آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » جنون الذهب مستمر… ما وراء الموجة التاريخية الحالية؟

جنون الذهب مستمر… ما وراء الموجة التاريخية الحالية؟

 

نور البيطار

 

في عام استثنائي يكتبه الذهب، لم يتوقف المعدن الأصفر عن مفاجأة المستثمرين! فمنذ مطلع السنة ولغاية اليوم، سجلت الأونصة ارتفاعاً يفوق 50%، ونجحت في كسر حاجز 4,000 دولار لأول مرة في تاريخها الحديث، بعدما انطلقت من نحو 3,800 دولار في بداية تشرين الأول/أكتوبر الحالي.

 

هذا الصعود ليس مصادفة، بل نتيجة تلاقي عوامل عدة، اقتصادية وجيوسياسية، دفعت المستثمرين والبنوك المركزية الى التموضع في الملاذ الآمن.

 

 

 

 

 

ما هي هذه العوامل؟

 

– الدولار تحت الضغط

يواجه الدولار الأميركي ضغوطاً كبيرة، ووصل إلى مستويات دعم غير مسبوقة منذ نحو 14 عاماً، ما يزيد جاذبية الذهب كملاذ بديل ضد خامات العملات. كما أن تراجع بيانات سوق العمل في الولايات المتحدة والضبابية في الأرقام، تؤجج التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يلجأ إلى خفض آخر لأسعار الفائدة قبل نهاية العام الجاري، وهذا يُساهم في رفع السعر الحقيقي للذهب. هذا الاتجاه مدعوم من تحليلات باتت ثابتة لدى بعض المؤسسات، تقول إن الذهب سيستفيد بشكل أكبر إذا بدأت دورة التيسير النقدي مجدداً.

 

– شراء البنوك المركزية وتغيير هيكل الاحتياطيات

ليس المستثمرون العاديون من يقود القاطرة؛ فالبنوك المركزية حول العالم، وخصوصاً في الاقتصادات الناشئة، مستمرة في تجميع الذهب كجزء من تنويع احتياطاتها بعيداً من الدولار. فعلى سبيل المثال، في آب/أغسطس الماضي، أضافت هذه البنوك صافي 15 طناً إلى احتياطاتها عالمياً بعد توقف موقت في تموز/يوليو. كما يُشير تحليل Goldman Sachs إلى أن الطلب البنكي سيكون ركيزة أساسية تدفع الذهب نحو مستويات قياسية جديدة.

 

– التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين العالمي

تضيف الحروب والنزاعات والعلاقات التجارية المتوترة عنصر الخوف إلى المعادلة. ففي ظل المخاطر الاقتصادية والمالية المتزايدة، يتجه المستثمر إلى الذهب باعتباره تحوطاً ضد الصدمات. كما أن الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة وتأجيل نشر بيانات اقتصادية مهمة زادا من حالة الضبابية وحفّزا التفاؤل بالمعادن الثمينة.

 

– تدفقات الأموال إلى صناديق الذهب (ETFs) والسيولة العالمية

ضخّ المستثمرون الأفراد ومؤسسات المال استثماراتهم في صناديق تتبع الذهب، ما أدّى إلى ضخ سيولة جديدة في السوق. هذا السلوك يدعم غالباً اتجاهات السعر لأنه يخلق طلباً مفتوحاً على المعدن الفعلي.

 

والآن.. إلى أين؟

في الوقت الحالي، تركز الأنظار على مستوى 4,115 دولاراً كعتبة مقاومة رئيسية. إذا نجح الذهب في اختراقه بثبات، فقد يواصل اختراق سقوف جديدة. أما في حال فشل، فقد نشهد تصحيحاً سعرياً موقتاً أو تراجعاً نحو مستويات الدعم الفنية.

 

لكن التحليلات المتخصصة تُشير إلى أن الذهب قد يستمر في المسار الصاعد – لكن بوتيرة أكثر تحفظاً – إذا بقيت عوامل الخطر قائمة. ووفقاً لتقرير منتصف العام من World Gold Council، قد يتحرك الذهب جانبياً مع احتمال ارتفاع إضافي بنسبة 0-5% في النصف الثاني من 2025، مع إمكان تصاعده إلى 10-15% في حال تدهورت الأوضاع الاقتصادية أو ضاعفت الأطراف النزاعات الجيوسياسية المخاطر.

 

من جهة أخرى، يحذر محلّلون في بنك “أوف أميركا” من أن الذهب قد يكون “مبالغاً في الشراء” الآن، ما يعرضه لاحتمال تصحيح قوي إذا ظهرت إشارات ضعف في الزخم. أما غولدمان ساكس فرفع هدفه لعام 2026 إلى 4,900 دولار للأونصة، مدعومة برغبة البنوك المركزية والتدفقات المؤسسية.

 

إن الارتفاع الحالي للذهب ليس مجرد فقرة عابرة، بل يُعدّ جزءاً من تحول أوسع في سلوك المستثمرين وحيازة الأصول. لكن هذا لا يعني أن الطريق سيكون سلساً! فالفجوات الفنية، وذروة الشراء، وضغط السيولة قد تؤدي إلى موجات تصحيحية.

 

إذا كنت مستثمراً، فقد يكون من الحكمة:

– اقتناص الفرص عند الارتدادات السعرية.

– وضع حماية (Stop-loss) عند مستويات الدعم الفنية.

– تنويع المحفظة بحيث لا تعتمد بالكامل على الذهب، فحتى الذهب قد يُصغّر دوره في فترات الارتداد الحاد.

 

في النهاية، سنشهد في الأيام المقبلة إن كان الذهب سيكتب فصلاً جديداً في الصعود أو سيُجبر على إعادة اختبار قواعده.

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

سوريا تشارك في الاجتماع السنوي الأول للشبكة الإقليمية لاسترداد الأصول والمنعقد بالسعودية

بمشاركة سوريا، انطلقت اليوم أعمال الاجتماع العام السنوي الأول للشبكة الإقليمية لاسترداد الأصول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا – أرين)، وذلك في مدينة جدة ...