شركة أمنية تخضعهم لتدريبات بشكل دوري.
وتنقل التقارير أنّ الجماعة تعادي كل ما هو غير ديني وعلماني ويساري وشيوعي، إلى جانب اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين… والعونيين! كما يرفضون الزواج المدني والمثلية الجنسية والإجهاض، ويحاربون تجارة المخدّرات باعتبارها من «أعمال الشيطان»، علماً أنّ بينهم أفراداً ذوي سوابق في تعاطي المخدّرات. وتقوم التعبئة التي يعتمدها أفرادها على تمجيد الحروب الصليبية، ويرفقون منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي باقتباسات من الإنجيل عن علاقة الناس بالربّ وكيف يجب أن يكونوا جنوداً له على الأرض للدفاع عن مقدّساتهم.
وتشير تقارير الأجهزة الأمنية إلى أن الجماعة تتلقّى دعماً دينياً من الأب نقولا شلهوب كاهن رعية الشيخ طابا للروم الأرثوذكس والأب طوني رزق من زحلة (نُشر فيديو له أثناء اشتراكه في إشكال بين عناصر من القوات وآخرين من حزب الله في الانتخابات النيابية الأخيرة في زحلة)، والأب روجيه كرم. كما تذكر المعلومات أنّ أفراداً من الجماعة تمّ توظيفهم في شركة أمنية في الأشرفية تُدعى AMN security، بالشراكة مع جمعية «أشرفية 2020» التي يُشرف عليها النائب نديم الجميل.
التقارير الأمنية تتحدث عن هذه الجماعة بوصفها «جماعة متطرّفة مسيحياً قد تشكّل خطراً في المستقبل» رغم أن نشاطها «لا يزال يقتصر على حماية ما تعتبره مناطقها من الدخلاء والفكر الذي يعارض تعاليم الكنيسة».
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حلفاء كييف يستعدون للأسوأ: «التنازل» عن الأراضي حتمي؟

ريم هاني       لم يعلن أي من الرئيسين، الأميركي المنتخب دونالد ترامب، أو الروسي فلاديمير بوتين، عن شروطهما التفصيلية لإنهاء الحرب في أوكرانيا ...